المفاوضات المباشرة ما بين الوهم والحقيقة

داعس أبو كشك

المفاوضات المباشرة ما بين الوهم والحقيقة

داعس أبو كشك

[email protected]

لقد مل الشعب الفلسطيني المفاوضات التي دارت مع الجانب الاسرائيلي والتي عقدت في عدة مواقع في العالم ، ولو حسبنا الدقائق والساعات والايام والشهور التي تم قضاؤها في تلك المفاوضات ، فان دماء الشعب الفلسطيني التي سالت في تلك الفترة اكبر منها

فمنذ سبعة عشر عاما والمفاوضات المباشرة وغير المباشرة تراوح مكانها ولم يطرا اي تحول ايجابي تجاه القضية الفلسطينية  وكل المبادرات التي طرحت لم تلق اي تطبيق عملي على ارض الواقع في ظل التعنت الاسرائيلي وعدم تجاوبه مع تلك المبادرات، وفوق كل ذلك قامت اسرائيل بوضع العصي في عجلة المفاوضات من خلال عدم اذعانها لتنفيذ ما اتفق عليه وقيامها بمصادرة الاراضي واقامة سور الفصل وتهويد القدس وتشديد الحصار ضاربة بعرض الحائط بكل القرارت الدولية .

وفي اتون ذلك تعرض الشعب الفلسطيني لا بشع عملية تطهير عرقي في ظل سكوت العالم المتمدن على الاجراءات الاسرائيلية ، حيث قامت اسرائيل باستغلال ذلك الموقف ونفذت خطتها الاستراتيجية الهادفة الى تفريغ الاراضي الفلسطينية المحتلة في سكانها الاصليين.

ومنذ عام 2008 توقفت المفاوضات المباشرة ما بين الفلسطينين والاسرائيلين بسبب الحرب التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة والتي راح ضحيتها الاف الشهداء والجرحى وتدمير البنية التحتية لقطاع غزة  ، وتشديد الحصار في كافة الحدود والمعابر ، في الوقت الذي شهدت فيه القدس والضفة الغربية سياسة استيطانية ممنهجة  وغير مسبوقة في سباق مع الزمن من اجل تثبيت سياسة الامر الواقع والاخلال بالتوازن الديمغرافي لصالح المستوطنين .

واليوم وفي ظل الاتفاق على عقد المفاوضات المباشرة في واشنطن فانه لا يلوح في الافق اي شي جديد سوى انعقاد المفاوضات في ظل الرئيس الامريكي اوباما الذي رضخ للاملاءات الاسرائيلية بعقد المفاوضات دون شروط مسبقة وهذا ما يتوافق مع المقاسات التي اصر عليها بنيامين نتنياهو .

ان عقد هذه المفاوضات في وقت تمارس فيه الضغوط على منظمة التحرير الفلسطينية سوف لن ينتج عنها اي شي لصالح الشعب الفلسطيني لانه لا توجد صفة الزامية لوقف النشاطات الاستيطانية في القدس والضفة الغربية ورفع الحصار عن قطاع غزة ، واذا استمرت اسرائيل بسياستها الاستيطانية فان المفاوضات مصيرها الفشل وهذا ما كشف عنه بنيامين نتنياهو الذي اصدر شهادة وفاة لهذا المؤتمر قبل ان يعقد ، وذلك بوضع شروطه الخاصة المتمثلة بما سمي بحق اسرائيل بالقدس وتنكره لحق العودة للاجئين الفلسطينيين والاستمرار بسياسة الاستيطان وابقاء جيش الاحتلال على الحدود الشرقية للدولة الفلسطينية المنظرة.

ان عقد المفاوضات المباشرة جاءت لتنقذ اسرائيل من مأزقها في الوقت الذي يشهد فيه العالم تأييدا متعاظما لحقوق الشعب الفلسطيني ، وما الحشد الامريكي لهذه المفوضات سوى غطاء لسياسة اسرائيل الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس ، واستمرارها بفرض الحصار على قطاع غزة .

ان الثوابت الوطنية الفلسطينية تشكل اجماعا للشعب الفلسطيني وقواه الوطنية وان اي اقرار بالاخلال بتلك الثوابت سيكون مرفوضا من الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية ، فيخطئ من يظن ان هناك تنازلات سوف تقدم في مجال تلك الثوابت ، فلا يوجد فلسطيني واحد يقبل او يوافق على ذلك ، وان من يوافق على ذلك لن يولد بعد ، لأنه لا وجود لمبدأ التنازلات عن تلك الثوابت في قاموسنا الوطني والسياسي .

اذا كان الهدف من المفاوضات المباشرة الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة  وحقه باقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس فهذا امر مقبول على الشعب الفلسطيني والاسرة الدولية ، وان عكس ذلك سيعيد المنطقة الى دوامة التوتر والعنف .