نعلين الفلسطينية بين جدار وحصار

د. ياسر سعد

د. ياسر سعد

[email protected]

رفع الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء حظر التجول الذي فرضه منذ يوم الجمعة الماضي على بلدة نعلين الفلسطينية ردا على احتجاجات سكانها والذين يساندهم ناشطين أجانب ضد جدار الفصل الذي يشيده الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية. وقدر رئيس بلدية نعلين أيمن نافع الأضرار التي أحدثها الجنود الإسرائيليين بنحو 90 ألف دولار وقال إن جرافا تابعا لجيش الاحتلال حفر طرقا تم رصفها حديثا وأتلف جزءا من نظام الصرف الصحي.

المحتجون الفلسطينيون ضد الجدار كانوا يعتزمون تنظيم مظاهرات احتجاج  يوم الأربعاء التاسع من يوليو لكسر الحصار وإحياء الذكرى الرابعة لقرار المحكمة الدولية في لاهاي بعدم شرعية الجدار الذي تقيمه إسرائيل بامتداد 720 كيلومترا في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة. قرار المحكمة ضربت به الدولة العبرية عرض الحائط كعادتها في التعامل مع القرارات الدولية التي لا تروق لها.

تقع قرية نعلين على بعد 18 كيلومتر إلى الغرب من رام الله, ويبلغ عدد سكانها نحو 5000 فلسطيني، يعمل غالبيتهم في حقل الزراعة بعد أن فقدوا عملهم داخل الأراضي المحتلة، منذ انطلاق الانتفاضة الثانية عام 2000. وبحسب المنسق الإعلامي للحملة الشعبية لمقاومة الجدار في نعلين صلاح الخواجه فأن مساحة البلدة عند قيام الدولة العبرية كان 57000 دونم وبعد عام 1967 تبقى منها  33000 دونم، أما الآن فمساحة الأراضي المتبقية 10000 دونم. ولكن بعد بناء المستوطنات والجدار العازل والبؤر الاستيطانية لن يتبقى منهم سوى خمسة آلاف دونم لتنتقل مساحة كبيرة منها إلى الجانب "الإسرائيلي" من الجدار. ويؤكد الخواجه بأن أهالي القرية يعيشون في كارثة حقيقة وأنهم سيفتقدون كل بقعة ارض وكل شجرة في محيط بيوتهم معتبرا أن هذا هو المخطط والمشروع الاستيطاني التوسعي الصهيوني.

صحيفة الجارديان البريطانية نشرت تقريرا أمس حول الأوضاع الصعبة التي يعيشها أهالي بلدة نعلين والتي رزحت تحت منع التجول والحصار الإسرائيلي. وينقل التقرير عن صلاح الخواجه بأن الاحتجاجات السلمية التي يقوم بها الأهالي كوسيلة لحماية ممتلكاتهم معتبرا التصرفات الإسرائيلية بمثابة سياسة تهجير وترحيل. ويشير تقرير الجارديان إلى أن أهل القرية يشعرون بأن القيادات السياسية الفلسطينية تتجاهلهم حيث لا يشارك أي منها في احتجاجاتهم المتواصلة منذ شهور، ويؤكدون على إن احتجاجاتهم سلمية مثل استخدام المرايا لعكس ضوء الشمس في عيون الجنود والمستوطنين الإسرائيليين.

الصور المنقولة من نعلين تتكلم عن مآس إنسانية بليغة, فالكثير من المزارعين الفلسطينيين يراقبون وبحسرة وغيظ الجرافات الإسرائيلية وهي تبتلع مزارعهم و تقتطع وتصادر أراضيهم. الجرافة التي عرفها الإسرائيليون منذ أيام أداة قتل حين قادها حسام دويات في شوارع القدس, هي بالنسبة للفلسطينيين ومنذ زمن بعيد -وهم يرونها باستمرار تجرف أشجارهم وتدمر أراضيهم وتسرق موارد أرزاقهم- أداة تدمير واغتصاب إذلال وقهر.

لم نرى تحركا أو نسمع صوت احتجاج للسلطة الفلسطينية على محاصرة نعلين ومضايقة وقمع أهلها. ونفتقد دائما لمواقف سياسية حازمة وواضحة لسلطة رام الله على الرغم من التصريحات وشكاوي مسؤولي السلطة المستمرة عن الواقع البائس للمفاوضات وعن تضييع إسرائيل للوقت ومماطلتها فيما تعمد من خلال مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات بوتيرة كثيفة واستكمال جدار الفصل العنصري إلى تغيير وفرض الحقائق على الأرض.

 التصرفات والسلوكيات الإسرائيلية والتي تخالف القوانين الدولية وتتعدى وتعتدي على حقوق الإنسان الفلسطيني, مغتصبة أرضه وبساتينه يتعامل معها المجتمع الدولي بلا مبالاة تماما. فيما يكرر جورج بوش ونيكولا ساركوزي وغيرهم من قادة الغرب التزامهم اللفظي بعملية السلام وقيام دولة فلسطينية, تجدهم يكيلون عبارات المديح والثناء على الدولة العبرية والتي تغتال السلام بكل صيغه وتنتهك دائما القوانين الدولية وتمارس القهر والاضطهاد بحق الشعب الفلسطيني ومنذ عقود وبشكل مستمر.