لو أنَّ الشاعر معروف الرصافي حيٌّ يرزق ..!!

يحيى السَّماوي

آه ..

لو أنَّ الشاعر معروف الرصافي حيٌّ يرزق ..!!

يحيى السَّماوي

[email protected]

علمٌ ودستورٌ ومجلسُ أمَّة ٍ     كلٌّ عن المعنى الصحيح ِ مُحَرَّفُ

أسماءُ ليس لنا سوى ألقابها      أمّا  معانيها فليست تعرَفُ

مَنْ يقرأ الدستورَ يعلمُ أنه ُ       وفقا ًلصك ّ الإنتداب ِ مُصَنفُ

هذه الأبيات من قصيدة للشاعرالعراقي الكبير معروف الرصافي ، كتبها في العهد الملكي ، احتجاجا ً على الدستور العراقي المؤقت الذي سُنَّ إثر قيام الدولة العراقية ، وتنديداً بالبرلمان العراقي آنذاك والذي كان اسمه مجلس الأعيان ... ومع أن القصيدة كان لها دويُّ العاصفة في حينها ، إلآ أن الحكومة لم تتوعده بالويل والثبور ... علما ً أن الدستور الذي هاجمه الرصافي لم يتضمن تقسيما طائفيا للشعب العراقي ، ولا نظام محاصصة مقيتة لتقاسم كعكة السلطة ... وأما مجلس الأعيان ( البرلمان ) فلم ينتحل أيٌّ  من أعضائه شهادات أكاديمية مزوّرة ، ولم يكن البعض منهم  مقيماً  خارج العراق في عمان ولندن وواشنطن متمتعا بملايين الدنانير شهريا ... والحكومة التي تهجّم عليها الرصافي في هذه القصيدة ، لم تكن بعد قد استخدمت ترسانتها العسكرية لدكِّ هذه المدينة أو تلك البلدة ( ستقمع لاحقا ً هذه التظاهرة الشعبية وذلك الإضراب العمالي ، وستعدم بضعة مناضلين من خيرة مناضلي الشعب العراقي  لكنها لم تسمح بإعدام معارضيها حرقا ً حتى الموت بدون محاكمة ، ولم تضع " جدران الفصل الطائفي " بين الأحياء السكنية ، بل ولم تقم بدكّ البيوت على رؤوس الأطفال والنساء نيابة ً عن قوات الإنتداب البريطانية ) ...

ترى ما القصيدة التي سيكتبها الشاعر الكبير معروف الرصافي لو أنه يعيش بيننا الان ؟ وما الذي سيقوله عن دستور" القيصر  بريمر " وما تضمنه من قنابل موقوتة طائفية الدخان يمكن أن تؤدي إلى تفتيت وحدة الأرض والإنسان العراقيين ؟ وما الذي سيقوله عن  برلماننا الذي زعمت الحكومة أنه يمثل الشعب العراقي بكل أطيافه  بينما هو لا يمثل إلآ الكتل والأحزاب السياسية المشتركة في " وليمة السلطة " ؟

وما الذي سيكتبه عن " أباطرة " المال الجدد الذين لم يكونوا يملكون قبل سنوات قليلة ، أكثر من تلفاز ملوّن في شققهم المستأجرة في دول اللجوء ، فإذا بهم يملكون بعد بضع سنوات من نعمة " التحرير المزعوم "  شبكات تلفزة فضائية وأرصدة خرافية  وفللا وعمارات في بغداد وعمان ولندن (  وفي عواصم أخرى لا يعلمها إلآ الراسخون في  نضال صفقات  الأقبية السرية ) ؟ 

لقد شهدت عواصم العالم سقوط  حكومات بكامل أعضائها ، لأن وكيل وزير، أو مسؤولا من مسؤولي الحكومة تلصص على هاتف سياسي معارض أو تقبَّل هدية ً من شركة مقاولات وطنية أو أجنبية حتى لو كانت قيمة  هذه الهدية بضع مئات من الدولارات ... أما في عراقنا " الديمقراطي الجديد " فإن ضياع واختلاس ومجهولية  دزينة كاملة من مليارات الدولارات ، ليس بالسبب الوجيه لإسقاط الحكومة أو حل البرلمان ....

آه .. لو أن الشاعر معروف الرصافي بيننا الان ... فالمؤكد ، أنه سيُصرُّ على أنه كتبها كنبوءة مستقبلية عن عراقنا الديمقراطي الجديد هذا .... والمؤكد أيضا ، أنه سيقرأ سورة الفاتحة على لصوص الأمس البعيد ، وسيلعن ساسة  " مدغشقر" وأعضاء برلمان " موزمبيق " والمندوب السامي الغواتيمالي في " جزر عطارد " ..!!