لابد من شعارات براقة، تبيح سحق الشعوب

ماجد زاهد الشيباني

لابد من شعارات براقة، تبيح سحق الشعوب

بأيدي حكّامها.. ولابد من مصفقين لها !

ماجد زاهد الشيباني

1)    لكي تنجح عملية سحق الشعب ، بيد حاكمه ، يجب أن تتوافر لدى الحاكم ، صفات معيّنة ، من أهمّها:

·  أن يكون مفروضاً على شعبه ، بقوّة السلاح ! سواء ، أفرضَ نفسَه ، أم فرضته قوّة أخرى ، خارجية ، أوداخلية ! لأن الحاكم المنتخب شعبياً ، بصورة حرّة نزيهة ، في مناخ ديموقراطي حرّ، لايستطيع فعل ذلك ، لخوفه من العزل ، أو الثورة ضدّه ، أو التشهير به في وسائل الإعلام !

·  أن يمتلك صفات وخصائص ، تجعل منه طاغية ، منها : القسوة ، وانعدام الضمير، والطموح المفرط ، والاستعداد النفسي لارتكاب الجرائم ، بشتّى أنواعها !

2)    الشعارات التي رفعها الحكّام المستبدّون ، في منطقتنا ، في العصر الحديث ، والتي خنقوا شعوبهم ، أو سحقوها ، في ظلالها ، أو أصدائها .. كثيرة ، متنوّعة ، منها :

·  شعارات: التمدّن والتحضّر، والرقيّ والازدهار.. في مقابل التخلّف والرجعية، والانغلاق والجهل!

·  شعارات : التحرّر من الاستعمار، ومحاربته ، وإزالة آثاره !

·  شعارات : الوحدة ، والقومية ، والوطنية ، والحرية ، والاشتراكية ، والعدالة الاجتماعية !

·  شعارات : الصمود والتصدّي ، في مواجهة العدوّ الصهيوني ، وحليفته أمريكا .. ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة !

·  شعارات : الممانعة ، والتطوير، والاستقرار، والوحدة الوطنية !

3)    بعد أن دخلت إيران ، لاعباً أساسياً ، في المنطقة العربية.. برزت شعارات أخرى ، قديمة متجدّدة ، من أهمّها:

·  الوحدة الإسلامية : ( أو وحدة أهل الملّة والقبلة !) وهو شعار قديم ، لم يجد له من يطبّقه ، أو يحمله على محمل الجدّ ، من الحكّام ، حين طرح بعد سقوط الدولة العثمانية ، برغم متاجرة بعضهم به ، فترة من الزمن! إلاّ أن له ، اليوم ، نكهة خاصّة ! لأن ثمّة دولة قويّة ، في المنطقة، تسمّي نفسها : الجمهورية الإسلامية ، وتقوم على مذهب معيّن ، تسعى إلى نشره وتعميمه ، في العالم الإسلامي !

·  مجابهة الشيطان الأكبر أمريكا ، وحليفتها إسرائيل ! والتصدّي للمشروع الصهيوأمريكي ، في العالم العربي ، والعالم الإسلامي !

4)    ولقد صدّق الكثيرون ، من أبناء الشعوب العربية ، الشعارات ؛ كلَّ شعار في زمانه ومكانه ، وحسب الحاكم الذي رفعه ! لقد صدّق الكثيرون الشعارات ، وصفّقوا لها .. وما كان أمامهم ، إلاّ أن يصدّقوا ، و يصفّقوا ! لقوّة الحبكات المتكاملة ، التي كانت تحبك لهم ! وما زالت الحبكات المعقّدة ، المكوّنة من خلائط عدّة : أمنيّة ، وإعلامية ، ونفسيّة .. تحبك لهم ، و تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية ، كثيرة ، ضمن الظروف والمعطيات ، التي يعيشها الشعب في بلده ، والتحدّيات التي يواجهها ، خارج بلده ، وشخصية الزعيم ، الذي يحمل الشعارات ، ويتغنّى بها ، وأجهزة الإعلام ، التي تردّدها ، صباح مساء ، وأجهزة الأمن ، التي تتابع وتراقب وترصد ، من لايصدّق الشعارات ، أو لايصفّق لها! ( وما كتاب توفيق الحكيم ، الذي ألّفه بعد موت عبد الناصر، وسمّاه: عودة الوعي .. إلاّ مثل صارخ ، لما كان قائماً ، وما هو قائم حتى اليوم ! إذ سئل الحكيم ، عن عدم كتابته شيئاً ، حول الحكم البوليسي ، الذي كان يهيمن على مصر، في عهد عبد الناصر.. فاحتجّ بأنه ، مع الكثيرين من أمثاله ، كانوا غائبين عن الوعي ، لأنهم كانوا شبه مخدّرين ، بالشعارات المرفوعة ، والحديث عن المنجزات ، والطموحات الكبيرة ، والأحلام العريضة ! وقد قال الحكيم هذا الكلام ، بالطبع ، لينفي به عن نفسه تهمة الجبن ، التي يمكن أن تلصق به ، لأنه كان يعرف مصير مَن يعارض الاستبداد ، بكلمة واحدة ! وقد رأى أمامه الألوف ، يسحقون ويذبحون .. وليس مستعداً لدفع الثمن ، من حياته ، أو من حرّيته خارج السجن ! فما كان أمامه ، إلاّ الهرب من كلمة جبان ، إلى كلمة مغفّل ، أو فاقد الوعي ! وقد تعلّم درسه ، من رأس الذئب المقطوع !

لكن .. هل يستطيع المصفّقون ، اليوم ، للطغاة المستبدّين ، حملة الشعارات البرّاقة ..هل يستطيعون  أن يحتجّوا بما احتجّ به توفيق الحكيم ؛ بأنهم كانوا مخدّرين ، أو فاقدي الوعي ، في ثورة المعلومات العالمية الحالية ، ووسائل بثّها ونقلها ، وجمعها وتصنيفها ، ومتابعتها.. في كل زاوية من زوايا الكرة الأرضية !؟

إن في الأمر شكاً كبيراً !

وبناء عليه ، لايبقى إلاّ ثلاثة نماذج ، من الهتّافين المصفّقين ، الذين يساعدون الطغاة ، في استعباد شعوبهم .. وهذه النماذج هي :

·  نموذج الجبان الرعديد ! والحديث ، هنا ، هو عن الهتّاف المصفّق .. لاعن الصامت ! فهذا أقلّ سوءاً بكثير من المصفّق والهتّاف ! وربّما كان لبعض الصامتين ، أعذار وجيهة ، تسوّغ صمتهم في مواجهة الطغاة !

·  نموذج المرتزق المأجور، الذي يقبض ثمن هتافه وتصفيقه ، مالاً .. نقدياً ، أو عينياً ، أو هِبات وإكراميّات ، وضيافات في الفنادق الفخمة ، وأضواء إعلامية باهرة ، تسلّط عليه ، فتجعل منه ذا أهميّة وشأن ، أو تجعل منه ـ في أقلّ تقديرـ شيئاً مذكورا !

·  نموذج البليد شديد البلادة ، أو الأحمق شديد الحماقة ، أو الغبيّ شديد الغباء .. الذي لا يعرف مايدور حوله ، برغم كل مايراه ويسمعه ، من أحداث العالم .. فهو كالأنعام ، بل هو أضلّ سبيلا ! فهو يقلّد الحركات كالقرد ، ويقلّد الأصوات كالببغاء .. دون أن يكون له عذر، كعذر الحيوانات العجماء !