نصر الله أقوى من نصر الله ..!!

بلال داود

نصر الله أقوى من نصر الله ..!!

بلال داود

[email protected]

البطريرك نصر الله صفير ، يبذل جهودا حثيثة على المستوى السياسي في لبنان ، بالإضافة إلى مهامه الدينية ، لكونه المرجع الديني الأعلى للطائفة المارونية ، التي تنفرد بمنصب رئيس الجمهورية ، فمنذ بداية الأزمة وهو يحاول إقناع الأطراف اللبنانية عموما بالتوافق على حل الأزمة ، وقد تجلى نشاطه بشكل أكبر في الآونة الأخيرة من خلال استقبال المبعوثين السياسيين العالميين و المحليين من وزراء خارجية و غيرهم  ، و تذكر الصحافة أن وزير الخارجية الفرنسي سيحضر إلى لبنان خلال اليومين القادمين ، ليلتقي مع البطريرك  نصر الله  ، على أمل أن يتمكن البطريرك من ترشيح قائمة من الشخصيات المارونية ،  ينتخب منها  رئيس جديد للبنان ، وكذلك سيلتقي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ، ووزير الخارجية الإيطالي ماسيمو داليما ، للحديث في نفس الموضوع ، الذي يتحدث يه كل سكان المنطقة و ليس اللبنانيون فقط ، بالإضافة إلى كل المهنمين بشؤون الشرق الأوسط ،  و تبقى أمام البطريرك نصرالله عقبتان رئيسيتان هما ، الرئيس الحالي أميل لحود الموالي لسوريا ، حسب أنعم وصف من قبل فريق 14 آذار ، أو الممدد له قسريا حسب تعبير آخر لنفس الفريق ، فالرئيس لحود مازال مصرا على أن حكومة السنيورة غير دستورية وفاقدة للشرعية  من يوم استقال الوزراء الشيعة منها ، وقد أعلن أنه لن يتخلى عن منصبه لرئيس منتخب بالنصف زائدا واحد ، أما العقبة الثانية فهو الجنرال ميشيل عون ، الذي عاش في المنفى  خمسة عشر عاما ، بسبب معارضته للوجود السوري ، ولما عاد بعد خروج القوات السورية من لبنان ، غيرت الرياح السائدة من اتجاهه ليصبح طرفا من أطراف المعارضة التي يقودها السيد حسن نصر الله ، وهي في عمومها موالية لسوريا و لاتخفي هذا ،  والجنرال يطرح نفسه كمرشح للرئاسة خلفا للرئيس لحود  ، ويقول أنه يمثل أكثرية الموارنة في لبنان ، وخصوصا بعد فوز مرشحه أمام الرئيس الأسبق أمين الجميل في عقر دار الموارنة ، وفي الوقت نفسه هو مدعوم من فريق المعارضة .

  و السيد حسن نصرالله ، الأمين العام لحزب الله ، يبذل جهودا لاتقل عن جهود البطريرك ، ويقود فريق المعارضة لحكومة السنيورة ، في حين يمثل فريق الموالاة بالنسبة لسوريا و إيران ، ومن الواضح أنه لا يكل ولا يمل من السعي الحثيث مع باقي أركان فريقه ، على عدم اكتمال نصاب مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد ، وبالتالي دخول لبنان في متاهة دستورية حيث كل فريق يفسر الدستور بما يناسبه ، وهذا الموقف واضح إذ أن السيد نصر الله لا يتحدث إلا عن  احتمالات الفراغ السياسي والحلول على أساس هذا الفراغ ، بدلا من مد يد العون للموارنة (على الأقل)  وليس لباقي اللبنانيين ، حيث أن الرئيس اللبناني حكر على الطائفة المارونية حسب الدستور ، وكان آخر اقتراحاته على الرئيس الحالي عدم القبول برئيس منتخب بالنصف زائدا واحد ، وهو يضمن أصلا عدم اكتمال النصاب بل هو من يتحمل مسؤولية ذلك ، ويشاركه طبعا أركان فريقه وعلى الأخص رئيس مجلس النواب ، الذي لعب دورا كبيرا ومايزال ، في منع انعقاد  مجلس النواب منذ بداية الأزمة .

السيد نصرالله يضيف إلى نصيحته السابقة  للرئيس لحود ، نصائح مستقبلية  لتفادي الفراغ الدستوري ، ومنها أن يتم انتخاب مبكر لمجلس النواب ، ومن ثم يقوم المجلس الجديد بانتخاب رئيس للجمهورية بناء على الأكثرية ، ومن الطبيعي أن نتساءل ماهو الضمان أنه سيقبل بما ستنتخبه الأكثرية في المجلس الجديد ، إذا كان لايقبل بمن تنتخبه الأكثرية في  المجلس الحالي ؟ ، و زيادة في تعقيد الأزمة ، يوجه نصائحه للرئيس لحود باعتبارها  مناشدة لإنقاذ الوطن .

يبدو أن السيد  نصر الله ، شعر بأن عقدة الجنرال قد تنحل لدي البطريرك  ، بعد الاجتماع الذي أعلن فيه الجنرال أنه لا يمانع من انتخاب رئيس غيره ، إذا كان مقبولا من  تياره (التيار الوطني الحر) ، فركز جهوده على الرئيس لحود ، وخوفا من إحتمال ضعيف بحل عقدة الرئيس لحود من قبل البطريرك  ، فإنه أضاف شرطا جديدا ، يحمل تهديدا مبطنا ،  فهو  لن يرضى إلا  بالتوافق المسبق على الرئيس والحكومة معا ، و علينا أن نتوقع أن تزداد المطالب تدريجيا ، لتصبح حزمة التوافق التي يطالب بها ، تضم أعضاء مجلس النواب أيضا ، وقد تمتد لتطال مدراء الدوائر ومن ثم مدراء المدارس وبعدها رؤساء المخافر ، وبعد الرؤساء يجب التوافق على نواب الرؤساء والمدراء ، وبجملة مختصرة يمكن القول ، يجب تفصيل لبنان بكامله على مقاس السيد نصرالله  أولا ، ومن ثم يوافق على هذا التفصيل .

من الواضح أن البطريرك نصرالله  يبذل كل حهوده وإمكاناته ، ليتم انتخاب رئيس جديد للبنان ، يكون نقطة الإنطلاق لحل الأزمة المستعصية ، في الوقت الذي يسعى فيه  السيد نصر الله ، إلى  إدخال لبنان في نفق مظلم من الفراغ الدستوري ، قتصبح  كل الاحتمالات مفتوحة إن حصل هذا ، بدءا بتقسيم لبنان إلى لبنانين ، وقد لاتنتهي بحرب أهلية جديدة ، تمتد حرائقها إلى بحر قزوين !! .

علينا أن ننتظر قبل أن نتنفس الصعداء أو نربط العصابة  ، نتائج  الكثافة العالية في الحراك السياسي  والديبلوماسي ، حتى الرابع والعشرين من الشهر الجاري ، وهو تاريخ انتهاء صلاحية الرئيس لحود   ، لنعرف من هو الأقوى ،  نصرالله  أم  نصرالله  ؟؟؟