ليس دفاعا عن الإخوان
ليس دفاعا عن الإخوان
السيد علي شعيب
باحث في الفلسفة الإسلامية
[email protected]
يحلو للبعض أن يصنف كل مدافع عن الإخوان أو متعاطف معهم "أنه ينتمي إلي الإخوان"
مثلما حدث مع المستشارة نهى الزيني وغيرها من القضاة والصحفيين والكتاب. لذلك آليت
على نفسي ألا أدافع عن الإخوان هنا بقدر دفاعي عن الحق وإن كنت على يقين أنني لن
أنجو من الاتهام ذاته!
إنني هنا أدافع عن الحق الإنساني في حرية الفكر والانتماء في مصر ذلك الحق الذي بات
ينتزع من المواطن المصري انتزاعا أيا كان توجهه أو انتمائه أو موقعه بدعاوى كاذبة
وسخيفة مثل الانتماء لجماعة محظورة أو العمل على قلب نظام الحكم أو التحريض على
الإضراب أو إثارة الرأي العام...إلخ.
كما
أدافع عن حق المواطنة والوطنية الذي يروج له المروجون في خبث ودهاء ويفصلونه على
مصالحهم وأغراضهم ويظهرون ما لا يبطنون في مكر ونفاق!
لقد
فزعت فور سماع النطق بالحكم في قضية الساعة المحاكمة العسكرية لعدد من قيادات
الإخوان المسلمين وعلى رأسهم المهندس خيرت الشاطر عضو مكتب الإرشاد بالجماعة وغيره
من رجال الأعمال وأساتذة الجامعة وقد جاء الحكم قاسيا وجائرا إلى أبعد الحدود حيث
حكم عليهم بأحكام تتراوح بين ثلاثة أعوام إلى عشرة أعوام مع الحكم ببراءة خمسة عشر
آخرين.
أين
الحرية والديمقراطية التي تتستر بها الحكومة حين تصادر حرية الفكر والاعتقاد أهي
لعنة الفراعنة تلاحق الحكومة فتذيع في الناس أني لا أريكم إلا ما أرى وما أهديكم
إلا سبيل الرشاد! أم إنها لعبة السياسة وقانون الغابة!
أين
معاني الوطنية التي تتشدق بها الحكومة في وسائل الإعلام ويتغنى بها الفنانون
والفنانات ليل نهار "يبقى أنت أكيد أكيد في مصر" و"أنا مصري وأبويا مصري و"ومشربتش
من نيلها" هل هي دعوة فعلا لحب الوطن والعمل على تقدمه والتفاني في خدمة المواطن؟
أم إنها دعوة إلى حب الحزب الوطني والتسبيح بحمد الحكومة !
وأين هذه المواطنة التي مللنا سماعها وقرفنا من قائليها ومروجيها أهي في التفرقة
بين المواطنين على أساس تدينهم وانتماءاتهم ومحاربتهم في أرزاقهم وتشريد أبنائهم
وتدمير مستقبلهم وقتل طموحاتهم وأحلامهم!
هذا
ومع علمي بأن هذا الحادث ليس الأول من نوعه الذي يرتكب في حق الإخوان المسلمين
فإنني أقول هنا إن الحكومة قد ارتكبت بفعلها ذلك عدة أخطاء شنيعة ليس في حق الإخوان
فقط ولكن أيضا في حق كل مواطن مصري منها:
ـ
مخالفة الحكومة المصرية كل القوانين الدولية والأعراف الإنسانية ومحاكمة المدنيين
أمام محاكم عسكرية.
ـ
القبض على أساتذة الجامعات والأطباء ورجال الأعمال الشرفاء هو مصادرة للإبداع
ومحاربة للعلم والنبوغ وقتل للنزاهة والشرف والرجولة وإطلاق أيدي المفسدين
والمجرمين في البلاد والعباد وإشاعة ثقافة الفساد والانحراف والإجرام.
ـ
اتساع الهوة بين الحكومة والإخوان وتصاعد حدة الصدامات بينهما.
ـ
الحكم بالسجن في تهم لم تثبت صحتها يفقد مصداقية الحكومة المصرية والقضاء المصري
لدى الشعب.
ـ
تعميق ثقافة الكره والحنق ضد الحكومة وحزبها الحاكم.
ـ
تكريس معاني الإحباط واليأس واللامبالاة والسلبية.
ـ
تحقق المزيد من التأخر والمزيد من التخلف والاضطراب والفوضى.
ـ
إشعال فتيل المعارضة للحكومة من قبل القضاة والصحفيين والأحزاب لا سيما وقد ذاق
بعضهم من نفس الكأس الذي شرب منه الإخوان ودفعوا ضريبة الإصلاح من حرياتهم وأرزاقهم
ومستقبلهم.
ألا
ترى الحكومة أن ما يحدث الآن في مصر من إفساد منقطع النظير وفوضى عارمة وإزهاق نفسي
وبدني للمواطنين نذير شؤم لها لا وللمجتمع بأسره ! وبأن ما يحدث كذلك من إضرابات
عمالية وتظاهرات شعبية ووقفات احتجاجية لهو مؤشر بحدوث انتفاضة شعبية كبيرة تأكل
الأخضر واليابس!
ألا
فلتتعظ الحكومة وليفق رجال الحزب الوطني قبل أن يغمرهم طوفان الجوعى والمحرومين
والمظلومين!