أمسك حرامي
أمسك حرامي
أمين إسكندر
حان الوقت لكي تضطلع مجموعة من ناشطي المجتمع المصري بالدفاع عن ثروات الشعب المصري المنهوبة من قبل سلطة الحزب الوطني الحاكم للبلاد ومنذ ما يقارب الخمسة وثلاثين عاماً.
ليس أمامنا من سبيل غير أن المواطنين يدافعون عن مصالحهم في الحرية والتعدد وتداول السلطة وفي العدل الاجتماعي وفي الدفاع عن ثروة مصر المنهوبة، ثروة الأجيال القادمة من شعب مصر.
علي أن تتشكل تلك الجماعة (الدفاع عن ثروة المصريين) من رموز سياسية واقتصادية وفكرية ومهنية، حتي تكون قادرة علي متابعة ملفات نهب الثروة الذي تم تحت اسم الانفتاح الاقتصادي، والخصخصة، وتوظيف الأموال علي الطريقة الإسلامية، وتسقيع الأراضي، والقروض من البنوك، وسرقة الأثار المصرية، وبيع ديون مصر، وملف علاقة بعض رجال الأعمال بالمعونة الأمريكية، وملف العلاقات بين رجال الأعمال و(إسرائيل) والاحتكارات السائدة في السوق المصري. كما أن أجندة المهام المطلوب بحثها بدقة دخل قناة السويس وكيفية صرفه؟ ودخل مصر من البترول والغاز وكيفية الصرف أيضا؟ كذلك لابد من دراسة كاشفة لثروات رجال الأعمال المصريين الكبار ومن أين جاءت؟ وعلاقة ذلك بتسهيلات السلطة، وكذلك علاقتها بالمعونة الأمريكية؟ وماهي الإضافات التي نتجت عن أموالهم واستثماراتهم للاقتصاد المصري؟ وما حجم ديونهم للبنوك؟ وما علاقة حجم تلك الثروات بالمصاهرة التي تمت بين السلطة ورجال الأعمال؟ وما علاقة تلك الثروات بالتجارة في النفط والسلاح؟ أجندة متخمة لكنها تستحق ان تنجز من قبل جماعة وطنية تعمل لأجل الوطن وتناضل من أجل الحفاظ علي ثروة أبنائه، وتسجل أرقاماً تقريبية للفساد، كما تعمل من أجل تنشيط ذاكرة المصريين بشأن سارقي ثروة أبنائهم، وتعمل كذلك علي مخاطبة المؤسسات الدولية التي من المحتمل أن تكون حافظة لتلك الثروات المنهوبة حتي تكون هناك مطالبة بهذه الحقوق، فلا يضيع حق وراءه مطالب.
لقد قدر بعض السياسيين وبعض الاقتصاديين ماتم نهبه من ثروة البلاد خلال فترة الخمسة والثلاثين عاماً الفائتة، أي منذ صدور قانون الاستثمار في 1974، مايقارب عدة تريلونات من الجنيهات المصرية، كما أن بعض الخبراء قدر أن 5% من الشعب المصري يحصلون علي ما يقارب السبعين في المائة من دخل البلاد، وأن هناك عدة مئات من نسبة الـ 5% تحتكر النسبة الغالبة من السبعين في المائة وتحتكر صناعة القرار السياسي والاقتصادي المصري.
لذلك لابد من قراءة موضوعية وجادة لتلك الظواهر حتي تتكشف لنا القوي صاحبة المصلحة في التغيير وفي المستقبل ــ مستقبل بناء مصر، كما أن تلك الدراسة تكشف لنا حجم القوي المعيقة والمقيدة لفعل التغيير في مصر.. فلقد حان الوقت لكي نعرف ثروات تلك الحفنة التي استأثرت بالثروة والسلطة معاً وحان وقت محاصرتهم دوليا وداخليا حتي لا يتم الإفلات بما نهبوه من ثروات البلاد حتي الأبناء في المستقبل.
- أحداث التوتر الطائفي يقف خلفها انسحاب الدولة من دورها في المجتمع، دورها في حماية نسيج المجتمع المصري، ومن جراء ذلك الانسحاب ازدهرت دوائر الانتماء الديني وأصبحت هي المعبرة عن المواطنين في مصر بعد أن خفت الانتماء الوطني، وبعد أن ذهب أدراج الرياح مشروع تنموي يضم كل المصريين كما كان حادثاً في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين.
فلا شيء يجمع المصريين الآن سوي الدين سواء كان ديناً إسلامياً أو ديناً مسيحياً، لذلك تضخمت ادوار المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية وأصبحت الطائفة تلوذ برموزها الذين أصبحوا بدلاً من الدولة ومؤسساتها.
وأصبحت أجهزة الأمن هي المنوط بها إما صناعة الحدث حتي تأخذ شرعية لتضخمها وتضخم دورها وتضخم ترسانة القوانين المقيدة للحريات أو محاصرة الأحداث بمفهوم أمني قاصر عن علاج مكامن الداء. وهكذا دولة تنسحب من دورها وتعطيه للطائفة ونظام سياسي وشارع سياسي ينسحب من دوره ويعطيه لأجهزة الأمن والحصاد توتر طائفي دائم وتهميش لدور الدولة وتقزيم لدور مصر في المنطقة والعالم.

