الحزب الإسلامي وضياع التضحيات

محسن المطراوي

محسن المطراوي

[email protected]

تعرض الحزب  الإسلامي إلى حملة تشويه أسوة بجميع الأحزاب الإسلامية كجزء من الحرب الصليبية التي شنت على العراق وكان قدر الحزب إن يكون ممثلاً للسنة ويكون بمقابل الأحزاب الأخرى التي تمثل الشيعة ,وبدفع من الأجندات الخبيثة بدء التخندق الطائفي بين هذه الأحزاب وأخذت الحرب الطائفية طابعاً حزبياً توجه أصابع الاتهام فيه إلى الأحزاب وتحملها مسؤولية الاحتراب الأهلي , وبدء ذلك واضحاً بعد انحسار الفتنة عام 2008  وتعزز في انتخابات مجالس المحافظات عام 2009 حيث تراجعت شعبية الأحزاب الدينية وضعف تمثيلها في مجالس المحافظات .

وكان أمام الحزب الإسلامي فرصة ذهبية تحفظ له عزته وهيبته بعد أن أعطى 11 ألف شهيداً في المواجهة مع الاحتلال ومع قوى التطرف والتشدد فضلاً عن ضحايا الاستهداف الطائفي وعلى الرغم من اتهامه بالطائفية إلا انه يكاد يكون الحزب الإسلامي الوحيد الذي سقط أكثر ضحاياه بيد القاعدة التي تدعي الإسلام السني  , كان أمامه فرصة في الاستجابة لرغبات الشعب العراقي في محاسبة القوى الطائفية إن يعلن انسحابه من العمل السياسي انطلاقاً من النظرية السائدة في عالم الرياضة والمعروفة بالاعتزال في القمة فيعتزل اللاعب وهو في أوج قوته ونجاحه قبل إن يبدأ مستواه وشعبيته بالتراجع والتدني والانحدار ليبقى محبوباً وسط جماهيره .

فكان على  الحزب إن يتجه إلى العمل الدعوي ويترك العمل السياسي و يترك الخيار أمام أعضائه للترشيح والعمل السياسي مستقلين أو مؤتلفين في إطار قوى سياسية أخرى مستفيداً من استبيانات واستطلاعات الرأي العام التي رصدت تراجعا في شعبية الأحزاب الإسلامية وتقدماً ساحقاً للتوجهات العلمانية .

وعلى ما يبدو إن ذلك كان احد أسباب الفراق بين الحزب الإسلامي ورمزه طارق الهاشمي الذي لم يفلح في إقناع الحزب في الانحناء أمام العاصفة التي هزت الحزب و زعزعت نفوذه فيما بعد .

ومن البديهي  اليوم أن الحزب الإسلامي يجري مراجعة لما جرى ولا بد انه يعيد النظر في العمل السياسي ومستحقاته المرتبطة بالشورى وحق الانتخاب وأمانة الاختيار .

ولابد له من استثمار العبر والاستفادة من دروس التجربة التي خاضها, والاستفادة من التجارب الحزبية وخاصة التجربة التركية بل حتى تجارب الأحزاب الرئيسة في الولايات المتحدة الأمريكية القائمة على النخب السياسية والثقافية وليس على القواعد الجماهيرية الكبيرة التي تترهل وتكثر أخطاؤها ويمكن توظيف هذه النخب في الدعوة وكسب الأنصار وهو مبدأ مستمد من الثقافة الإسلامية القائمة على أهمية التأسي والاقتداء (ولكم في رسول الله أسوة حسنة( ولعل من المسلم به أن الحزب الإسلامي فوت فرصة ذهبية في رفضه مشروع الإصلاح والحركة التصحيحية التي تصدى لها الهاشمي بل كان أكثر صدوداً في دفع الأمور باتجاه الخلاف معه والتصعيد الإعلامي الذي قاد فيما بعد إلى  فوزه في الانتخابات وتراجع الحزب وخسارته لقواعده الشعبية.

 وفي تشخيص أولي نرى أن قيادات الحزب في المناطق فشلوا في التواصل وفشلوا في الدفاع عن الحزب ومبادئه ولم يجعلوا قواعدهم في صورة التحديات التي تواجه الحزب والتي منها ما يأتي في أطار السعي لتشويه التيارات الإسلامية أو في إطار سعي بعض القيادات فيه إلى الاندفاع وراء تأييد الإرادة الجماهيرية الطائفية وربما كانت دعوة بعض من قياداته إلى التخلي عن الأجندة الطائفية في مواجهة تخندق طائفي مقابل هي الأخرى كانت سببا لعدم الرضا وتراجع الشعبية ..

وإذا ما أمعنا النظر في واقع الحزب وفي مدى مواجهته لهذه الصدمة نرى انه فشل حين حمّل الجماهير المسؤولية , في خطاب امتاز بالمنة لما قدمه لجماهيره ومع إقرارنا بأنه قدم الكثير لكن لا ينبغي له أن يخضع للاستفزاز لان الحياة السياسية طويلة وإنما هي صولات ولهم في صولات أحزاب السعادة والعدالة والتنمية أسوة ومثل, ولهم في خطاب السيد عمار الحكيم التصالحي مع جمهوره عبرة, حيث سادت عليه لغة الاعتذار والوعد بتقديم ما يرضي ويلبي الطموحات .

إن للحزب الإسلامي وقفات في جميع محافظات العراق تمثلت في تقديم الإغاثة أو التنسيق لها ,وللأمانة نقول انه لم يتحرَ اسم الطائفة أو المذهب وهو يبذل أمواله وكان ينبغي أن يكون ذلك حجته وسبيله في الدفاع عن وطنيته ونبذه للطائفية إلا أن غياب المنهج الإعلامي الواضح في الدفاع ,وردة الفعل الغاضبة لأعضائه في مهاجمة القواعد الشعبية , والمن عليهم بما بذل الحزب من سخاء كان لها الأثر السلبي في إصابة محبي الحزب بالصدمة ونحن متيقنون من أن العقلاء في الحزب الإسلامي والنخبة من جماهيره نصحت وبينت ما كان من الأخطاء التي أدت إلى انحسار شعبيته بل إننا سمعنا بذلك في مناسبات عديدة لكن يبدو أن القيادات المسيطرة في الحزب صمت آذانها عن سماع الناصحين.