السلطة الفلسطينية وانفجارات غزة
د. ياسر سعد
ما يحدث في فلسطين أمر محزن ومثير للألم, فالمجتمع الدولي ودول عربية أدارت ظهرها للقضية الفلسطينية ولمعاناة أهلها. وكالة الغوث الدولية -أونروا- قالت إن الفقر في قطاع غزة وصل مستوى غير مسبوق، وأن أكثر من نصف العائلات تعاني الفقر، فيما بلغت نسبة البطالة 45%. فيما ذكر تقرير أعدته لجنة من برلمانيين بريطانيين بأن هناك نقصا في السلع الأساسية في القطاع، وانتقد التقرير اللجنة الرباعية بسبب عدم ممارستها ضغوطا لرفع الحصار, معتبرا أن إسرائيل لم تف بالتزاماتها الدولية, واصفا إجراءاتها بالعقوبات الجماعية.
وعلى الرغم من الهدنة ومن التزام الفصائل بها فإن القطاع ما يزال محاصرا, وضحاياه من المرضى يتساقطون جراء نقص الأدوية, فيما السلطات المصرية تحكم إغلاق معبر رفح رافضة ولعدة أيام السماح لشاحنة مساعدات طبية اسكتلندية من دخول القطاع.
في الجانب الأخرى من الصورة يأتي التمزق الداخلي ليزيدها قتامة وسوداوية. انفجارات غزة زادت من درجة الاحتقان الداخلي وفجرت حرب تصريحات جديدة. فقد اتهمت حماس تيار محمد دحلان – والذي ظهر على يمين عباس في صلاة الجمعة الماضية– في فتح بالوقوف خلف الانفجارات وهندسة موجة جديدة من الفلتان الأمني. واستشهد مسؤولوا حماس ببيان كتائب العودة التابعة لفتح وبطريقة تعامل تلفزيون فلسطين مع خبر مجزرة شاطئ غزة بنقل صورها كخلفية لأغنية "يا ثوار فتح", على تورط فتحاوي بالحادثة.
مصادر السلطة حملت بدورها الخلافات الداخلية في حماس مسؤولية انفجارات غزة. وقال ناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، انه في الوقت الذي قرر الرئيس عباس الدعوة للحوار، يتم الإعلان عن ضحايا في حادث انفجار غامض في غزة, معتبرا اتهامات حماس تغطية على صراعاتها الداخلية. الموقف الرئاسي عجيب, فنحن لا نعلم أن السلطة قد دعت في هذا الوقت للحوار ولكننا ندرك أنها ومن خلال ضغوط خارجية عاجزة عنه, بينما لا تتوقف عن مفاوضة الإسرائيليين رغم التوسع الاستيطاني والتوغلات العسكرية والاستمرار ببناء جدار الفصل.
الانقسام الفلسطيني والذي يضر بشدة بالقضية الفلسطينية يتحمل وزره الطرفان المتنازعان. غير أن النصيب الأكبر يقع على السلطة والتي رفضت التعاون مع لجنة التحقيق العربية في الصيف الماضي وتضع شروطا تعجيزية أمام الحوار الوطني ولم تكلف نفسها تفنيد تقرير مجلة أفانتي فير الأمريكية والوثائق التي كشفتها عن مخطط انقلابي سابق بقيادة دحلان.
السلطة ارتضت بمفاوضاتها المتواصلة أن تُظهر الدولة العبرية بالطرف الحريص على السلام -لتحقق انجازات دولية- وأن تكون جسر التطبيع بينها وبين العالم العربي كما حصل مع جلال الطالباني باليونان وفي مؤتمر المتوسط بباريس والذي ذكره الرئيس الفرنسي ساركوزي في كلمته بالكنيست كمشروع يهدف لدمج إسرائيل في المنطقة.
ما يحدث في غزة خطير وسيكون له تداعيات كبيرة, على الدول العربية التدخل السريع والضغط على الأطراف الفلسطينية لبدء حوار برعاية عربية يخفف من الاحتقان ويمنع صراعا فلسطينيا ستكون له انعكاسات سلبية على مجمل المنطقة.