شيخ العراقيب .. الأرض أرضنا عن أبونا وجدنا

نبيل عواد المزيني

شيخ العراقيب ..

الأرض أرضنا عن أبونا وجدنا

نبيل عواد المزيني

[email protected]

باحث- الولايات المتحدة

بعد ان بدأ القيظ يفرض حضوره المنهك على عرب النقب، وصلت الي قرية العراقيب قوات كبيرة معززة بالجرافات وآليات نقل ثقيلة مدعومة بقوات الشرطة ودخلت القرية لهدم البيوت للمرة الثانية في غضون أسبوع والتي كان أعيد بناؤها بقرار من لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية ، ثم تركت الأهالي بجوار حطام ديارهم  في العراء  وتحت حراراة شمس النقب المحرقة ، بعد ان اعتقلت شيخ العراقيب الشيخ المناضل صياح ابو مديغم الطوري ، والذي وصف ماجري بأنه «حرب تحرير»، وأوضح قائلا ان « النكبة الفلسطينية عادت لتحيا من جديد ، بعد ان حضروا بقوات ضخمة إلى القرية ونشروا جو إرهاب على عائلاتنا، وغالبيتهم من النساء والأطفال، واعتدوا بالضرب على كل من اعترض طريقهم وهدموا البراكيات بوحشية».

وقد اعربت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية عن استنكارها للممارسات الإسرائيلية ضد عرب النقب ، والاعتداء على النائب طلب الصانع، وعلى سكرتير الجبهة أيمن عودة واعتقاله ، وعلي اعتقال شيخ العراقيب الشيخ صياح أبو مديغم وآخرين، وطالبت بإطلاق سراح جميع المعتقلين على الفور ، وصرحت بأن «العناد الإسرائيلي والإصرار على الهدم أمر خطير يتطلب توحيد الصف العربي في سبيل التصدي لهذه السياسة الهمجية»، وأكدت اللجنة علي «استمرار المؤسسة الإسرائيلية في سياسة هدم البيوت في النقب وغيره، ولن يثنيها شيء عن إعادة البناء وعن اتخاذ خطوات عملية أخرى، حتى تكفّ المؤسسة الإسرائيلية عن اقتراف العمليات التخريبيّة».

ان العرب في النقب يزيد تعدادهم عن مائتي ألف عربي ، يعيشون فوق ارض تبلغ مساحتها  12 ألفا و577 كلم٢ ، اي مايعادل 40% من مساحة ارض فلسطين التاريخية ، غير ان هناك  45 قرية عربية لا تعترف إسرائيل بها وتعمل ليل نهار علي تطبيق مبدأ " أكبر عدد من السكان العرب علي اقل مساحة من الارض " عن طريق تجميع سكان ال 45 قرية في ثمانية تجمعات تحولت إلى مراكز للبطالة والفقر، وهي أشبه بمخيمات للاجئين أقامتها لهذا الغرض ، لاكن عرب النقب "البدو" يرفضون إخلاء قراهم  رغم الضغوط الشديدة عليهم وبينها عدم تزويد قراهم بأي نوع من الخدمات الاساسية كالماء والكهرباء أو اي  بنية تحتية.

  وكانت السلطات الاسرائيلية قامت بحملة هدم شاملة طالت كل شئ بقرية العراقيب في في السابع والعشرين من تموز الماضي وشردت الشيوخ والأطفال والنساء، إلا أن مشهد اخلاء السكان هذة المرة لهدم ماتم أعادة بناءة وهو ما يقارب ال 20 بيتاً ، كان مشهد الاخلاء اكثر عدوانية وارهاب لأهالي العراقيب وابنائهم ونسائهم ، فحسب شهود عيان ان «القوات التي جلبوها كانت قاسية وتعاملت بهمجيّة كبيرة مع أهل المكان» ، وقامت بالاعتداء على الأهالي وعلى من تواجد في المكان، وكان بينهم المحامي سالم أبو مديغم من 'عدالة ، والدكتور عواد أبو فريح وآخرون، الأمر الذي استدعى نقل قسم منهم الى المستشفى لتلقي العلاج.

  وقد عبرت السلطات الاسرائيلية عن  وحشيتها في التعامل مع العرب عندما حاول أهالي العراقيب منع عمليات الهدم الهمجية للمرة الثانية بأجسادهم ، فقامت بإعتقالهم وعلي رأسهم شيخ العراقيب المرابط الشيخ صياح ابومديغم الطوري والذي هُدم منزلة للمرة الثانية في غضون اسبوع  وعدد من أبنائة ، ورغم كل ماتعرض لة هذا الشيخ الابي إلا أنه رفض التوقيع علي تعهد بعدم دخول قرية العراقيب كي يتم اطلاق سراحة ، وفضل السجن علي العيش خارج ارض اجدادة ، وفي هذا برهان علي تشبث عشائر الطوري واهل العراقيب بأرضهم والذي كتبنا عنة مقال سابق بعنوان " العراقيب .. باقون مابقي الزعتر والزيتون "

  وعن أصالة العراقيب وأهلها الأبية، يحدثنا التاريخ بأن معظم عائلات تلك القرية الان تعود الي عشائر الطوري من قبيلة مزينة العدنانية ، وهم يعيشون فوق هذة الارض منذ زمن بعيد و قبل قيام اسرائيل ، وعن هذا يروي شيخ العراقيب الشيخ صياح ابومديغم الطوري " معنا إثباتات أن هذه الأرض هي أرضنا ومعنا صور جوية من سنة 1936 وسنة 1945 تثبت أننا كنا نسكن على الأرض ونفلحها ، ومعنا أوراق دفع ضرائب تعود لسنة 1922. معنا كوشان ملكية "طابو" بريطاني ، وعندنا مقابرنا التي تثبت وجودنا من أيام العثمانيين ، وكأن لسان حالة يقول " ألارض أرضنا .. عن أبونا وجدنا .. وبكرة ولا بعده .. لاولادنا بعدنا "

  ان الانسان العربي لم يسلم من الظلم علي ارضة  حيا ولا ميتا ، فحتي القبور العربية لم تسلم من عدوان السلطات الاسرائيلية ، بعد ان أكدت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث أن آليات وجرافات الاحتلال في بلدية القدس, قامت اليوم الأربعاء بجرف وهدم 15 قبراً في مقبرة مأمن الله بأقصى الجهة الشمالية الشرقية للمدينة ، وفي بيان لها وصل الي كاتب هذا المقال نسخة منة ، أشارت المؤسسة الي أن عملية الهدم تمت على إثر قيام المؤسسة المذكورة بالتعاون مع متولي وقف المقبرة بأعمال صيانة وترميم وتنظيف فيها, وذكرت المؤسسة أن هذه المقبرة تتعرض لاعتداءات وانتهاكات متواصلة.

  ولازال يناضل شيخ العراقيب  صياح ابومديغم الطوري حتي من داخل معتقلة ، من اجل حقة في العيش علي ارض جدة ، حيث نقلت صحيفة «يديعوت احرونوت» عنة قولة «هذه حرب ضد تجمعات البدو خصوصاً والعرب عموماً، لكننا سنواصل البناء» ، كما حذر الناطق باسم قرية العراقيب الدكتور عواد أبو فريح من ان «هذه العملية تمثل خطوة أولى في عملية اقتلاع قرى أخرى»، لكنه شدد على «اننا سنعود الى قرانا، ونعيد بناء منازلنا ولن نترك منطقتنا» ، كما أكد رئيس لجنة الدفاع عن العراقيب يوسف أبو زايد علي أن السكان سيقومون بإعادة بناء القرية من جديد .