تابع الملف النووي الإيراني 3

حسين حسنين

تابع الملف النووي الإيراني

حسين علي محمد حسنين

كاتب وباحث/ عضو إتحاد كتاب مصر

[email protected]

مقالة رقم (3)

فضيحة إيران جيت ومشاركة إسرائيل فى برنامج حرب النجوم

وطهران تبنى شبكة الصواريخ بعيدة المدى

*****************

 (1)

اتفاق التعاون الإستراتيجي بين

واشنطن وتل أبيب

قام الإمام الخمينى بتعيين على خامنئى الأكثر تشددا والأكثر كرها للغرب عامة وواشنطن خاصة رئيسا لإيران وهو ما أشرنا إليه فى المقالة رقم (2) ، وفى أغسطس 1981 إتخذ الإمام الخمينى قراره الشهير ببناء برنامجه النووى فى لقاء سرى مع علماء الفيزياء النووية من الإيرانيين داخل وخارج إيران . لكن على الصعيد الإسرائيلي لم تهدأ الأجهزة الإستخباراتية القومية والعسكرية ، وكانت فى عمل دائم لأكثر من ستة شهور . وفى مارس عام 1982 سافر رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن الى واشنطن وإلتقى بالرئيس الأمريكى رونالد ريجان وقدم له تقريرا أشار فيه الى عدد من النقاط الهامة منها: (1) قيام الثورة الإسلامية الإيرانية بدعم الشيعة فى لبنان بالمال والعتاد.   (2) تحرك بعض عملاء الاستخبارات الإيرانية فى زيارات سرية لكل من الصين وكوريا الشمالية بهدف الحصول على صواريخ باليستية ، وان هناك توقعات بتعاون صيني إيراني فى مجال الصواريخ الباليستية.

أسفر لقاء ريجان- بيجن عن اتفاق يتضمن  توسيع نطاق التعاون الإستراتيجي بين الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل يشمل  المجالات الدفاعية والأمنية والتكنولوجية والمخابرات ، بحيث يعطى ذلك التعاون قدرا أكبر من التفوق العسكري الكمي والنوعي لإسرائيل ليكون لها اليد العليا على دول المنطقة بما فيها ايران وذلك فى مجالات الأسلحة التقليدية وغير التقليدية مع تأمين الاحتكار النووي لصالح اسرائيل دائما .

واشنطن تشدد على عدم التعاون النووي مع ايران:

بالإضافة الى التقرير الذى حصلت عليه واشنطن من مناحم بيجن توصلت المخابرات الامريكية من خلال عملائها داخل ايران الى أن الإمام الخميني يسعى لإعادة بناء البرنامج النووي الإيراني الذى بدأه شاه إيران بأقصى سرعة ممكنة ، وان هناك العديد من الخبراء الإيرانيين يتجولون فى بعض البلدان الأوربية ودول أمريكا اللاتينية ( البرازيل والأرجنتين) إضافة الى جنوب أفريقيا بحثا عن الحصول على تلك التقنية النووية ، وعليه قررت الإدارة الامريكية العمل على وقف جميع أنواع التعاون النووي مع ايران.  وحتى يتم تنفيذ ذلك على ارض الواقع تم التشاور بين واشنطن والدول الأوربية خاصة فرنسا وألمانيا وإيطاليا وأسبانيا وبولندا والتشيك ، إضافة الى الاتحاد السوفيتي وتوصل الجميع الى تجميد وصول التكنولوجيا النووية الى طهران من خلال فرض رقابة مشددة على الشركات الغربية العاملة فى ذلك المجال ، إضافة الى مراقبة علماء الفيزياء النووية الإيرانيين فى الدول ذات العلاقة الوثيقة بالتكنولوجيا النووية .

رد الفعل الإيراني:

جاء الحظر الأمريكى الأوربي السوفيتي على ايران بمثابة صدمة غير متوقعة مما دفعها الى البحث عن مصادر بديلة ، وعليه قررت الاتجاه شرقا فى محاولة لتنويع مصادر الحصول على تكنولوجيا المفاعلات النووية وذلك للمضي قدما فى بناء برنامجها النووي الذى وضعه العلماء الإيرانيون والذي تضمن بناء مفاعلات نووية جديدة متعددة الأغراض ترضى الطموحات السياسية والقومية الجديدة . فى نفس الوقت حرصت القيادة الإيرانية الإسلامية على تكتم أخبار نشاطها النووي الجديد خوفا من تزايد الضغوط الغربية على ايران خاصة من قبل الولايات المتحدة الامريكية التى فرضت الحظر الكامل على تصدير اى نوع من تكنولوجيا المفاعلات النووية الى ايران .

واشنطن تساهم فى برنامج التجسس الفضائي الإسرائيلي على إيران:

فى 30 نوفمبر عام 1983 وافق الرئيس الأمريكى ريجان على طلب تقدم به رئيس الوزراء الاسرائيلى إسحاق شامير(الذى خلف مناحم بيجن) بتوسيع نطاق التحالف الإستراتيجي بين البلدين والعمل على تطويره . وفى هذا السياق أعلن وزير الدفاع أريل شارون أن موافقة واشنطن على توسيع نطاق التحالف الإستراتيجي بين واشنطن وتل أبيب تعنى أن اى تهديد على اسرائيل سوف يعد خطرا على أمن الخليج ، وشدد شارون على الآتي : أن منطقة الأمن الاسرائيلى تمتد من باكستان الى شمال أفريقيا  ومن تركيا الى الخليج العربى ، ومن ثم فانه من حق اسرائيل أن تضرب أية قوة فى هذه المنطقة تسعى الى تهديد أمن اسرائيل (كان ذلك أول تصريح يحدد أمن اسرائيل من الناحية الجغرافية).

ولمزيد من الضغوط النفسية على قادة الثورة الإيرانية أعلنت اسرائيل قبل نهاية عام 1983 عن إنشاء الوكالة الإسرائيلية للفضاء وذلك من اجل تحقيق برنامج فضائي متكامل بهدف التجسس على المنطقة ، وتتركز أعماله فى الأتى: (1) تنسيق الجهود الإسرائيلية فى مجال شئون الفضاء. (2) ترويج البحوث الأساسية والتطبيقية فى مجال علوم الفضاء. (3) إضافة الى جذب الصناعات الإسرائيلية العاملة فى مجال التكنولوجيا العالية نحو تطوير وتصنيع المكونات والأنظمة اللازمة للمشروعات الفضائية. (4) وتنفيذ الأنشطة التعليمية والمعلوماتية المتعلقة بالفضاء. فى نفس الوقت أتاحت وكالة الفضاء الامريكية (ناسا) لإسرائيل القيام بإجراء التجارب العلمية والعملية على سفن الفضاء الامريكية . وهكذا اصبح من الممكن لإسرائيل الاستفادة من برنامجي ديسكفرى وتشالينجر .

إحتجاج إيراني:

انتقد قادة ايران التحالف الإستراتيجي بين واشنطن وتل أبيب ، كما رفض قادة ايران عبارة الأمن الاسرائيلى الممتد من باكستان الى شمال أفريقيا ومن تركيا الى الخليج العربى . وقد شدد الخميني على أن أي تغيير فى منطقة الشرق الأوسط ترفضه إيران شكلا وموضوعا ، لان ذلك يعنى فى المستقبل تغيير الحدود السياسية الإيرانية ذاتها سواء فى مناطق الشمال المتاخمة للاتحاد السوفيتي أو فى منطقة الأحواز العربية الغنية بالبترول(وذات الصراع الفارسي العربى والسني الشيعي أيضا) ، أو بالنسبة للجزر الثلاث ( طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى ) التى تركتها إنجلترا لشاه ايران فى أوائل عام 1971 بعد الانسحاب البريطاني من شرق السويس ، يلاحظ هنا أن دولة الإمارات العربية المتحدة تطالب بسيادة تلك الجزر الثلاث(يلاحظ أن المطالبة الإماراتية هى إعلامية سياسية بالدرجة الأولى ولكن لم نشاهد أو نسمع عن مظاهرات شعبية إماراتية داخل الإمارات أو خارجها فى دول الخليج أو العالم تطالب بالسيادة الإماراتية على تلك الجزر؟؟!!) .

واشنطن وإسرائيل وتقليص النفوذ الإيراني فى لبنان:

فى مارس عام 1984 زار رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق شامير الولايات المتحدة وبعد مباحثاته مع الرئيس الأمريكى وافقت الإدارة الامريكية على مقترحات شامير الخاصة بتشكيل اللجنة السياسية العسكرية المشتركة بين البلدين لمواجهة تداعيات حرب لبنان خاصة بعد تزايد النفوذ الإيراني فى لبنان ودعم آية الله الخميني للشيعة فى حربهم ضد الاحتلال الاسرائيلى للأراضي اللبنانية، وقد أكدت واشنطن أنها عازمة على تقليص النفوذ الإيرانى فى لبنان .

رد الفعل الإيراني:

فى منتصف عام 1984 سربت الأجهزة الإيرانية معلومات تشير الى قيام الحكومة الإيرانية بتنشيط برنامجها النووي . وبالفعل  لوحظ عمليات نقل بعض الأجهزة  النووية من مركز طهران النووي الى مركز أبحاث اصفهان ، لكن ذكرت بعض التقارير الإيرانية أن عمليات  النقل جاءت بغرض الحفاظ على البرنامج النووي الإيراني من جراء القصف الإيراني الذى يستهدف برنامجها النووي . كما شهد نفس العام افتتاح مفاعل محدود( 30 كيلووات) الذى كان قد بدأ العمل به أثناء فترة حكم الشاه . فى نفس العام أيضا تم إجراء  انتخابات المجلس التشريعي الثاني للفترة من 1984 الى 1988 والتى عكست ردود فعل الإيرانيين تجاه التشدد الغربي ، إضافة الى اشتعال الحرب الإيرانية العراقية  ، كل ذلك اثر سلبا على نتائج انتخابات المجلس الثاني للبرلمان الإيراني حيث لم تسمح تلك الأجواء إلا للمؤيدين للخط الرسمي بالترشيح،  وعليه جاء البرلمان أحاديا فى تشكيله ومفتقدا للحيوية التى رافقت بداية عمل البرلمان الأول . ومن ثم جاء البرلمان ضعيفا ، ومع ذلك احتفظت النساء بمقاعدهن التى حصلن عليها فى البرلمان الأول وهى أربعة مقاعد .

************

(2)

فضيحة ايران جيت

فى أبريل عام 1985 تم توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين واشنطن وتل أبيب بغرض تقوية الاقتصاد الاسرائيلى من اجل دعم التحالف الإستراتيجي بين البلدين ليأخذ شكلا أعمق وأقوى خاصة وان واشنطن أصبحت تعتمد على اسرائيل اعتمادا كبيرا فى حراسة منطقة الشرق الأوسط . لكن المثير للدهشة هنا هو طبيعة الدور الإسرائيلي فى الصراع الأمريكى الإيراني خاصة بعد أن لعبت تل أبيب دورا محوريا بين البلدين استطاعت من خلاله توسيع نطاق التعاون السري الذى بدأ فى عام 1981  بين رافسنجانى وأجهزة الاستخبارات الامريكية والذي كان من نتائجه فتح الأبواب بين واشنطن وطهران . وقد استطاعت اسرائيل عن طريق توطيد علاقاتها مع رافسنجانى منذ عام 1981 أن تدفع إدارة ريجان إلى فتح الجسور والقنوات السرية مع الحكومة الإيرانية ، وقد وضح ذلك فى الآتى:  قيام روبرت مكفرلين مستشار الأمن القومي فى عهد الرئيس ريجان بزيارة سرية لإيران فى عام 1986 وكان معه مستشار وزير خارجية اسرائيل ويدعى (عمرام نور) ، ولكن( لسبب غير معلن)  كشف النقاب عن تلك الزيارات السرية التى أطلق عليها فضيحة ايران جيت لأنها شملت صفقات أسلحة أمريكية سرية منها صواريخ ارض/أرض كى تستخدمها ايران فى حربها ضد العراق .

رد الفعل الإيراني:

جاءت فضيحة ايران جيت بمثابة صدمة للنظام الإيراني ، فقد توقفت معظم صفقات التسليح التى أبرمت سرا بين ايران والولايات المتحدة وهو ما جعل الخمينى ورجاله يعتقدون ان تلك الفضيحة تم تدبيرها مسبقا حتى لا تحصل ايران على تلك الأسلحة والصواريخ المتطورة التى قد تحدث تغيرا فى سير الحرب لصالح ايران وهو ما تهدف إليه واشنطن ودول أوربا . لذلك قرر الخمينى إعادة النظر فى علاقاته مع دول الغرب والبحث عن بدائل أخرى فى الشرق ، وعليه تم توقيع أول اتفاق تعاون نووي بين ايران والصين ( يعتقد ان ايران دفعت ما بين 800 الى 900 مليون دولار كدفعة أولى من تمويل اتفاق التعاون النووي بين البلدين) . وعلى هذا الأساس بدأت الصين فى نقل تقنية البحوث النووية الى ايران .       

فى نفس العام (1986)وقعت ايران اتفاقية تعاون نووي أخرى مع باكستان تقضى بأن تقوم باكستان بتدريب العلماء الإيرانيين ، إضافة الى المساعدة التقنية فى البرنامج النووي الإيراني . والمعروف أن باكستان لم تتمكن إلا فى نهاية عام 1985 من تخصيب اليورانيوم المستخدم فى صنع القنبلة النووية خاصة عندما توصل العالم النووي عبد القدير خان(أبو القنبلة الباكستانية) الى إجراء تجارب نووية ناجحة على المستوى النظري وهو ما يسمى من الناحية العلمية بالتجارب النووية الباردة والذي اعتبر فى ذلك الوقت بمثابة نقطة تحول فى القارة الآسيوية .

واشنطن تسمح لإسرائيل بالمشاركة فى حرب النجوم:

جاء اتفاق التعاون النووي الإيراني الصيني فى وقت غير مناسب لواشنطن مما جعل إدارة الرئيس الأمريكى ريجان تشعر بخيبة أمل من النظام الصيني خاصة بعد الزيارات المتكررة من قبل وفود الكونجرس الأمريكى للصين والتى كانت تحذر فى كل زيارة من التعاون النووي بين الصين وإيران . وعليه ففي مايو عام 1986 وافقت واشنطن على انضمام اسرائيل الى حرب النجوم وذلك لحصول الجيش الإسرائيلى على نقلة نوعية تستفيد منها واشنطن فى حراسة منطقة الشرق الأوسط . وقد جرى بالفعل تنفيذ تجارب أمريكية إسرائيلية مشتركة على متن مكوك الفضاء الأمريكى . وعليه حصلت اسرائيل على مساعدات هامة فى مجال بناء صناعات مغذية للنشاط الفضائي مثل: (1) البصريات . (2)أجهزة الملاحة والطيران. (3) وإعداد الكوادر البشرية العلمية. (4) وبناء المنشآت الفضائية. (5) والحصول على المساعدات الفنية والمالية من الإدارة الامريكية للاستفادة منها فى إطلاق القمر الصناعي الإسرائيلى. (6) إضافة الى الجهود التطوعية التى يقوم بها العلماء اليهود لنقل خبراتهم فى مجال الفضاء الى اسرائيل .

إيران ترد على واشنطن بتوقيع تعاون نووى مع الأرجنتين:

تبين للنظام الإيراني الإسلامي أن توقيع تل أبيب على اتفاق حرب النجوم مع الولايات المتحدة سوف يجعل إسرائيل دولة فوق العادة بالمنطقة ، وهو ما دفع الخمينى للعمل على  شحذ همم علماء البلاد لخوض ذلك المعترك الفضائى . فى نفس الوقت طالب الخمينى من الحكومة بالمضى قدما فى برنامجها النووي . وعليه، ففى عام 1987 وقعت ايران مع الأرجنتين اتفاقية تعاون تتضمن حصول ايران على وقود نووي أرجنتيني إضافة الى عقد دورات لتدريب الخبراء الإيرانيين على تكنولوجيا المفاعل النووي .

مزيد من الدعم الأمريكى لإسرائيل:

فى ديسمبر عام 1987 تقدم  رئيس وزراء اسرائيل إسحاق شامير بمقترحات عرضها على الرئيس الأمريكى ريجان خلال زيارته للبيت الأبيض طلب فيها تمتع اسرائيل بوضع الحليف المتميز غير العضو فى حلف شمال الأطلنطي وذلك بمقتضى اتفاق عسكري ، وقد وافقت الإدارة الامريكية على الطلب الإسرائيلي . وترى اسرائيل أن انضمامها لحلف الناتو سوف يؤثر سلبيا على دول منطقة الشرق الأوسط ومن ثم سيحدث نوعا من الخلل الكامل فى ميزان التوازن العسكري العربى بالمنطقة العربية بصفة عامة وإيران بصفة خاصة .

تطورات سياسية داخل ايران:

رأت طهران أن قرار واشنطن بضم اسرائيل كحليف متميز لحلف الناتو يعنى فى المقام الأول محاولة تضييق الخناق على النظام الإيراني عن طريق تركيا (العضو فى حلف الناتو) من ناحية وإسرائيل من ناحية أخرى ، وهو ما دفع القادة فى ايران الى بحث الموقف الجديد وإعادة النظر فى النظام الأمني بمنطقة الخليج بصفة خاصة والشرق الأوسط بصفة عامة.

على الصعيد السياسي جاءت انتخابات البرلمان الثالث 1988 إلى 1992(وهى آخر انتخابات تعقد فى حياة الإمام الخميني) لتشير الى حدوث انقسام فى التيار الديني الوحيد الذى يسيطر على الحياة السياسية التى أصبحت منقسمة إلى معسكرين متنافسين أحدهما متشدد والآخر معتدل (ولكن من الناحية الظاهرية فقط)، وقد أطلق على هذين التيارين جناحا الثورة الإسلامية . فقد مثل التيار المتشدد ( رابطة علماء الدين المناضلين ) التى انشق عنها التيار المعتدل تحت مسمى(جمعية علماء الدين المجاهدين) . وهكذا اصبح البرلمان موزعا على التيار الديني بجناحيه ،مع الأخذ فى الإعتبار إحكام السيطرة على السلطة التنفيذية التى لازالت فى قبضة التيار المتشدد أى الإمام الخمينى بصفة رئيسة.

الاتحاد السوفيتي وحرب المدن العراقية الإيرانية:

فى يناير عام 1988 قرر الاتحاد السوفيتي دعم صدام حسين فى عمليات حرب المدن . وفى مارس من نفس العام (1988) بدأ صدام حسين بالقصف الصاروخي لأهداف أساسية محددة (تم إمداد صدام حسين بصور التقطت بالأقمار الصناعية الامريكية لتلك الأهداف) . وهكذا قام العراق بضرب مدن طهران وقم وأصفهان وجزيرة سيبرلى بصواريخ سكود الروسية التى جعلت ايران تقبل بوقف الحرب بعد أن أعطت صواريخ سكود التفوق اللامحدود للجانب العراقي . وهنا فقط وافق الإمام الخميني على وقف إطلاق النار وقال فى هذا الصدد : إنني أتجرع السم بموافقتي على وقف إطلاق النار .

إيران تقرر بناء شبكة الصواريخ بعيدة المدى:

تعد عمليات ضرب المدن الإيرانية التى بدأت فى مارس 1988نقطة تحول فى تاريخ الحرب الإيرانية العراقية ، وهى التى جعلت ايران فى موقف سيئ للغاية من الناحية العسكرية ، ولعل ذلك هو ما دفع قادة ايران الى تركيز جهودهم على زيادة إنتاج صواريخ ( شهاب) حتى يمكن ايران فى حال استمرار الحرب من تنفيذ إستراتيجية (الإغراق الصاروخي) ضد المدن العراقية حتى وان كان ذلك على حساب عدم الدقة التى لا تحتاجها حرب المدن والتى قد تؤثر فى الموقف الإستراتيجي لصالح ايران . 

وفي مايو 1988 استدعى آية الله الخميني كبار العلماء الإيرانيين وبحث معهم كيفية تطوير الترسانة الصاروخية لتلاشى الكارثة الى حدثت لإيران فى حرب المدن .

وفى ديسمبر من نفس العام(1988) بدأت ايران فى تنفيذ برنامج شامل لاعادة بناء وتحديث القوات المسلحة الإيرانية على نطاق واسع وذلك من خلال تعاونها مع الصين التى رحبت بذلك وساعدت ايران فى الحصول على صواريخ (سكود-ب) و(فروج-7).

واشنطن تتبنى التحالف الإستراتيجي مع تل أبيب:

فى 21 أبريل عام 1988 وافقت واشنطن على المشروع الذى تقدم به رئيس الوزراء الإسرائيلى إسحاق شامير الخاص بتعاظم نصيب اسرائيل من المساعدات الامريكية المتنوعة التى تحصل عليها سنويا  ومد سريان اتفاقية التحالف الإستراتيجي الى ما لا نهاية (تغطى الاتفاقية كل أوجه التحالف الإستراتيجي العسكري والسياسي والاقتصادي)، لكن واشنطن وافقت على سريان الاتفاقية لعشر سنوات فقط قابلة للتجديد كضمان لإسرائيل (تحصل تل أبيب على ما تريد أيا كان نوع الإدارة الامريكية سواء جمهورية أم ديمقراطية ). وفى 19 سبتمبر عام 1988  قامت اسرائيل بإطلاق قمرها الصناعي الأول (أفق 1) لأغراض الاستطلاع والتجسس فوق منطقة الشرق الأوسط ومنها ايران بالطبع ، وهو ما جعل طهران تستشيط غضبا.

ايران تتجه نحو جنوب أفريقيا:

فى مايو عام 1989 تم توقيع اتفاق تعاون نووي بين ايران وجنوب أفريقيا حصلت بموجبه ايران على كميات من اليورانيوم ( تشير بعض التقارير الى أن ذلك اليورانيوم كان مخصبا ، لكن ليس هناك ما يؤكد ذلك) . وفى أغسطس عام 1989 قامت ايران بتوقيع اتفاقيتين للتعاون العسكري مع كل من الاتحاد السوفيتي وكوريا الشمالية تضمنتا تصنيع صواريخ قصيرة المدى يصل مداها ما بين 60 الى 150 كيلومتر.

****************

(3)

وفاة الخميني وصعود نجمي على

خامنئى ورافسنجاني

نعم .. لقد دفع الخميني ثمن ثماني سنوات طوال من الحرب ضد العراق قال عنها ذات يوم: انه تجرع كأس العلقم . نعم لقد أنهكته الحرب تماما  وأخذت صحته فى التراجع لأنه أراد أن يسير كل شئ بمفرده .. نعم كل شئ . وفى محاولة مترددة منه للحفاظ على الثورة أصدر الخميني عدة مراسيم تقوي من سلطة رئيس الدولة والبرلمان وبعض مؤسسات الدولة. وتوفي الخميني في يونيو من العام 1989، وخرجت الملايين في جنازته تصرخ وتبكى وتنتحب بينما كانت هناك قلة فرحة برحيله (تزايدت بمرور الوقت).   وبعد وفاته انتخب مجلس الثورة بالإجماع على خامنئى الذى كان يشغل منصب رئيس الجمهورية لفترتين متعاقبتين من 1981 الى 1989 ليتولي منصب مرشد الثورة الإسلامية ويسير على نهج سلفه الإمام الخميني، ونذكر أنه قبل توليه رئاسة إيران كان على خامنئى منشغلا بإعطاء دروس في تفسير القرآن للشباب وطلبة العلوم الدينية بالجامعة، وقد شكلت محاضراته قاعدة أساسية لبناء وترسيخ ونشر مبادئ الثورة الإسلامية وقد تحولت محاضراته إلى خطابات شعبية انتشرت فى أرجاء البلاد . وعمل خامنئى على تأسيس خلايا إسلامية يقودها العلماء والفقهاء ، وظهرت جماعة العلماء المجاهدين التي كان لخامنئي دور بالغ الأهمية في تأسيسها من أجل حشد وتنظيم ملايين الناس في مسيرات ومظاهرات عامي 1977 و1978. وكانت الجماعة مقدمة لتأسيس الحزب الجمهوري الإسلامي بعد الثورة .

وفيما يتعلق ب رافسنجانى فقد تم ترشيحه من قبل على خامنئى لرئاسة ايران بدلا منه بعد تولى الأخير منصب المرشد العام كي يصبح كل شئ فى قبضة التيار المتشدد . وبالفعل انتخب رافسنجانى فى تظاهرة إسلامية بأغلبية ساحقة فى انتخابات الرئاسة وحصل على 95% من مجموع الأصوات . (أما عن خلفية رافسنجانى فهي: بعد تولي الخميني حكم البلاد قام بتعيين أحد تلاميذه هاشمي رافسنجاني في مجلس الثورة ، وقد شارك في تأسيس الحزب الجمهوري الإسلامي. ولاخلاصه وولائه للثورة الإسلامية عينه الخميني رئيسا للبرلمان في الفترة من 1980-1989 ، ونظرا لانتمائه الشديد ل الخميني قام الأخير بتعيينه رئيسا للقوات المسلحة في الفترة من 88 الى 1989. تعرض رافسنجانى لموجة واسعة من الانتقادات حول اتفاق السلاح مقابل الرهائن الأمريكيين وهو الاتفاق الذي أبرمه مع أعضاء من إدارة رئيس الولايات المتحدة الأميركية رونالد ريجان فى عام 1981) .

إستمر رفسنجاني فى برنامجه السابق وهو العمل على حل مشاكل إيران الاقتصادية بالانفتاح على العالم والاعتماد على مبادئ السوق الحرة ولكن بشروط ، كما فتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية ولكن بخطوات محسوبة للغاية ، أيضا عمل على تطوير العلاقات الدبلوماسية مع دول الغرب بما يتناسب وأهداف الثورة الإسلامية .  وحصل رافسنجانى على اتفاقية تعاون مع الصين لتقوم الأخيرة بتطوير برنامج التسلح النووي الإيراني .(نشير هنا إلى أنه أعيد انتخابه لفترة رئاسية ثانية عام 1993 وانتهت عام 1997، ولم يتمكن من ترشيح نفسه للمرة الثالثة حيث يمنع الدستور الإيراني ذلك.

تكثيف التعاون الفضائي بين واشنطن وتل أبيب:

عقب وفاة آية الله خميني وظهور قطبي التشدد الإيراني (خامنئى ورافسنجانى) وسعيهما للتسلح شرقا خاصة كوريا الشمالية والصين ،  قررت واشنطن محاولة إحكام السيطرة تدريجيا على ايران، ومن ثم قامت بتكثيف وتشجيع التعاون الفضائي مع اسرائيل فى أغسطس 1989وذلك عقب لقاء جرى بين رئيس وكالة الفضاء الإسرائيلية البروفيسور يوفال نعمان مع نائب الرئيس الأمريكى دان كويل الذى كان يشغل أيضا منصب رئيس مجلس الفضاء القومي الأمريكى . فى نفس الوقت بدأت واشنطن تسعى لإحكام سيطرتها على المنطقة عامة والخليج خاصة بعد وفاة الخمينى وصعود نجمى على خامنئى ورافسنجاني الذى يتظاهر بالإعتدال بينما داخليا كان أكثر تمسكا بالثورة الإسلامية وأحكام قبضتها داخل إيران أملا فى التوسع إلى داخل الدول الخليجية المجاورة التى بها تواجد شيعي.

موقف ايران من غزو صدام حسين لدولة الكويت:

فى الثاني من أغسطس عام 1990 قام صدام حسين بغزو الكويت مما احدث ارتباكا شديدا فى منطقة الشرق الأوسط نتيجة لدخول القوات الامريكية بكامل ثقلها فى المنطقة . وفى هذا السياق لعبت ايران دورا مرنا وسياسة متحركة تميزت بخطوط مفتوحة على مختلف الأطراف الفاعلة فى الأزمة بهدف الحصول على اكبر قدر ممكن من المكاسب لصالح الدور الإيراني بعد حربه مع العراق التى استمرت ثمانية أعوام. وفى أول رد فعل  للقيادة الإيرانية  أعلن رئيس إيران عن إدانة طهران الشديدة للاحتلال العراقي لدولة الكويت ، وأعلن أن إيران تقبل بالتدخل العسكري الدولى لإخراج القوات العراقية من الكويت . لكن فى نفس الوقت دعا مرشد الثورة الإيرانية على خامنئى الى الجهاد ومقاومة الوجود الأمريكى فى الخليج وهو ما يعنى أن هناك توزيع الأدوار المتفق عليها داخل إيران بين صوت معتدل وآخر متشدد .  وأعقب ذلك مباشرة مطالبة رئيس ايران هاشمي رافسنجانى بضرورة اتباع سياسة الحياد التى تقوم على قبول قرارات مجلس الأمن مع تكثيف الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب وعدم السماح للقوات المتحاربة باستخدام الأراضي أو الأجواء الإيرانية فى العمليات العسكرية الدائرة . ثم عاد على خامنئى وهدد بأن إيران سوف تتدخل فى الحرب إذا ما أقدمت القوات المتحالفة على تعريض أمن ايران القومي للخطر ، وشدد على عدم تجاوز قرارات مجلس الأمن أو محاولة إحداث اى تغيرات جيواستراتيجية ، كما طالبت القيادة الإيرانية  بتضييق نطاق الحرب وعدم السماح لكل من اسرائيل وتركيا الدخول فى المعركة على نحو مباشر .  وفى 22 ديسمبر عام 1990 وأثناء انعقاد القمة الحادية عشرة لقادة مجلس التعاون الخليجي بالدوحة ، رحب ذلك المجلس برغبة ايران فى تحسين وتطوير علاقاتها مع دول المجلس كافة ، واكد المجلس على أهمية العمل بجدية وواقعية لحل الخلافات بين ايران والدول الأعضاء .

**************

(4)

ايران والتعاون النووي مع الصين

وروسيا وكوريا الشمالية

فى منتصف عام 1990 وقعت ايران على إتفاقية تعاون نووي مع الصين ، وبمقتضى تلك الإتفاقية تقوم بكين بدعم برنامج ايران النووي فى المجالات السلمية وفقا للتشريعات واللوائح التى وضعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية . لكن ايران والصين لم يعلنا عن أهم بنود الإتفاقية وهى: (1) تزويد الصين لإيران بأجهزة الفصل الكهرومغناطيسي الخاصة بإنتاج النظائر المشعة . (2) تزويد الصين لإيران بكمية من الغاز الذى يساعد على إثراء اليورانيوم .     وفى عام 1991 لجأت ايران الى الصين مرة ثانية فى إطار اتفاقية التعاون النووي وعقدت معها اكبر صفقة فى ذلك الوقت تمثلت فى الآتي: (1) حصول إيران على اليورانيوم بكافة أنواعه المختلفة ومنها : (  هكسا فلوريدا ، تيترا فلوريدا  ، ديوكسايد  ) . ويلاحظ أن هذه الأنواع تستخدم فى تخصيب اليورانيوم ، وقد قدرت تلك الكمية بنحو(1800 كيلو جرام).  (2) تقوم الصين ببناء مفاعلا نوويا صغيرا للأبحاث العلمية فى مدينة اصفهان والذي يعد أحد أهم عناصر البرنامج النووي الإيراني نظرا لحيازته على تكنولوجيا نووية متطورة ، وعمل بقوة 40 ميجا وات ، ويستخدم لتدريب الطلبة والباحثين . وهو قائم على الخبرات الصينية والروسية .

رد الفعل الأمريكى على التعاون النووي بين الصين وإيران:

أدي التعاون النووي بين الصين وإيران الى إثارة العديد من القضايا الخلافية بين الولايات المتحدة الامريكية والصين خاصة نتيجة لتكثيف تعاون الصين فى مجالي تقنية المفاعلات النووية والصواريخ . وعلى الرغم من أن الحكومة الصينية حاولت توضيح موقفها لواشنطن بأنه يتم من منطلق التعاون السلمي ولا يتعدى حدود ذلك المجال وليس خروجا عن الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التى تلتزم بها الصين مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، إلا أن واشنطن لم تقتنع بلك التبريرات وظلت تضغط على الصين فى المحافل الدولية وخلال اللقاءات المتكررة بين واشنطن وبكين.

ايران ترد على تدخل واشنطن:

اعتبر قادة الثورة الإسلامية تدخل واشنطن فى شأن العلاقات الإيرانية الصينية غير محمود، ومن ثم فقد جاء رد فعل على خامنئى المرشد العام والرئيس الإيراني رافسنجانى متمثلا فى ضرورة رفع كفاءة التسليح الإيراني . وبالفعل صدرت أوامر على خامنئى للحكومة الإيرانية برفع معدلات تسليح البرامج العسكرية وزيادة ميزانية برامج الأنفاق العسكري والأبحاث العلمية العسكرية . فى نفس الوقت سعت الحكومة الى تعميق علاقاتها مع الصين فى شتى المجالات ، وكان من نتائج ذلك توقيع اتفاقا آخر فى نفس العام (1991) بشراء 70 طائرة مقاتلة من طراز(أف-7)، إضافة الى اتفاق خاص بالتعاون معها فى مجالات تقنية المدفعية والصواريخ والطاقة النووية السلمية .

المبادرة الامريكية للحد من التسلح فى منطقة الشرق الأوسط :

فى مايو 1991 تقدم الرئيس الأمريكى جورج بوش (الأب) بمبادرة أمريكية تتعلق بالحد من التسلح فى منطقة الشرق الأوسط(الأسلحة التقليدية فقط )، وكان هدف واشنطن الرئيس هو وضع حد لمبيعات الأسلحة التى تغذى بؤر الصراع فى العالم ، خاصة مبيعات الأسلحة الصينية التى فى تزايد مستمر مع دول العالم الثالث بإعتبار إيران المستهلك الأول لتلك المبيعات .  لكن المثير هنا أن دول العالم الثالث طالبت بإضافة بنود أخرى الى المبادرة الامريكية لتشمل الأسلحة النووية .  وهكذا نجحت دول الشرق الأوسط فى الدعوة الى تطبيق حظر يمكن التأكد منه بمنع إنتاج وحيازة المواد النووية التى تستخدم فى صنع الأسلحة الذرية . كما دعت المبادرة كل دول المنطقة التى لم تفعل ذلك الى الانضمام لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية والى وضع جميع منشآتها النووية فى المنطقة تحت إشراف الوكالة الدولية والاستمرار فى دعم إنشاء منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل .

الأمم المتحدة وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل:

فى 8 يوليو عام 1991 قامت الدول الخمس الدائمة العضوية بمجلس الأمن ( الولايات المتحدة ، روسيا ، الصين ، فرنسا ، وإنجلترا) بعقد اجتماع خاص على هامش اجتماع باريس وأصدروا بيانا حول حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل ، وتضمن بيان الدول الخمس دائمة العضوية الإشارة الى موضوعات نقل أسلحة الدمار الشامل وعدم انتشار تلك الأسلحة والتأييد الشديد لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل . وطالبت الدول الخمس بالحاجة الى تنفيذ هذا الأمر فى ضوء قرار مجلس الأمن رقم 687 لعام 1991 واتخاذ دول المنطقة برنامجا شاملا للحد من التسلح يتضمن الآتي : 

          - تجميد وإزالة صواريخ ارض/أرض من المنطقة ككل .

-       إخضاع كافة الأنشطة النووية لدول المنطقة لنظام ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية .

-       حظر استيراد وصناعة المواد المستخدمة فى صناعة الأسلحة النووية .

ايران وروسيا وكوريا الشمالية:

فى مايو عام 1992 وقعت ايران على إتفاقية التعاون النووي مع روسيا الاتحادية التى كانت تعانى العديد من المشكلات الاقتصادية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ، وقد ركزت تلك الاتفاقية على الأغراض الصناعية السلمية وبناء المحطات النووية ، وقد بلغت قيمة عقود الاتفاقية نحو 650 مليون دولار . ولم يتوقف على خامنئى عند ذلك الحد فقرر الإتجاه شرقا بعد أن فشل نسبيا رئيسه هاشمى رافسنجانى مع أصدقائه الغربيين ، واستطاع فى نهاية عام 1992 أن يبرم رافسنجانى إتفاق تعاون عسكري مع كوريا الشمالية فى مجال تكنولوجيا الصواريخ الباليستية . وفى أكتوبر من نفس العام قام وفد من الخبراء والفنيين العسكريين الكوريين بزيارة عمل الى طهران للإشراف على تدشين موقع تجارب الصواريخ الباليستية بجنوب طهران.

ايران والدول الأوربية:

أعيد انتخاب هاشمى رافسنجاني لفترة رئاسية ثانية عام 1993-1997.  وكانت خطة رافسنجانى فى تلك المرحلة تتمثل فى الانفتاح على دول الغرب وتحديدا مع الدول الأوربية التى كانت حليفة لإيران فى السابق، مع التشديد على أن يكون التعاون فى بناء وتطوير البرنامج النووي الإيراني خاصة فرنسا وألمانيا حيث طلب رافسنجانى إعادة تنفيذ عقود الشركات الفرنسية والألمانية . لكن بعد مفاوضات مطولة قررت فرنسا وألمانيا تجميد التعاون النووي لأجل غير مسمى نتيجة للضغوط الامريكية التى امتدت أيضا لتشمل الشركات الأوربية الأخرى التابعة لكل من إيطاليا وبولندا وأسبانيا ودولة التشيك .

التعاون الإسرائيلي التركي للضغط على ايران:

ولمزيد من الضغط الإسرائيلى على النظام الإيراني قامت اسرائيل بالتعاون مع تانسو تشيللر رئيسة وزراء تركيا لتنفيذ عملية اغتيال عبد الله أوجلان المعارض الكردي للنظام التركي الذى كان يعيش فى البقاع اللبناني والذي يدعمه النظام الإيراني الشيعى( لكن عملية الاغتيال ألغيت نتيجة وجود خلافات داخلية فى الحكومة التركية).

فى 31 مارس عام 1994 وقعت اسرائيل وتركيا على اتفاقية الأمن والسرية بين جهازي استخبارات البلدين والتى تهدف اسرائيل من وراءها توسيع نطاق العمل الإستخباري فى منطقة الشرق الأوسط وتحديدا ايران. أيضا قامت اسرائيل وتركيا فى نفس العام بإجراء مناورات مشتركة بين البلدين على أن تقوم اسرائيل بتزويد تركيا بوسائل عسكرية ، إضافة الى إجراء تدريبات عسكرية فى الأراضي التركية القريبة الشبه من الأراضي الإيرانية .

أما الشيء الهام فهو توقيع اتفاق بين البلدين فى نفس العام (1994) ينص على تعاون وثيق بين السلاح الجوى لكلا البلدين وهو ما أعلنه مدير معهد الدراسات الإستراتيجية فى تل أبيب ويدعى(مارتن جرامر) وذلك فى إطار إستراتيجية إقليمية وقائية تقوم بها اسرائيل لمواجهة التهديدات المحتملة خاصة من قبل ايران . وفى هذا الصدد أكد وزير الدفاع الإسرائيلي (إسحاق موردخاى) فى نفس العام على أن التعاون العسكري بين اسرائيل وتركيا يمكن أن يكون بمثابة " قوة ردع " لمواجهة اى هجوم قد تفكر بشنه دولة مثل ايران أو سوريا أو العراق .

****************

وإلى اللقاء فى الجزء الرابع: