أما آن لليل أن ينجلي.. ولجدارنا أن يزول

مؤمن كويفاتيه

أما آن لليل أن ينجلي.. ولجدارنا أن يزول

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

( بينما كنتُ أُقلّب صفحات المواقع ، وإذ بصحيفة الشرق الوسط الإمبريالية في عرف النظام السوري ،وعلى إحدى صفحاتها  امرأة في العقد الرابع ، تضع المكياج ، وتُخفي كل الشوائب والقبائح العالقة بها ، وتضع المساحيق الأحمر والأصفر والأبيض والبودرة وهي كحيلة العينين ، وصابغة الشعر ، وتلبس البدلة الشبابية ، إنها "وزيرة إرهاب المُغتربين بثينة شعبان" التي تبدو بابتسامتها الصفراء ،التي لم تستطع أن تُخفيها لسوء سريرتها وسجيتها، وكأنّ لسان حالها يستنكر مافعله الزمن بها من سوء المُنقلب فوق ماهي عليه بالأساس ، وهي تظهر الى جانب مقالتها  بعنوان " أما آن لليلهم أن ينجلي عنا؟...." فاضطررت الى التصحيح والاستدراك بالقول" أما آن لليلنا أن ينجلي عنا؟ وأما آن لجدار البعث الاشتراكي الإلهي البشاري النصراوي أن يزول ...." ، ولماذا اختارت ليلهم وليس الليل بأجمعه ؟ ولماذا ليلهم قبل ليلنا الذي يجثم على صدورنا فيمنع نَفَسَنَا ، ويغطّي على أعيننا فلا نرى إلا الظلم والظلام والقهر والفقر والبؤس والشقاء والعناء ، وحتى الصُراخ من الألم مُنعنا عنه ، وعقود من الزمن ونحن وملايين السوريين ماوراء الأسوار عبر البوابات الأمنية التي لانستطيع اجتيازها ، هذا عدا عن مُحاولاتهم الحثيثة لإذلال شعبنا ؛ ومنعه من التعبير عن مُعاناته وآلامه ، وأنه ليس عليه إلا أن يقول تمام تمام ، كما هذه المُتصابية شعبولا تُريد أن تُصوّر الأمور ، بأننا نعيش في جنّة الطغيان)

فليلنا في سورية التي تحََكّم فيها الطُغاة ياشعبان شديد الظلام ، ولايجوز للمواطن فيه أن يشتكي أوحتى يصيح من الألم ، وعليه  أن يرضى بالذُلّ والهوان ، وأن يعيش ميتاً وهو حيٌ يُرزق ، أو يندثر في بطن الأرض التي أضحت له خيرٌ من ظهرها لما يُعانيه من وطأة الحياة البائسة وظلم الحكّام وسيطرة الأجهزة الأمنية على كل شؤون الحياة ، فأينما يسير المواطن يجد ظُلّه الأمني القمعي  يُتابعه في كل سكناته وحركاته ، يرصد عليه أنفاسه ، ويمنع عنه حقّ الحياة الكريمة وهو يومي إليه بأننا هنا، ومن خرج عن الطوق يُرمى به في أقبية السجون وزنازين التعذيب ، لتُهان كرامته ، وتُحطّم كرامته ، ويُعبث في أرزاقه ، ويُحارب في أهله إلى أن يستسلم ، أو يبقى وراء القضبان ويُحكم بالسنين الطوال ، أو يُنفى من الأرض من بين أهله وخلانه وأحبابه وجيرانه كما هو حال الملايين أمثالنا ، ومنذ عقود لانستطيع العودة إلى الوطن لأننا جميعاً محكومين بالموت لتجرأنا على مُعارضة الدكتاتور بشار وقبله أبيه ، الأكثر دموية والأشدّ فتكاً بالإنسانية 

فهذا هو ليلنا ياشعبان الأكثر ظُلماً وشؤماُ وسواداً ، من وأد للحرية واغتيال لأسمى مايملكه المرء، هذا عدا عن الاغتيال الجسدي للأحرار من وراء الحجز والحجب وراء القضبان ،أو ماوراء الحدود ، تماماً كما يجري في العراق الذي تحدثت عنه في مقالتك من الاستهداف المقصود ياوزيرتي العبقرية المُختصة بهمومنا ومشاكلنا في الخارج ، ولم نرى منك إلا كلّ ناقصة ورزية ، ومايُندى له الجبين ، من سوء مُعاملات سفاراتنا  وقُنصلياتنا الإستخباراتية ، وإطالة بقاء المُهجرين في الخارج إلى أجل غير معلوم ، في مُحاولة كما ذكرت هي عن الاحتلال في العراق المُشابه للاحتلال الطاغوتي في بلادنا ، من الاستهداف للأحرار والمُفكرين والطاقات الوطنية ، ولكن مع اختلاف  الأساليب والأدوات، ومثلما يقولون تعددت الأسباب والموت واحد " وتعددت الإستهدافات والاحتلال واحد ، ولافرق بين الإحتلالات الداخلية والخارجية ، فكله ياوزيرتي سواء ، فلا فرق بينك ونظام حُكمك  وبين شارون واسرائيل ، وكلاكما في القباحة سواء ، وفيكم من المُشتركات أكثر من المُتفرقات ، وفقط بالمُقارنة الواقعية بين النظامين سنجدكم قد سابقتم العدو إلى كلِّ نقيصة ومُشينة ، وسنجد المُحتلّ واحد داخلي كان أم خارجي ، محلي كان أم أمريكي وإليك ياوزيرتي بعض التشبيه

ففي العراق كما قلت يا"بوبو" أنه  "سُرقت المتاحف، وحرقت المكتبات، وفجّرت الكنائس، والمساجد والجوامع والأماكن الأثرية ودُمّرت المدن "وكذلك جرى ويجري  في سورية على يد من تُمثلهم مسز شعبان في الطغيان  ، بل وزادت قوات أسيادك عمّا تكلمت عنه بقتل من كان في داخل هذه الأماكن عدا عن تدمير المدن بأكملها فوق ساكنيها ، كما جرى في حلب وحماة وجسر الشغور وتدمر وغيرهم ، وتدميرهم للحياة والأمل والمُستقبل ،بعد أن قتلوا كل شيء جميل فينا

ونفس الشيء بالنسبة للبنان و فلسطين اللتان  تحدّثت عنهما السيدة الوزيرة وما فعله الاحتلال بهم من تدمير مراكز الأبحاث والتراث والمكتبات الفلسطينية في بيروت والجنوب وفلسطين، واغتياله للمئات من الكتّاب والمثقفين والفنانين الفلسطينيين،وهو نفس الحال لما جرى ويجري في سورية بلد الحضارة والإشعاع العلمي الذي بات فيها العدو الأكبر في ظل الحفنة المُتسلطة هو الكتاب والكُتّاب والمُفكرين وأصحاب الرأي، وهي نفس إستراتيجية ، وكما قالت شعبولا وبما أسمته إعادة تجربة إبادة السكان الأصليين التي اتبعتها الولايات المتحدة وأستراليا وإقامة دولتهم الاستعمارية الاستيطانية مكان الأُمّة العربية،وكذلك هم يفعلون بإحلال العنصر الإيراني الفارسي مكان السوري الأصيل عبر نفيه عن بلده وتهجيرة ، وإقامة المجازر الجماعية بحقّه ، ولكن ياسيدتي جميعكم تُخطئون العنوان ، لأنّ أمتنا لن تموت ، ولن يتمكن الأوغاد من كسر إرادتها ، وهي سائرةٌ في طريقها إلى النصر والتحرر مهما غلت التضحيات.