رسالة توضيحية إلى الأديب نزار الزين

عادل العابر

رسالة توضيحية

إلى الأديب نزار بهاء الدين الزين

  نزار ب. الزين

عادل العابر - الأحواز

[email protected]

جاء التعليق التالي على قصتي (لإعادة الإمبراطورية) في موقع دنيا الوطن من الكاتب والأديب نزار بهاء الدين الزين:

"لا يا أستاذ عادل
هذا لا يليق بمثقف مثلك
هل بلادنا ناقصة أحقاد طائفية ؟
هل تريد صب الزيت على النار ؟
أنا أعلم أنك من الأحواز و أن بعض الظلم وقع على الأحوازيين ، و لكن يجب ألا يقابل الخطأ بالخطأ ، فنحن جميعا قبل كل شيء مسلمون .
حقيقة أصبحت أخشى عليك و على مستقبلك ،
و أقترح عليك تحاشي هذا الأسلوب.
مع خالص محبتي
نزار"

ونزار بهاء الدين الزين سوري مغترب وعضو إتحاد كتاب الإنترنت العرب، يكتب القصة القصيرة وقد أعجبتني قصصه كثيراً. ورأيت أن أكتب له بعض السطور التي قد لا يتسع لها المكان في زاوية التعليقات.

آمل أن استطيع جلب تفهمه لقضيتنا الأحوازية، وفيما يلي سطوري المتواضعة للكاتب نزار ب. الزين:

إلى القاص الفاضل والأديب المحترم نزار بهاء الدين الزين،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأما بعد،

لقد قرأت تعليقك على قصتي (لإعادة الإمبراطورية) مراراً، لأن تعليقاتك تهمني جداً.

وواعدتك أن أكتب ردي على إيميلك الخاص، ثم قررت أن أكتب لك ولجميع القراء والكتاب عن الواقع الذي نعيشه في الأحواز لعلكم تلتمسون تبريراً لما أكتبه، بل وتتحمسون معي لتكتبوا عن الأحواز وما يعانيه أخوتكم العرب في هذا القطر المحتل.

سيدي الفاضل نزار،

تفضلت بأن هناك بعض الظلم وقع على الأحوازيين،

وأقول لك أن هناك كل الظلم وقع على شعبنا وشعبكم في الأحواز، ولكم العذر إن لم تعرفوا الكثير عن الظلم الذي يصب علينا كصب المطر في ليلة غطى قمرها السحاب، لأن إيران قد وضعتنا في تعتيم مظلم حيث لا تسمح لأي مراسل أن تطأ قدمه الأحواز، ظلم لم يظلم الإسرائيليون الفلسطيين مثله، حيث نرى المراسلين في كل يوم وهم يعدون تقاريرهم عن الممارسات اللاإنسانية ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

ولكن إيران أخرجت مصور قناة الجزيرة وعطلت مكتب القناة في طهران عام 2005 لأن مراسلها (عباس ناصر) أعد تقريراً من الأحواز يكشف بعض الممارسات القمعية ضد الأحوازيين.

وبعدها لم تسمح لأي مراسل أن يدخل الأحواز.

فعلى عاتق من تقع مسؤولية إيصال صوت مظلومية شعبنا إلى العالم بعد أن قطعت إيران جميع جسور الأواصر بينه وبين أمته العربية؟!

سيدي الفاضل نزار،

هناك شعب عربي يبلغ الخمسة ملايين نسمة محروم من مكتبة عربية واحدة ولا أقول مكتبات،

محروم من المدارس العربية ، ويجبر أطفاله الذين لا يجيدون الفارسية بل ولم يتكلموا بها من قبل، أن يدرسوا بهذه اللغة الغريبة.

أتذكر يا سيدي الفاضل حين علقت على إحدى قصصي وقلت أنك لأول مرة ترى قصصاً لكاتب أحوازي،

وأتساءل ما السبب في وجهة نظرك؟

لماذا لم تر كاتباً أحوازياً من قبل؟!

لماذا لم تر فيلماً سينمائياً أو مسلسلاً تلفزيونياً أخرجه ومثل فيه أحوازيون؟!

لماذا؟! ...  ولماذا؟! ... وكم لديّ لماذا!

أليس السبب لأن أطفالنا يهجرون المدارس وهم في الإبتدائية حيث لا يستوعبون الدروس التي يتلقونها بالفارسية؟

ولهذا فإن شعبنا قد تأخر من الشعوب العربية المجاورة ثقافياً وعلمياً و ...الخ.

أليس السبب لأننا لم ندرس العربية في المدارس الإيرانية ولذلك لا نستطيع الكتابة بهذه اللغة الحبيبة؟

 وإن وجدت بعض الأخوة الأحوازيين يكتبون بلغة أمتهم العربية فإعلم أنهم تعلموها بجهود ذاتية لا في المدارس الإيرانية.

 أليس السبب لأن إيران سدت جميع أبواب الثقافة في وجوهنا ومنعت كل التحركات التي تسعى لإبراز هويتنا العربية؟

أستاذ نزار المحترم،

لم أتكلم عن الطائفية قط، بل وأحترم جميع الديانات وخاصة الإسلامية منها، إنما رجال المخابرات الإيرانية الذين تكلمت عنهم في قصتي (لإعادة الإمبراطورية) قد عذبوا أصدقائي الذين درست معهم وشتموا المسلمين والإسلام والعرب أمامهم، هم الذين شنقوا أعز أصدقائي ولا شك أنك قد سمعت عنهم، وإلا فابحث في المحرك غوغل عن المواقع الأحوازية لتجد ما أعنيه وترى الظلم الذي أكتب عنه.

أي مسلم يعذب مسلماً آخر أبشع التعذيب؟! ولا أريد أن أذكر أساليب تعذيبهم إحتراماً للقراء ذوي الأحاسيس الرقيقة.

أي إبن حلال هذا وهو يجد لذة في تعذيب الإنسان العربي حتى الموت؟!

هؤلاء يا سيدي الفاضل، قد سجنوا الشيوخ والنساء والأطفال، لا ذنب لهم سوى أنهم طالبوا الحكومة الإيرانية بفتح مدارس عربية، طالبوها ببعض الحقوق التي يستحقها كل إنسان حر، ولكن الإيرانيين واجهوا الطلب السلمي بالرصاص والشنق في الملأ العام والتعذيب.

أشرت في تعليقك الموقر أننا كلنا مسلمون،

ولا أختلف معك في هذه المقولة، إنما إسمح لي أن اتساءل عن المسلمين الذين تتكلم عنهم وهم يضطهدونني كل يوم،

المسلم الإيراني الذي تتكلم عنه يظلمني ويمنعني عن إصدار جريدة عربية واحدة؟

هل تعلم أن في الاحواز لا توجد جريدة عربية واحدة؟ ... والأحوازيون كلهم عرب...الملايين من العرب.

أليست اللغة العربية هي لغة القرآن التي يتكلم عنها قادة طهران؟

فلماذا لا يسمحون لنا بإصدار صحف عربية؟!

لماذا لا يفتحون لنا تلفزيوناً ينطق بلغتنا؟ ... وجميع النفط الذي يصدرونه يستخرج من أراضينا.

ألم يعلمهم الإسلام العدالة بالنسبة للشعوب التي يحكمونها؟ ... والأحواز أفقر محافظة من بين ثلاثين محافظة إيرانية طبقاً لإحصائية قدمتها صحفهم الحكومية.

لا أطول عليك المقال سيدي الفاضل ولكن لا أدري من أية مظلومية أشكو إليك كي تتفهمني ولا تصب عليّ لومك؟

وأنت تدري أنك عزيز عليّ أجل شأنك وأحترمك.

هل أكتب إليك عن ممنوعية الأسماء العربية لمواليدنا؟

أم عن تغيير أسماء مدننا وجميع شوارعنا من العربية إلى الفارسية؟

أم عن ممنوعية إرتداء كوفياتنا العربية؟

أم عن سلب أراضي الفلاحين العرب وبناء المستوطنات الفارسية فيها؟

أم ماذا؟

ثم ماذا تسمي كل هذه الممارسات اللا إنسانية ضد أخيك الأحوازي سوى العنصرية والحقد ضد العرب ولغتهم وبالتالي كره الإسلام؟

أنا يا سيد نزار العزيز لا أصب الزيت على النار بل أردت ومن خلال قصة (لإعادة الإمبراطورية) أن أكشف عن غطاء هؤلاء الذين أستدرجوا الشباب إلى المساجد لا ليقيموا شعائر الله بل لينتموا إلى قوات التعبئة التي تكلمت عنها في القصة، وقد دججوهم بالسلاح ليفتكوا بالمخالفين!

وهل المساجد بنيت لتكون معسكرات تملأ بالسلاح والبندقيات أم هي أماكن لإقامة الصلاة وعبادة الله؟!

هؤلاء يا سيد نزار المحترم، قد جعلوا ديننا الإسلام ألعوبة يمررون به سياساتهم التوسعية في العالم العربي.

وفضائيات الفرس التي تبث على هوت برد تؤيد ما أقوله حيث تبث بعضها السموم ضد الإسلام وتسمي رب العباد الذي نعبده (الله محمد) أي الرب الذي أتى به محمد كذباً ونعوذ بالله. وتدعوا هذه الفضائيات إلى عبادة النار!

وقد تابعت بعض برامجها ورأيت النار تلهب على شاشاتها وسمعت الكفر الذي يدعون الناس إليه.

ومعظم صاحبي القرار في إيران يعتقدون بهذا الإعتقاد الخطر، يعتقدون أن الإسلام الحنيف فرض عليهم من الجزيرة العربية، ولا أساس لحقانيته! ولهذا فإنهم يضغنون على اللغة العربية ومن نطق بها.

قد ثبت للعالم يا سيدي الفاضل أن رجالات إيران إنما تشبثوا بالإسلام ليغشوا شعوب أمتنا العربية ثم يصادرون ثورتهم التي جاء بها الخميني عام 1979 ليتحكموا بأمتنا العربية، وبعد أن يمسكوا زمام أمور أمة محمد صلى الله عليه وآله وصحبه، يمنعون أبناءها من النطق بالعربية كما يمنعوننا في الأحواز ويفرضون علينا اللغة الفارسية.

وأقول لك أن (إعادة الإمبراطورية) الفارسية ليست وهماً توهمته بل هو حقيقة أرى مقدمات إعادتها على أرض الواقع. وتدخلات إيران في شؤون الدول العربية المجاورة والنائية خير دليل على ما أذهب إليه ولا أدخل في التفاصيل.

أنا يا سيدي الفاضل لم أقابل الخطأ بالخطأ،

أنا لم أعذبهم ...ولم أشنقهم ...ولم أسجنهم ...ولم أحرمهم من لغتهم وزيهم الفارسي،

أنا اريد أن اكتب عن شعبي المظلوم الذي يعذبه الظالمون أبشع تعذيب.

أنا اريد أن أكتب عن فهيمة البدوي وطفلتها اللتين سجنتا بعيداً عن بلدهما مئات الكيلو مترات بعد أن شنقوا زوجها.

أريد أن أكتب عن الجرافات الإيرانية التي هدمت بيوت العرب الأحوازيين وشردتهم ليلاً كما تهدم الجرافات الإسرائيلية بيوت الفلسطينيين.

فما ذنبنا ولم يصور هذا الظلم كي تروه كما ترونه في فلسطين؟

سيدي الفاضل نزار،

إسمح لي أن لا أطول رسالتي ولو أردت أن أكتب عن كل الظلم الذي نتعرض له لطالت حتى الصباح، وها أنا أكتبها ليلاً لك وللقراء والكتاب الذين لا يعلمون الكثير عن الأحواز.

ختاماً لست مستعداً لأخسر صديقاً أديباً مجرباً مثلك ولهذا تراني أوضح لك بعض الأمور التي جعلتني أكتب في مجال السياسة أكثر من غيرها، أمور ربما لم تسمع بها من قبل.

 (أقول لست مستعداً لأخسر صديقاً لأنني أعتبرك صديقاً وأعتز بصداقتك ولا أدري هل تبادلني نفس الإعتبار أم لا.)

مع كل الإخلاص