سيدي شيخ المجاهدين ابن الثمانين
بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي شيخ المجاهدين ابن الثمانين
المحامي هيثم المالح |
د. منير محمد الغضبان * |
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
أحس أننا نتلطخ بالعار ونحن أمة تفعل برجالها وأبطالها ما تفعل بك ، تجعلك قعيد الزنزانة مع البرد القارص والحر الخانق ، ونحن المناضلون بجوار المكيفات ، أو الظل الظليل.
لقد كنت بطلا ، مثل الشيخ أحمد ياسين ، صنعتم أمة جديدة اتصلت بجسر خالد بعهد الخلافة الراشدة .
ذنبك أنك بقيت في عرينك ، تدافع عنه دفاع الأسد الجريح ، ولو تآمرت كل قوى الشر عليك ، لا تريد أن تتحدث للناس عن الأبطال ، بل تريد أن تريهم البطولة بأعينهم ، حتى لا يقولوا : تلك أمة قد خلت ، وكما فعل سلفك سيد قطب –رحمه الله- ، قال للناس في كتابه المعالم : هذا هو الطريق ، فلم يجرؤ أحد على سلوكه ، فتقدم وكان أول الرواد السالكين حين قدم دمه وروحه ثمنا لفكرته .
وأنت يا سيدي شيخ المجاهدين قدمت دمك وروحك على كفك ، وقلت كلمة الحق والباطل يحيط بك من كل جانب ، يود إبادتك ، وقلبه مملوء رعبا منك ، وغلب حقده عقله ، فلم يقتلك إنما ساقك إلى السجن حتى لا يسمع أحد صوتك ، هيهات .. فأنت في قلوب العالم كله . حيا عند الأمم الحرة تبعث تفتديك ، وتناشد النظام السوري أن يعيدك إلى مكتبك ، وفي كل يوم نكتشف دولا ومنظمات وشعوبا تناشد النظام الجاثم أن يرفع يده عنك ، ويطلق أسرك ، ويفك قيدك ، ويعاملك معاملة الرجال ، ولكن هل يعرف رجال المخابرات الأنذال . كيف يكون الرجال ، وكيف يكون الأبطال ؟؟
وأنت أيها الرئيس السوري ، هل غرر بك رجالك أم غررت بهم حتى وقعتم في هذه الجريمة الدولية ، إي والله جريمة دولية أسقطت سمعتك في العالم، وأنت تتجبر على ابن الثمانين ، وتدخله السجن والمحكمة المهزلة ،
لأنه قال كلمة الحق ، لقد بعث لك رسائل لا تحصى ، وذكرك بواجبك نحو أمتك ..
أين السياسة والدهاء ، وهل تُسلط عليك العالم ليقول لك : أخرج ابن الثمانين من السجن ؟
إنه والله ليؤلمنا أن يقال في سورية البلد الذي حرر العالم ذات يوم وحكم العالم ، إن فيها شيخا في الثمانين من عمره سجن لأنه قال كلمة حق ولم تستطع الدولة السورية أن تعفو عنه حتى لا يسقط النظام من قوله .
والله إنك لتنقذ نفسك قبل أن تنقذ البطل العظيم الصابر ، والطود الشامخ الخالد ، إنه يكبر كل يوم عند شعبه وعند أمته وعند العالم في كل ساعة يقضيها في السجن ، ويصغر النظام الحاكم في سورية الذي يعجز عن العفو عن ابن الثمانين وقد لبث في السجن بضع سنين .
وأنت يا سيدي الخالد : هيثم المالح ، يا رمز النضال ورمز البطولة ورمز الثبات على الحق ، ما وهنت عزيمتك ، لقد قلت الحق أمام الدنيا وأمام المحكمة ، ويا أستاذ الحقوقيين العظام . ناقشت الطغاة بحق شعبك ، وبحق أمتك وكنت لسان المظلومين المضطهدين المستضعفين في أرض الشام المباركة ،
أنا صغير جدا وأنا أريد أن أقول لك : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) ، ويكفيني أن أقول لك ما قال الله تعالى لرسوله ، وأنت قدوتنا إلى القدوة ، : ( واصبر وما صبرك إلا بالله ، ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون ، إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون )
وأنتما يا زهرتا الشام الخالدتان (آية ) و(طل) اللتان لم يرع النظام حرمة لكما لأنكما حياة الأمة ، كما لم يرع حرمة الشيوخ والولدان ، فأنتم تاج الفخار لسوريا على كل البلدان .
وأنتم أيها السجناء الأحرار؛ الصابرون الصامتون الصامدون ، الذين لم يكن لكم جريمة إلا قول الحق والصدع فيه ، ورفضكم العبودية لغير الله ، ذنبكم أنكم كنتم أحرارا في دنيا العبيد ، وكنتم أحياءا في دنيا الموتى ، كما قال الحسين سيد الشهداء رضي الله عنه :
كفى بك موتا أن تذل وترغما
ولا نملك إلا أن نقول لكم ما قال الله عز وجل لجنده: ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ) .


* باحث إسلامي سوري