حافظ ورفعت ضد العلويين

د.خالد الأحمد

حافظ ورفعت ضد العلويين

د.خالد الأحمد *

كتبت ونشرت قبل بضع سنوات مقالة عنوانها ( حافظ الأسد ضد العلويين ) خلاصتها :

كان اللواء صلاح جديد  علوياً بعثياً يسارياً حتى العظم ، وبعد شباط (1966) انغمس جديد في تسيير شئون البلد ، وأعطى الأسـد مجالاً واسعاً لإدارة القوات المسلحة ، كان صلاح جديد مهذباً، يفضل ارتداء الثياب المدنية،ولم يكن يهتم بالثروة ولا الراحة والتنعم، فكان يعيش في شـقة لايزيد ثمن أثـاثها عن مائة جنيه استرليني ،  ( يقول باترك سيل ) : صلاح جديد وفريقه على وجه العموم كانوا شرفاء ([1]) ( يقصد لم يكونوا لصوصاً  مثل غيرهم  رفعت ، وغازي كنعان و...) الذين صاروا من أغنياء العالم ).

 وكان لكتلة جـديد ( وهم علويون ) الدور الأول في القضاء على الضباط السنّيين ، ثم الضباط الدروز ، ثم الضباط الإسماعيليين ، وقد قدمت هذه الكتلة (كتلة صلاح جديد وهم ضباط علويون) قدموا خـدمـة عظيمة لحافظ الأسـد ، أكبـر من خدمـات أخيـه رفعت ، فعندما لم يكن رفعت سوى طالب ضابط أو ضابط صغير (ملازم ) كانت هذه الكتلة ( الضباط العلويون ) ، ودائماً كان قائدهم صلاح جديد لأن حافظ الأسـد من طبعـه أن يكون حذراً ، ولايظهر بسهولة وسـرعة ، بل بقي كامناً حتى قارب الوصول إلى عرشـه،  كانت هذه الكتلة تصارع الناصريين وتقضي عليهم ، ثم تصارع البعثيين السنيين بقيادة محمد أمين الحافظ  .

ثم  قـرر حافظ الأسـد أن يتخلص من صلاح جديد ( العلوي والبعثي المثالي ، المتشبع بمبدأ العمل الجماعي ، والانتماء للحزب ، ومشاركة الرفاق في الضراء والسراء ) ، وكل هذه الأفكار لاتناسب حافظ الأسـد الذي يريـد بنـاء مملكة شخصية لـه ، وليست للحزب ، ولا للطائفة العلوية ، ولا لآل الأسـد ، بل لـه ولأولاده من بعـده .

يقول باترك سيل ص (266) :

( ...كان الأسد وجديد وأتباعهما لايتبادلون الكلام مع بعضهم ، ويتجابهون بشكل مسموم وعلني . كان الأسد مدعوماً بالجيش ، أما جديد فمازال مسيطراً على الجهاز الحزبي ، ولذلك دعا جديـد في (30/10/1970) القيادة القومية إلى مؤتمر استثنائي ([2]) . وخلال اثني عشر يوماً من المجادلات اتهموا فيها حـافظ الأسـد بأنه قبل التسويات الاستسلامية ورضخ للامبرياليين ، وانتهى المؤتمر بقرار يقضي بضرورة تخلي حافظ الأسد عن وزارة الدفاع ، وكذلك تخلي مصطفى طلاس عن رئاسة الأركان .

إلا أن الأسـد كان قد نشـر قواتـه حول قـاعـة المـؤتمـر ، وفي يوم (12 /11 /1970 ) انتهى المؤتمر ، وفي يوم (13) اعتقل حافظ الأسـد صلاح جديد وأعضاء القيادة القومية ، وتمكن بعضهم من الفرار ، ووضع صلاح جديد ، ونور الدين الأتاسي ، وزعين ، وغيرهم في سجن المـزة ، ولم يخرجوا منـه إلا وهم على فراش المـوت ) ([3]) .

وبالطبع سجن أو سرح أو نقل مئات الضباط  العلويين من أنصار صلاح جديد ، كما سجن وسرح مئات من الضباط العلويين من أنصار شقيقه رفعت عندما تخلص منه عام (1984) .

وقبل أن يموت حافظ الأسد ببضع سنين ، لم يترك ضابطاً علوياً في قيادات الألوية ممن يشك في ولائهم لشقيقه رفعت ، أو لصلاح جديد ...لذلك اضطر إلى أن يفتش عن ضباط ( بدو ) في ثلاجة الأركان ، ممن ينتظرون التقاعد ، وممن لايهمهم سوى استلام الراتب ، وأخذ منهم ثلاثة أعرفهم شخصياً ، سلم أحدهم قائد فوج الاستطلاع ، وآخر رئيس أركان لواء دبابات ...

هل صدقتم أن حافظ الأسـد رفـس الطائفـة العلويـة ورماها كما نرمي قارورة الماء الفارغة بعد أن نشربها ، كما رفـس سـائر السلالم التي صعد إليها إلى كرسي العرش في مملكة سوريا الجمهورية الأسـدية  !!!؟؟؟.

ولماذا رفـس حافظ الأسد الطائفة العلوية ، كما سبق أن رفس الحزب حزب البعث ، ثم هاهو يرفـس أخويه رفعت وجميل ...لماذا !!!؟ لأنه لايستطيع أن يبوح لأحد بـسره وبالمهمة التي كلف بها ، وأمضى عمره من أجل تنفيذها ، وهي ضرب الحركة الإسلامية خاصة ، والمسلمين والعرب عامة.

رفعـت أيضـاً ضد الطائفة العلوية

( وهذا موضوع أخذته أمس من موقـع أحرار ســـوريا أظنه للســـيد وحيد صقر يقول : )

كان رفعت الأسد يرسل السيارات والتاترا ت  العسكرية إلى قرى وجبال العلويين في الساحل السوري ليقوم بحملات لتطويع الشبان في تلك المرحلة وكيف كان لايستثني الصغير قبل البالغ من العمر وكان يطوع كل من تجاوز سن السادسة عشر من عمره ويضطرالأهل ليترك  أولادهم مدارسهم والالتحاق بسرايا الدفاع .و كنت حينها أنا [ القائل وحدي صقر ] في الصف العاشر ولأنني وحيد  لوالدي كان من الصعب أن أظفر بهذا الشرف الذي سبقني من عائلتي وقريتي خيرة شباب تلك المنطقة.    تاركين خلفهم كل الآمال والأحلام في متابعة العلم والتحصيل العلمي.  وهنا لابد أن أجزم بمقالتي أن سبب تخلف الطائفة العلوية في تلك الحقبه هو رفعت الأسد والذي كان همة الوحيد أن يجمع مناصرين شباب ليتمكن من غسل عقولهم وأدمغتهم بالوعود والأحلام الوردية مستخدماً أن الوضع المادي لتلك الطائفة لايساعدها في متابعة التحصيل العلمي، ومن هنا لاخيار أمامها سوى الانخراط بما تم تسميته سرايا الدفاع ، واعداً الشباب المغرر بهم اللذين تركوا  خلفهم كل أمل في العلم والمعرفة مقابل وعود بقطعة أرض وبناء مسكن  والحصول على سيارة سوزوكي .وهناك مشاهد واقعية للبناء المخالف في منطقة86 المزة والسومرية المعضمية ومنطقة أحداث قدسيا والديماس .كل تلك الماسي شاهد عيان لمصداقية مقالتي.
وكان يرسل مندوبين للتطويع في الساحل كانوا يقولون .
 أيها الشباب لاخيار لنا إلا القائد الذي سينقذكم من الفقر وتحت ستار استخدام الوضع المادي المزري لتلك الطائفة وكان الشعار الذي يردده الشباب الذين تم قبولهم فرسان في سرايا الدفاع كانوا يقولون وبكل أسف : [ رز ومرقة وثلائمائة ورقة والسرايا مرايا ].ومنذ عام 1975 وحتى تاريخ خروج رفعت الأسد لم يكمل شاب علوي تحصيله العلمي إلا ما ندر
 وإن أفلح كان يذهب إلى الكلية الحربية ويتم فرزه إلى سرايا المرايا . إذاً نستخلص العبرة أن رفعت الاسد هو من قتل آلاف الشباب العلوي بإخراجهم من  مدارسهم والتحاقهم في سراياه ، أو الجيش بشكل عام وهذا ما كنت نوهت عنه بمقالات سابقة

أقــول :

وشهد شاهد من أهلـه ، وشهادة وحيد صقر تدعـم ماقلته سابقاً من أن حافظ ضد العلويين ، وأضيف اليوم مايقوله وحيد صقر بأن رفعت أيضاً ضد العلويين ، وأدعـــو المواطنين العلويين الشرفاء إلى الوقوف مع جبهة الخلاص الوطني ، ومع إعلان دمشق ، من أجل سوريا المستقبل ، سوريا الحرة ، سوريا لجميع أبنائها ، سوريا التي لاتقصي أحدا ً من أبائها ، سوريا التي لاتتنازل عن أرضها من أجل الدنيا كلها  ...

              

 

*كاتب سوري في المنفى باحث في التربية السياسية

[1] ـ باترك سيل ، ص 179 .

 [2]  ـ يتضح أن جديد رجل حزبي ، يؤمن بالعمل الجماعي ، لذلك دعا القيادة القومية لتحل المشكلة .

[3]  ـ لم يبق من هؤلاء الذين مهدوا الطريق لحافظ الأسد كي يصل إلى كرسي العرش ، ويضع التاج على رأسه ، سوى مصطفى طلاس ، صاحب كتاب فن الطبخ .