المعطيات القديمة الجديدة في لبنان
المعطيات القديمة الجديدة في لبنان,
تنذر بكوارث مرعبة لن تنجو منها سورية
كما يعتقد البعض
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
إن ما يجري في لبنان يذكرني بفيلم عرضته إحدى القنوات الإسرائيلية سنة 1985 عنوان الفيلم (عارية لمرة واحدة) يتحدث الفيلم عن فتاة شابة جميلة يوهمها مصور بأنه سوف يلتقط لها صور عادية , مقابل أجر لعرضها في إحدى المجلات النسائية
وخلال التصوير يلتف حولها مجموعة من المصورين , وبواسطة الترغيب والإقناع والإلحاح وأحياناً التهديد , ومكنهم ذلك الأسلوب من الحصول على كل الذي يريدونه
وحزب الله الصنيعة الإيرانية والإسرائيلية بآن واحد , والذي استقبل الغزو الإسرائيلي للبنان سنة 1982 بالورود والزغاريد لضرب المقاومة الفلسطينية في لبنان ومن يساندهم , ليخلو له المكان
فلن نعود لماضيه ولا لماذا نشأ ولكن الذي يهمّ الآن هو :
أن حزب الله بعد تمرده على صانعه والداعم الحقيقي له إسرائيل , فكانت حرب 2006 لتربيته وإعادته إلى الطريق المحدد له , وقد عاد لرشده والتزم بالخط المرسوم له من قبل , وتحول للداخل اللبناني
فبدأ بجريمة اغتيال رفيق الحريري رحمه الله وتوالت الإغتيالات بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان
وتحول في الظاهر للعمل السياسي في الداخل , ووجد الدعم المادي والمعنوي من الشعب العربي , ووضعته إسرائيل حاميا لحدودها الشمالية , ومكملاً بذلك الجيش السوري الحماية للحدود الإسرائيلية
وبدأ يلعب بالداخل لعبة التعري للحكومة اللبنانية , مرة في اجتياح بيروت وأخرى في المطار والتهديد علنا بالقتل
وقامت ثورة زعيمه عندما اتهم بعض عناصر الحزب بعملية اغتيال رفيق الحريري , حسب ما سرب من القرار الظني للمحكمة الدولية
فلم تكن تلك ثورة البريء , ولم تكن تلك المعطيات التي قدمها في مؤتمره الصحفي إلا:
حجة ليقدمها أمام الناس , وهذه الحجة ستكون له الغاية للسيطرة على لبنان وتكوين الدولة الشيعية التابعة لولاية الفقيه
والتهديد مستمر ولم يبق أمام الحريري إلا ما يستر عورته وهو المحكمة الخاصة بأبيه , فإن تنازل عن ذلك الحق يكون قد تعرى بالكامل وتكون له مرة واحدة فقط لا غير
وحزب الله لن يقف بعدها مقدراً تلك الخطوة من قبل الحريري وإنما يصبح الطريق أمامه ممهداً كاملا للسيطرة على لبنان
فكل الدلائل العقلية تشير إلى أن من نفذ عمليات القتل المختلفة كانت منسقة بين حزب الله وإسرائيل وإيران , والنظام السوري قد يكون آخر من يعلم بالأمر , لأنه ليس له وزن يذكر عند الفرقاء الثلاث
فلو كان حزب الله بريئاً من تلك الجرائم , لكان من السهل عليه أن يدعم المحكمة للنهاية , وإن لم يدعمها , فعلى الأقل لا يقف ضدها ولا يعترض على مسيرتها لبراءته من دم الضحايا
والذي يعيق حزب الله من الإنقلاب الآن هو المحكمة , ولن يتوانى عن الإطاحة بالحكومة والسيطرة على لبنان , إن كان القرار الظني يشير لاتهامه في تلك الجرائم , ولو أسقط الحريري حقه فالنتيجة واحدة
وسيظهر أحمدي نجاد البطل المحرر للبنان كما ظهر خاتمي ووزير خارجيته وبعده أحمدي نجاد أنه حاكم العراق هدية من الأمريكان
ويكون الإنقلاب أمر داخلي ليس للدول الحق التدخل في شؤون لبنان الداخلية , وتحط ولاية الفقيه فوق لبنان وتصبح التصفيات الجسدية علنية أو سرية , قد تكون الإحتجاجات من منظمات حقوق الإنسان والدول تريد الهدوء وعدم الإضطراب في الشرق الأوسط ويستقر لبنان وتستقر أوضاعه الداخلية
وقد يسأل سائل
هل الشعب اللبناني يرضى بالواقع الجديد؟
في لبنان طوائف رئيسية أربع:
فالشيعة متفقين تحت راية حزب الله وحتى أمل وكان ذلك واضحا في اجتياح بيروت . ويقف معهم عون ومن معه من المسيحيين , والحزب القومي السوري الصبغة الخالصة لنظام دمشق , وقسم من السنة وقسم من الدروز
ما تبقى لن يكون عائقا
لأن القوة تطغى على الحق إن وجدت في يد من يمتلك الباطل
والنظم العربية الحاكمة كل واحد منهم همه مزرعته وتجارته وأمواله , والكرسي محفوظة بدماء الأبرياء
ولن يبق أمام اللبنانيون السنة والباقي من الطوائف المعارضة لحزب الله إلا القتل أو السجن أو التشريد
وخامنئي يدوس بقدميه علم لبنان ليحل مكانه شعار النار الموجود على علمهم الفارسي
في العراق كان عدد السنة قد يفوق عدد الشيعة , وبعد الغزو أصبحوا طائفة قليلة
فهل يعقل أن يكون عدد النواب في العراق سنة 2005
135 نائباً إيرانيا وليس عراقيا
ويبقى النظام السوري في علاقته مع النظام الفارسي وولاية الفقيه مخيرا من قبل الفقيه , والشعب السوري قد دجن منذ زمن بعيد , فلا سبيل أمامه إلا الخنوع كالذي اعتاد عليه
إما أن تكون تحت قداسته نظراً للتماثل الطائفي , أو مصيرك مصير الحريري أو صدام حسين
فطهران منذ زمن ليس بالقصير تفعل ما تشاء على الأراضي السورية , بعلم النظام أو بدون علمه فلا قيمة لذلك عند الإيرانيين
أما اللبنانيون يستطيعون وقف ذلك إن رفضوا هيمنة الشيعة في لبنان , والسيد سعد الدين الحريري عليه الخيار بين أمرين
1- إن كان يجد في نفسه القوة وأنه أهل للمرحلة القادمة في أن لا يتنازل عن أي حق من حقوقه وحقوق من معه من الموالين في 14 آذار , فليقلع عن أسلوب المهادنة والتعري من ثيابه قطعة - قطعة وحتى لو أدى الأمر لحرب بين الطرفين .
لأنه في هذه الحالة يمتلك الحق ويمتلك القوة , لأن القوة تزداد بالحق والحق يعلو بالقوة. فمهما علت التضحيات في مثل هذه الحالة ستكون أقل بكثير من التراخي والبعد عن شبح الخوف والتخويف التي يقوم فها حزب الله ويربح المعركة إعلامياً وبدون قتال
2- وإن لم يجد عنده المقدرة على ذلك فليترك الأمر لمن يرى عنده تلك الأهلية , ولبنان ليس سهلا لكي لا يوجد فيه من يتحمل الأمر , أي أمر المواجهة مع الطرف الآخر.
و أحمدي نجاد والزيارة المرتقبة للبنان , سيذهب كما يقال للحدود مع الكيان الصهيوني ويرمي حجراً من هناك
وما تلك الحجر إلا تعبير رمزي بين اليهود في كون نجاد يهوديا ليقول فيها
هذه هي حجر الأساس للدولة اليهودية الممتدة من باكستان إلى القدس , فضعوها مكان وقوعها.

