أيّ انقسامَي الأمّة أخطر

عبدالله القحطاني

أيّ انقسامَي الأمّة أخطر:

بين أمريكا وإيران اليوم، أم بين أمريكا وروسيا بالأمس!؟

عبدالله القحطاني

·  كان انقسام الأمّة ، بالامس ، بين أمريكا وروسيا ، أو بين المعسكر الرأسمالي والمعسكر الاشتراكي .. مقتصراً على الحكّام ، وبعض الساسة ، والمثقفين ، والأحزاب الصغيرة ، غير المتجذّرة في المجتمعات !

·  حين انهار الاتحاد السوفييتي ، غيّر الموالون له اتّجاهاتهم ، واتّخذوا مسارات جديدة ؛ كلّ بما يناسبه ! الحكّام القادرون على القفز ، قفزوا إلى ظهر الحصان الرابح .. والمثقفون الاشتراكيون ، عدّلوا من نبرة خطابهم .. والأحزاب الشيوعية ، غيّرت أسماءها ، وعدّلت برامجها ، لتلائم المرحلة الجديدة ! وهذا من الكياسة ، بالطبع ، وحسن التصرّف !

·  الانقسام ، اليوم ، أعمق بكثير ، وأخطر ! إنه شرخ عميق ، موغل في النسيج الاجتماعي ، للشعوب ذاتها .. وهي لاتملك رشاقة الحكّام والساسة والمثقفين !

·  الانقسام ، اليوم ، متعدّد الزوايا : انقسام في السياسة ، وانقسام في الثقافة ، وانقسام في العاطفة والحماسة .. وربما يتعمّق أكثر من هذا بكثير ، فيصل إلى العقيدة !

·  الانقسام ، اليوم ، موغل في شتّى شرائح المجتمع ، المسيّسة وغير المسيّسة .. المثقفة وغير المثقفة .. المتديّنة وغير المتديّنة ! ( ولابدّ من التأكيد ، هنا ، أن الانقسام بين أمريكا وإيران ، إنّما هو بين النخب المستفيدة من كل طرف .. على مستوى النخب الحاكمة ، والنخب المثقفة ، والنخب الاقتصادية ، والنخب الحزبية والسياسية ..! أمّا الشعوب ، فليس فيها من يقف مع أمريكا ، أو يؤيّدها ، أو يميل إليها ، مجرّد ميل ! وذلك ، لوقوف أمريكا ، بشكل صريح ، فجّ ، ضد الأمّة ومصالحها ، عامّة .. وقضيّة فلسطين منها ، خاصّة ! فالانقسام الحاصل بين الشعوب ، هو في الموقف من إيران، بين مؤيّد لمواقفها الظاهرة ، التي تتحدّى فيها أمريكا وإسرائيل .. ومشكّك بمواقفها وخططها ، ونيّاتها المبيّتة ، تجاه الأمّة ؛ والتي تظهر في مواطن عدّة ، ومسائل عدّة .. كما هو حاصل في العراق ، ولبنان ، وسورية ، وبعض الدول العربية الأخرى !)

·  مأساة العراق ، محور من محاور الانقسام .. ومأساة فلسطين ، محور آخر .. وأزمة لبنان ، محور ثالث ..! وما تزال الأيام ، تتكشّف عن مآس جديدة ، وأزمات جديدة ، لتتشكّل على أساسها ، محاور جديدة ، من محاور الانقسام !

·  لقد مرّت على الأمّة محن كثيرة ، وأزمات كثيرة ! وكان الذين ينشقّون عن جسدها العامّ  قلائل ! منهم مَن تعاون مع المغول ، أيام غزو المغول .. ومنهم من تعاون مع الصليبيين ، أيام الحروب الصليبية .. ومنهم من تعاون مع الاستعمار ، أيام الاستعمار!

·  أمّا اليوم ، فالأمر مختلف ! إنه جدّ خطير.. ولابدّ من تداركه ، على كل صعيد ؛على صعيد أنظمة الحكم ، وعلى صعيد المثـقّـفين ، وعلى صعيد العلماء الحريصين على عقيدة الأمّة ، وعلى صعيد الساسة المهتمّين بأوطانهم وشعوبهم ، الحريصين على وحدتها وتماسكها..! ومن عجز عن رؤية الفتنة الكارثة ، اليوم ، على حقيقتها .. برغم كل وضوحها وبشاعتها.. فنرجو أن يراها في وقت قريب ، قبل أن يستفحل خطرها..!

 وإلاّ .. فالتفكّك والانهيار ، بانتظار الجميع!