أسلمة القدس .. بداية الانتصار

أ.د. حلمي محمد القاعود

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

في مقابل تهويد القدس يجب أسلمة القدس !

القدس مدينة الإسراء والمعراج والحرم الثالث ورمز النقاء والصفاء والروح ، ليست سلعة يشتريها اليهود في عصر الهزيمة الداخلية ، والأمة الميتة ، والحكام الهاربين من المسئولية والواجب ، والسلطة التي انكفأت على دورها الخسيس في ملاحقة شعبها ، وإذلاله والقيام بدور الوكيل والسمسار والجلاد لحساب العدو النازي اليهودي ، فضلا عن فضائح الفساد التي يقوم بها أهل الدار ، وفاحت روائحها الكريهة ، والقوم مازالوا مستمسكين بها ، تصورا منهم أنهم حكام دولة ذات سيادة ، ويتناسون أن عريفا من جيش الاحتلال ، هو الذي يمنح رئيس السلطة إذنا  كي يعبر من شارع إلى آخر في رام الله ..

مع كل ذلك فإني أقول إن أسلمة القدس هي الطريق إلى تحقيق الانتصار بإذنه تعالى .. والأسلمة واضحة وليست لغزا ، أو سرا خفيا يجب البحث عنه وفك طلاسمه .. الأسلمة جعلها مسلمة واقعا وفكرا وشكلا وموضوعا . الأسلمة تعني أن نواجه التهويد بإمكاناتنا – وهي كثيرة – على المدى الطويل ..

 أسلمة القدس تعني أن ننسى أن الأميركان أو الاتحاد الأوربي أو ما يسمى المجتمع الدولي أو الرباعية الدولية ؛ سوف يعيد نصف القدس أو ما يطلق عليه القدس الشرقية لتكون عاصمة للدولة الفلسطينية الموهومة ، فهذه الجهات لن تعيد القدس ولا شبرا منها إلى أهلها وأصحابها . وهذا هو أكبر رئيس لأكبر دولة يقدم لنا السبب ، فقد أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بشكل قاطع‏‏ أنه لا أزمة بين الولايات المتحدة الأمريكية و الكيان الغاصب قائلاً‏:‏ إن الأصدقاء يختلفون في بعض الأحيان ( الأهرام  19/3/2010) ، ومعنى ذلك بصريح العبارة أن الصداقة بين الولايات المتحدة والغزاة القتلة اليهود أهم وأبقى من القدس ، حتى وإن اختلف الصديقان على بعض الأمور التكتيكية .، الرباعية الدولية طالبت من موسكو الطرفين ( الضحية الجلاد ) بضبط النفس . السيد أمين الأمم المتحدة ، طلب من الضحية الابتعاد عن العنف ، وكررت الدعوة نفسها السيدة هيلاري كلينتون حيث حذرت الفلسطينيين من العنف ، أي الانتفاضة والمطالبة بحقوقهم في بلدهم القدس وفلسطين  !

ستون عاما والمجتمع الدولي كما تسميه أجهزة الدعاية العربية يعد ولا ينفذ وعوده ، وسينتظر المخدوعون ستين عاما أخري ولا ينفذ المجتمع الدولي وعوده ، بينما الغزاة القتلة يهودون القدس وفلسطين ، والعرب والفلسطينيون ينتظرون من يحل لهم مشكلتهم بعد أن تنازلوا عن كثير مما يملكون ، ولكن لا أحد يحل لهم المشكلة أو يتقدم خطوة على الطريق ..

المقدسيون يعرفون طريق الأسلمة جيدا . لقد انتفضوا على مدى الأيام الماضية فأشعلوا الرعب في قلوب الغزاة القتلة اليهود الجبناء ، شجاعة الشباب الفلسطيني استنفرت قوات القتال اليهودية وبثت في أوصالها الخوف ، مع أن الشباب الفلسطيني لا يملك غير الحجارة وإطارات السيارات ، وبدأت الصحف اليهودية تعبر عن الخوف من انتفاضة ثالثة أو رابعة ، لأنهم يعلمون جيدا أن المواجهة مع القتلة هي الطريق المختصر والمستقيم لاستعادة القدس ، وأسلمة لقدس ، ومنع تهويد القدس !

تحت عنوان نحو انتفاضة رابعة كنب الصحفي اليهودي إسرائيل هرئيل في ها آرتس 19/3/2010 م :

 [أمس الأول،في ذروة اشتعال الانتفاضة الثالثة، اتصل المنظم القلق وسأل: يوجد عندي اقتراح لبديل. ألا تريدني؟ شعرت بالإهانة. معاذ الله أجاب، لكن يبدو من وسائل الإعلام أن القدس والمناطق تشتعل، ولا يحسن أن تعرض حياتك للخطر من أجل محاضرة فقط. اهتز كياني. أمس فقط، عندما أعلنت الشرطة أنه حتى جبل الهيكل فتح للزائرين، خرجت من باب بيتي.

ينبغي أن نخمن مبلغ مفاجأة وخيبة أمل أنصار بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، وفي أسر تحرير الصحف في تل أبيب وفي قاعات التلفاز في جفعتايم ونفيه ايلان، لأن الانتفاضة ('الثالثة') لم تتطور كما أملوا. لكن لا يقلقن: فالواقع في هذه الأماكن لا يزعزع التصور. تصور أنه بسبب رفض إسرائيل للسلام والتحرشات التي تحدثها تنشأ انتفاضات. بالأيام القادمة سيبدأ هناك العد التنازلي للانتفاضة الرابعة.تسمع همسات منذ أشهر طويلة عن أننا نواجه انفجاراً. دائما مع استعمال المصطلح الفلسطيني المخيف: انتفاضة، و'الحل في يد إسرائيل' دائما. يمكن بطبيعة الأمر منعها لكن إذا فعلت إسرائيل شيئا ما: كأن تجمد وتحدد وتمنع وتضبط نفسها ولا تفاجئ، ولا تحرك ولا تفعل ولا تشق ولا تبني ولا تفتتح ولا تتنفس ....] .

الانتفاضة هي الكلمة التي تجعلهم يتذكرون أنهم غزاة وقتلة ولصوص ، وتجعلهم يلزمون بيوتهم ، ومن ثم يهرع قادتهم إلى العواصم العربية إياها لإقناع السلطة بضرب الفلسطينيين ومنعهم من الانتفاض والمواجهة .. ولعل هذا هو سر خوف السيدة هيلاري ، وتابعها الأممي بان كي جي مون أمين عام الأمم المتحدة وتحذيرهما من العنف كما يسميانه!!

الانتفاضة حين تستمر ، ولا تصغي لمقولات السلطة والفتي دحلان ، فإنها تمنح الفلسطينيين الأمل في استمرار الحياة على أرض القدس وفلسطين ، وهي في حقيقة الأمر تجعل الغزاة القتلة يتمنون أن تنشق الأرض وتبتلعهم . تأمل ما كتبته صحفية يهودية عن الأخبار التي تتكلم عن بدء انتفاضة ثالثة في القدس ، وحلمها أن يكون هذا الكلام غير صحيح لتنام على راحتها وتذهب في سبات عميق . تقول الصحفية أرئيلا رينغل هوفمان في صحيفة يديعوت 18/3/2010م تحت عنوان : هل ستكون انتفاضة ؟ :

[ منذ ثلاثة أيام وهم يقولون لنا ؛ وزراء الحكومة، رجال الأمن، ضباط كبار في الشرطة وسياسيون مجربون : إن ما يحصل الآن في المناطق – تقصد الضفة الغربية والقدس -  وينزلق ويتسرب أيضا إلى داخل حدود الخط الأخضر – فلسطين 1948-  هو ليس، لا سمح الله، تفو تفو تفو، خمسة خمسة، انتفاضة ثالثة. هذه مجرد أعمال إخلال بالنظام، يقولون لنا، اضطرابات، أعمال شغب محلية، عربدات موضعية، مشادات فتيان. بعد لحظة يصبح هذا بشكل عام شقاوة أطفال. إن نسمع حقا ونهدأ ونغرق في سبات حلو.  .. ].

آية الله محمود عباس قرر منذ زمان عدم السماح بانتفاضة ، فضلا عن الكفاح المسلح ، ودحلان ورفاقه في فتح غارقون حتى أذنيهم في البيزنس داخليا وخارجيا ، وأهل الدار لهم فضائحهم التي لا تتوقف لدرجة أن عرض الصهاينة شرائط فاضحة على فخامة الرئيس عباس تصور بعض رجاله وهم يمارسون الخطايا ويصنعون الفضائح وهددوه بإعلانها إن لم يستمر في التعاون مع الغزاة القتلة . تقول جريدة بر مصر الإلكترونية في 21/3/2010م :

[ أكد مصدر قيادي في حركة فتح أن وفداً أمنياً صهيونياً زار منزل رئيس سلطة رام الله محمود عباس سراً مؤخرا ، وأطلعه على أشرطة فيديو لنفر ممن وصفهم بـ 'أهل الدار'، وفريقه والمقربين منه في أوضاع مخلة حيث تم تهديده بالنشر، إن لم يستمر بالتعاون واستكمال تنفيذ ما يطلب منه في إطار المخطط الصهيوني الهادف لإنهاء الوضع لصالح الكيان ].

الشعب الفلسطيني قادر على الاستمرار إن شاء الله في الانتفاضة حتى يأذن الله بالتحرير ، والانتفاضة كما سبق القول هي الأسلمة وبدايتها التي يجب أن تمتد ليقوم المسلمون في فلسطين وخارجها بعملية مضادة للبناء في القدس ومن أجل الفلسطينيين . يجب البناء في كل شبر ممكن داخل القدس ، وشراء المنازل في القدس لأهل فلسطين ، ليس القدس الشرقية وحدها ولكن في القدس الغربية ، وأهل الخط الأخضر يستطيعون أن يبذلوا في هذا السياق لأسلمة القدس وتعريب القدس ..

فلسطينيون كثيرون في الداخل والخارج يوضعون في دائرة المليونيرات إن لم يكن المليارديرات ، ويستطيعون استدعاء سيرة مليونيرات اليهود الذين يتدخلون بأموالهم ليخدموا قضاياهم الباطلة ، فلا أقل أن يخدم أغنياؤنا قضايانا المشروعة .

أتصور لو أن الفتى دحلان تقدم بمبادرة جريئة وبدأ يشتري أو يبني في القدس منازل أو مدارس أو جامعة أو مؤسسة ، ثم تبعه بقية مليونيرات النضال ، لكان ذلك عملا عظيما يكفر عنهم سيئاتهم في خدمة العدو النازي اليهودي و، والمفاوضات العبثية التي ضيعت أكثر مما أفادت .. ثم لو سار على درب البناء والتعمير أغنياء الفلسطينيين في المهجر والعرب والمسلمون في شتى أنحاء الأرض لتغيرت أمور كثيرة .. قد يقول قائل : إن العدو لا يسمح بالبناء أو البيع والشراء ، ولكن ماذا عن محاولاته الدائبة لشراء الأراضي في سيناء عن طريق أطراف وسيطة ، وشرائه لبيوت وعمائر في قلب القاهرة بطريقة مباشرة وغير مباشرة ؟

فلنشرع في أسلمة القدس .. فهذا بداية الانتصار إن شاء الله .