يا أصحاب القرار
يا أصحاب القرار ...
اقرؤوا عميقاً ما وراء العبارة !!
تحسين أبو عاصي
– غزة فلسطين –
[email protected]
إلى أصحاب القرار الفلسطيني ، إلى
أصحاب القرار العربي ، إلى الملوك والرؤساء والحكام العرب ، إلى قادة دول العالم،
إلى أمريكا ومن سار بفلكها ، إلى الرباعية الدولية ، إلى دعاة الحرية وأنصار
الديمقراطية وحقوق الإنسان ، هل يؤرق مضاجعكم ما يحدث في قطاع غزة ؟ هل يحرك لكم
ساكنا ؟ هل تفكرون في مليون ونصف عربي مسلم في القطاع ؟ هل تعيشون كما يعيش سكان
قطاع غزة ؟
اليوم يوم المقايضة ، فإما المال وإما
الكرامة ، إسرائيل توقف أموال الضرائب المستحقة للشعب الفلسطيني ؛ بسبب احتجاج فياض
على سياسة الاستيطان الإسرائيلية ، وأمريكا أوقفت من قبل مساعداتها عن مصر، بحجة
عدم الجدية في محاربة ظاهرة الأنفاق على الحدود مع قطاع غزة ، وقطاع غزة يتم حصاره
ويمنع عنه كل شيء .
فماذا بعد ؟ .
·
يقف الناس اليوم في
طابور الذل لترخيص مركباتهم ؛ فيحصلون على كابونة مقدارها عشر لترات من وقود
البنزين ، ثم يذهبون إلى محطة الوقود ؛ ليقفوا في نفس طابور الذل لعلهم يحصلون على
الكابونة بدون رشوة .
·
أثناء ذهابي إلى عملي
وفي شهر فبراير الماضي ، وجدت طفلا ذاهبا إلى مدرسته حافي القدمين في جو بارد ماطر،
وعندما سألته لماذا أنت حافيا ؟ أجابني قائلا : طلبت مني أمي أن أخرج حافيا لأني لا
أملك حذاءً وأبي لا يعمل ولا دخل لنا .
·
أطفال كثيرون يمشون
حفاة في قطاع غزة في الفصول الأربعة .
·
وأطفال كثيرون يقفون
على المزابل يبحثون عن طعام ، وإنني أدعوكم صباحا لرؤية أكوام القمامة المتكدسة (
أجلكم الله ) بجوار مستشفى الدرة للأطفال ، في منطقة التفاح في مدينة غزة ، لتروا
بأم أعينكم الصغار والكبار وهم واقفين يبحثون بين القمامة عن طعام لهم .
·
عندما يُمنع الوقود
عن قطاع غزة ، تتكدس أقوام القمامة في كل شارع من شوارع القطاع تقريبا ، بجوار
المستشفيات والحدائق وفي الشوارع الرئيسية والفرعية ، ونحن اليوم مقبلون على فصل
الصيف .
·
الموظفون في بلدية
غزة لم يحصلوا على مرتباتهم ، منذ أكثر من سنة .
·
الصيف مقبل وبلدية
غزة لا تملك من الوسائل ما يؤهلها لعمليات الإنقاذ البحري، وحوادث غرق أطفالنا
وشبابنا على الأبواب .
·
ذهبت لزيارة صديق لي
فسألت أطفاله : ماذا أكلتم اليوم في طعام الغداء ؟ قالوا خبزا مفتوتا مع الشاي ، ثم
سألتهم : وماذا أكلتم في طعام الصباح ؟ فقالوا خبزا مفتوتا مع الشاي ، فقلت لهم
وبالأمس ؟ فأجابوا نفس الإجابة ، ثم سألتهم : وأول أمس فأجابوا أيضا بنفس الإجابة ،
سألت طفلا آخرا من نفس أطفال الأسرة نفس الأسئلة السابقة وكانت الإجابة واحدة .
·
دخلت ابنتي في
صغيرتها مستشفى للأطفال ووجدت هناك امرأة بصحبة طفلتها أيضا ، قالت المرأة لابنتي :
أحب أن أنام المستشفى بأطفالي من أجل أن أطعمهم لحم الدجاج المحرومين منه .
·
بعض الموزعين لغاز
الطهي يستغلون الناس ويبيعون قارورة الغاز بـ ( 170 ) شيقلا أي حوالي خمسين دولارا
.
·
بعض أصحاب محطات
الوقود يستغلون الناس و يبيعون الوقود في منتصف الليل بأسعار مضاعفة .
·
بعض عمال أصحاب
الوقود يطلب الرشوة من بعض الناس مقابل التعبئة .
·
يشعر الناس بضيق شديد
من الرائحة المنبعثة من السيارات التي تخلط الوقود بالزيت .
·
ذهب صديق لي لتعبئة
قارورة الغاز فطلب منه الموظف أمرا من السلطة الحاكمة .
·
حدثني صديق لي بأن
السلطة الحاكمة اجتمعت بموزعي الغاز على البيوت وطلبت منهم عدم توزيع الغاز إلا
بخلو طرف من شركة الكهرباء أو من بلدية غزة لكنهم رفضوا ذلك خوفا من الوقوع بمشاكل
مع الناس .
·
قارورات الغاز يتم
توزيعها ليلا على من يشاءون من خلق الله ، فهم عيال الله وباقي الناس ليسوا عيال
الله .
·
ذهبت زوجة ابني لعلاج
طفلها الذي يبلغ الخامسة من عمره في المستوصف القريب فقال لها الطبيب لا يوجد دواء
.
·
أحياء بأكملها في غزة
تشكو من قطع الماء والكهرباء عنها ، وعندما تتواجد الكهرباء نفتقر إلى المياه ،
وعندما تتواجد المياه نفتقر إلى الكهرباء من أجل رفعها إلى أعلى .
·
الأسعار ترتفع بشكل
جنوني وغير مسبوق ، حتى أن كيس الدقيق وصل سعره إلى حوالي خمسين دولارا ( 165 )
شيقلا تقريبا ، وثمن تعبئة جرة غاز الطهي ، في أوقات الشفقة والرحمة حوالي (62 )
شيقلا أي ما يقرب من عشرين دولارا ، وثمن لتر البنزين حوالي ( 40 ) شيقلا .
·
الكثير جدا من
المصانع والمحال التجارية أغلقت أبوابها ، وفي كل بيت بطالة ، والناس ينتظرون بشغف
طابور الذل ؛ من أجل الحصول على مساعدة الـ ( 100 ) دولار ، في كل حجة رجبية
أومدرية .
·
الناس مضغوطون
ومتوترون ، والأنفس متعبة والأعصاب مرهقة .
·
النساء يقفن منتصف
الليل طابورا على أبواب محطات التوزيع من أجل تعبئة قارورة غاز الطهي .
·
مياه قطاع غزة لا
تصلح للشرب ، ولا لري المزروعات بسبب ملوحتها وتلوثها .
·
نسبة عدد المرضى
بالأمراض المزمنة ، وبمرض السرطان في قطاع غزة في تزايد مستمر ومخيف .
·
الهواء والتربة
تتعرضان للتلوث ، ولا يعلم نتيجة ذلك إلا الله وحده .
·
المزروعات في قطاع
غزة ملوثة بشكل يهدد حياة الناس .
·
السوق الفلسطينية
تفتقر إلى كل شيء حتى كاسات الماء والشاي وفناجين القهوة .
·
حدثني أخ أنه عرض
عليه شراء طفل من أجل أن تتمكن أسرة الطفل من الحياة .
·
وفوق كل ما سبق ،
إسرائيل تنشر الموت والرعب والإرهاب في كل مكان .
رحمك الله يا من قلت قولتك المشهورة وسط قذائف الموت في أحراش جرش ، فتلقفها
التاريخ بمداد من الذهب ؛ ليجعلها مدرسة عبر العصور والأجيال : (( نموت واقفين ولن
نركع إلا لله )) .
نعم للموت من أجل الكرامة ، ولا للدعة والرفاهية بضياع الوطن ، فهذا شرفنا أن
اختارنا الله من بين شعوب العالم على هذه الأرض المقدسة ، وبإذن الله لن يدوم ظلم
ولا يطول ليل ، وإن مع العسر ليسرين ، وإن الله مع الصابرين ، ولن يضيع حق شعب
فلسطين مهما طال الزمن ، فقد قالوا من قبل : الكبار يموتون والصغار ينسون وأن هذه
الأرض هي أرض بلا شعب لشعب بلا أرض .