صواريخ نصر الله

ماجد زاهد الشيباني

صواريخ نصر الله

أثمانها : سيادة على لبنان ، وغزو عقدي ، وهيمنة فارسية !

ماجد زاهد الشيباني

·  في أوقات ضعف الأمم ، تبتلى بأمراض نفسية شتّى ، منها : الإعجاب بالغرباء ، حتّى لوكانوا أعداء ! ومنها : بحث الناس عن البطولات ، في أيّ مجال ، حتّى لوكانت وهمية ، أو أسطورية ، في الكتب القديمة ، وفي حكايات العجائز ! ومنها: ضعف الثقة ، أو انعدامها ، بكل مافي الأمّة من قوى كامنة ، وبكل من فيها ، من شخصيات فذّة !

·  أمّتنا الإسلامية ، والعربية منها خاصّة.. مبتلاة بعدد غير قليل ، من هذه الأمراض ، بسبب هزائمها ونكساتها ، في مواجهة أعدائها ، من صهاينة وغيرهم ! من أهمّ هذه الأمراض :

1)  السرعة الزائدة ، إلى حدّ اللهفة ، والحماقة ، أحياناً .. في تصديق الشعارات ، التي تتبنّى مجابهة العدوّ الصهيوني وحلفائه.. حتى لو ظهر جلياً ، كعين الشمس، زيف هذه الشعارات ، وكذب رافعيها .. بل وخيانتهم الواضحة ، لأوطانهم خاصّة ، ولأمّتهم عامّة ، مثل :

ـ خيانة حافظ أسد المكشوفة ، في تسليم الجولان للصهاينة ، بلا حرب ، ولا قتال ! وهم ، أنفسهم ، لم يكونوا يحلمون ، قبل عهده ، بعبور شبر واحد ، من أراضي الجولان ، الحصينة المنيعة ! واستمرار حافظ ، في رفع راية الصمود والتصدّي ، ثلاثين سنة ، دون أن يحرّك ساكناً في الجولان .. كافٍ ، في نظر المحبطين ، لوضعه في مصافّ الأبطال ، لمجرّد رفع الشعار، الذي يعبّر ، في ظاهره ، عن نيّة القتال ، مجرّد النيّة ، حتى لو توهّم المحبطون ، توهّماً ، بأنها موجودة ، وأن رافع الشعار، لايرفعه للمتاجرة والخداع والتضليل ، وكسب إعجاب الجماهير، والمزايدة على النظراء والأنداد ، وإخماد صوت معارضيه ، بحجّة أن البلاد في حالة حرب ، ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة !

ـ اسمترار ابنه ، وريثِه في الحكم ، في رفع الشعار المطوّر؛ شعار الممانعة ! بينما طائرات الصهاينة ، تسرح وتمرح ، في سماء سورية ، كما تشاء ، وتحلّق فوق قصره ، متى أرادت ، دون أن تطلق عليها طلقة مدفعية واحدة ! ورجال نظامه يصرّحون ، بأنهم لن يسمحوا للعدوّ ، أن يفرض عليهم زمان المعركة ومكانها .. وأنهم يحتفظون بحقّ الردّ ، في الوقت المناسب ، الذي يحدّدونه هم !

2)  التصفيق والهتاف ، لكل من يهدّد دولة الصهاينة ، ويدّعي أنه سوف يحرقها ، أو يدمّرها ، أو يلقي بها في البحر! فإذا استطاع مقاومة عدوانها ، في معركة ما ، فهو بطل الأبطال ! وإذا أطلق باتّجاهها بعض الصواريخ ، وقتل بعض جنودها ، فهو بطل العصور كلها .. وهو القائد الزعيم الملهم الفذّ ! وبالطبع ، قياساً إلى غيره من المتخاذلين .. حتّى لو دمّر العدوّ عاصمة بلاده ، أو أحرقها بقنابل طائراته .. بل حتّى لو دمّر بلاده كلها ، أو أحرقها ، أو قتل الألوف من أبنائها ! ومن ذلك :

ـ مايفعله نصر الله ، في جنوب لبنان ، من مقاومة ، لم يكن فيها وحده أساساً ، إنّما حاز الشهرة والإعجاب ، لوجوده الواضح القويّ في الساحة ! ولأن لديه مميّزات شخصية معينة .. ولأن ثمّة دعماً من سورية وإيران ، لم يكن ليعطى لغيره ، لأسباب لم تعد خافية ، اليوم ، على أحد ! ومن أهمّها : الارتباط المذهبي والسياسي والأمني..  بإيران ، بشكل تامّ ! والارتباط السوري بإيران ، بشكل عجيب ، يتجاوز حدّ التحالفات السياسية بين الدول ، إلى حدّ التبعية التامّة للنظام الإيراني !

 ومعروف أن أهداف إيران ، في لبنان ، ليست لبنانية ، ولا فلسطينية .. إلاّ في نظر المحبطين اليائسين البائسين ! وأن أهداف إيران ، في الهيمنة التامّة على سورية ، عسكرياً وأمنياً ، والسعي إلى الهيمنة المذهبية التامّة ، على الشعب السوري .. أن هذه الأهداف ، ليست سورية ، ولا فلسطينية ، ولا عربية ! وإن رآها المحبطون اليائسون ، كذلك .. أو توهّموا أنها يمكن أن تكون كذلك ، يوماً ما ، بعد أن تهيمن إيران على المنطقة العربية ، بأسرها !

·  تقديم الخدمات والمنافع ، بين الأفراد ، قد يكون دافعه خلقياً ، أو مصلحياً .. وهو مدعاة للشكر والعرفان ، وربما الحبّ ! لكن هذا لايكون بين الدول ، القائمة علاقاتها على أساس المصالح ! وإلاّ لكانت دولة ، مثل الاتحاد السوفييتي المنحلّ ، من أحبّ الناس ، إلى قلوب الملايين من أبناء العرب ، الذين دعَم دولهم بالسلاح ، في مواجهة إسرائيل ، وحلفائها الغربيين ! لكن ، لانعلم أحداً يزعم هذا ! فقد كان عقلاء الأمّة ، جميعاً ، حتى الشيوعيون منهم ، يعلمون أن السوفييت ، إنّما يخدمون مصالحهم في بلادنا ! مع أن الألوف من ضبّاط السوفييت ، كانوا في بعض الدول العربية ، يدرّبون عساكرها ، على الأسلحة السوفييتية .. بل ، ويسهمون ، أحياناً ، في تقديم النصائح ، في الحروب ! وما نعلم أن القادة السوفييت ، طلبوا من أيّ زعيم عربي ، السماح لمبشّريهم الشيوعيين ، بنشر الفكر الشيوعي ، بين أبناء شعبه ، لقاء مساعدتهم له ، في التسليح والتدريب ، والنصائح العسكرية !

·  الشجاعة في الحروب ، موجودة منذ القدم ، عند البشر ! ولا يخلو شعب ، من رجال شجعان ، أو أبطال ، يستحقّون التقدير والاحترام ! وما نحسب شجاعة الشعب الفيتنامي ، في محاربة أمريكا ، تغيب عن بال من عاصروا تلك الحرب ! فهل هذا يعني ، أن علينا أن نحبّ هؤلاء الناس ، بالضرورة ، لشجاعتهم في الدفاع عن بلادهم، وعن مصالحها في وجه المعتدين !؟ كما أن البطولات التي أظهرها الشعب الفلسطيني ، عبر تاريخه الحديث ، مضرب أمثال لأمّتنا ، وللبشرية كلها ! فلمَ يجب علينا أن ننبهر بنصر الله ، وبحزبه ، وبإيران التي توجّهه لخدمة مصالحها ، في بلادنا !؟

·  الخلاصة: لقد قبض نصر الله وحزبه ، ومِن ورائهما إيران ، ونظام الحكم السوري ،  الذي أباح لها احتلال سورية ، دون أن توجف عليها من خيل ولا ركاب .. نقول : لقد قبض هؤلاء أثماناً باهظة ، من أمّتنا المبتلاة الصابرة ! وليت ما قبضوه مالاً ومتاعاً ! إنه سيادة على دولة عربية ، هي لبنان.. وسكوت على احتلال دولة عربية ، هي العراق .. وغزو عقدي لقلوب الألوف ، أو الملايين ، من أبناء الأمّة العربية .. وهيمنة إيرانية فارسية ، على عدد من الدول العربية ، منها : العراق وسورية ! مع التمهيد الفعّال ، للسيطرة على لبنان .. والحبل على الجرّار!

فليصفّق المبهورون ، بنصر الله ، وفارس ، وآل أسد .. اليوم ! وليهتفوا لحلف الممانعة النبيل! لكن ، نذكّر من يغار منهم على وطنه ، بأنه سيندم ، ذات يوم.. حين يرى وطنه ، وقع فريسة ، لاحتلال فارسي بشع.. والعراق شاهد ! ونذكّر من يخاف على عقيدة أبنائه ، بأنه سيندم ، حين يرى عقول أبنائه وبناته ، وقلوبهم .. قد ملئت بعقائد غير عقيدته ، ورموز دينية وتاريخية ، غير ما ربّي عليه واستقرّ في وجدانه !

 ولكلّ وجهةٌ هو مولّيها !!