بوارد حسن النوايا

هنادي نصر الله

بوارد حسن النوايا ..!!

هنادي نصر الله

[email protected]

بوادر حسن النوايا التي تتحدث عنها وسائل الإعلام هذه الأيام مثلت صفعةً قاسية على الوجوه  الشاحبة التي امتلأت بخطوطٍ حافلة بمشاهد الحرمان والمأساة....!

الأم التي انتظرت وليدها المسجون ذرفت دموع تكفي لأن تبلل رمال فلسطين بأسرها ...والطفلُ الذي استعدّ للقاء والده وهنأ نفسه لأنه أخيرًا سيسمع منه كلمة ـ بابا ـ كباقي رفاقه بل وسيشتري له ملابس العيد بعد أن حُرم منها سنوات طوال تمزق همًا واحترق نكدًا ووجعًا وانتابته مشاعر الخيبة بعد أن رجع إلى بيته متحسرًا على طفولته الضائعة والمسلوبة من مشاعر الأبوة الصافية....!

شمعون بيرس ـ ويهود أولمرت ومحمود عباس ومعه فياض والعجرمي وباقي فلول الإنهزامين المارقين وقفوا سدًا منيعًا وحائلاً دون فرحة الأطفال وسعادة الأمهات والزوجات متوعدين إياهم بالمزيد من الحسرات والآهات لالذنبٍ سوى أنهم شرفاء ولديهم من العزة والإباء ما تعجز الكلمات عن وصفه في هذه السطور...

أسرى يُفرج عنهم وآخرون في انتظار المجهول بعد أن أصبح التمييز العنصري المقيت هدفًا رئيسيًا تسعى لتحقيقه سلطة رام الله بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد،فالأسرى الذين شملتهم ـ  بوارد حسن النوايا ـ  معظمهم ينتمون لحركة فتح أما أسرى حماس فلا داعي لإطلاق سراحهم فقادتهم في غزة نغصت على الخائنين حياتهم ولقنتهم درسًا في الوطنية والأخلاق لن ينسوه طوال حياتهم،بعد أن طهرت غزة من رجسهم السياسي ودنسهم الأخلاقي؛فغدو في رام الله مذمومين من الجميع  لاشغل لهم إلا زيادة  الهوة والفجوة بين فلسطيني الضفة وفلسطيني غزة...وهذا اتضح جليًا ليس فقط في الإفراج عن أسرى معتقلين غالبيتهم من فتح بل إفراجهم لأسرى فتح الضفة قبل أسرى فتح غزة....!!.

إن هذا الإفراج  الذي شملّ جزءًا يسيرًا وقليلاً من 11500أسير وأسيرة داخل السجون؛ليضع أمامنا مجموعة من التساؤلات المهمة والتي يجب آلا تغيب عن بالنا وخاطرنا وواقعنا الفلسطيني أبرزها"أليس الأجدر هو الإفراج عن الأسيرات المعتقلات داخل سجون الإحتلال ؟أليس بقاؤهن في السجون هو وصمة عار على جبين السياسين الذين يُخرجون الرجال ويتركون النساء يواجهن مرارة الإعتقال وألم السجن والسجان؟!

لماذا لم تشمل صفقة بوادر حسن النوايا ـ كما يحلو للإسرائلين ولسلطة رام الله ـ تسميتها الأسرى المرضى وأصحاب المحكوميات العالية من الملاحظ أن أغلب الأسرى الذين تم الإفراج عنهم هم أسرى أوشكوا على إنتهاء مدة اعتقالهم أي أن الصفقة لم تجلب الجديد ولم تقدم إنجازًا سياسيًا كما يزعم الإعلام الأصفر الذي بات يرقص طربًا وكأنه أفرج عن كافة الأسرى ولم يتبق أسيرًا واحدًا في السجون...!!

وماذا يُساوي الإفراج عن 87أسير من سجون الإحتلال من أصل أحد عشرة ألف وخمسمائة سوى أنه ابتزاز سياسي واضح لعباس نفسه وزمرته مفاده"نعم يا عباس مستعدون لأن نظهر لك حسن النوايا ولكن ليس هكذا على طبق من ذهب"وهذا ما ترجمه السياسيون الإسرائيليون على أرض الواقع من خلال إفراجهم المذل والمشين لتضحيات الفلسطينين وصبرهم الطويل وانتظارهم المرير كي يخرج أحبابهم من السجون...

بالطبع نحن لا نلوم ـ الإسرائليين وساستهم ـ هنا بقدرٍ ما نلوم سلطة رام الله ورئيسها عباس المنبطح لسياسة الإقصاء والمسئول الأول والأخير عما يجري من تمييز واضح ومقصود ..

فالتمييز بين الأسرى أتى بعد سلسلة طويلة من الإجراءات القمعية التي مارسها ويمارسها الساسة في رام الله فهل ننتظر ممن يعتقلون أبناءنا في سجونهم أن يطلبوا من المحتل الإفراج عنهم ...إن هذا بالطبع ضرب من الخيال لا يستوعبه منطق ولا عقل...!!
بل كيف نأمل ممن يسلبون الأحرار أدنى حقوقهم كحرمانهم من تشييع شهدائهم أن ينصفوا أبناءنا ونساءنا وأطفالنا ومرضانا في سجون الاحتلال؟!
لايُعقل أبدًا أن نعول على العجرمي الوزير في حكومة الطارئين الذي هدد أهالي أسرانا بحرمانهم من الزيارة ومن مستحقات أبنائهم إذا ثبتّ أنهم يتعاونون أو يتعاطفون مع حكومة غزة أو مع جمعية واعد للأسرى والمحررين...

علينا أن نتيقن أن المحتل الغاشم ما كان ليجرؤ على إطلاق سراح هذا العدد البخس لولا الحملة الشرسة التي قادها ويقودها العجرمي الذي نصبه أزلام دايتون وزيرًا للأسرى ومتابعًا لقضاياهم وهو منهم ومن جهادهم وتضحياتهم بريء!!.

وأخيرًا لابد وأن نطلقها صيحةً باسم كل من طالهم الإقصاء وباسم كل أم أسير رجعت إلى بيتها خائبةً شاكيةً إلى الله أمرها ومصابها ..

بأن تتحرك فصائل المقاومة الفلسطينية وأن تتوحد لتأسر أكبر عدد من الجنود الصهاينة كي نمرغ بهم أنف الإحتلال ونجبره على الرضوخ لمطالبنا العادلة والهادفة إلى الإفراج عن كافة أسرانا بدون قيدٍ أو شرطٍ أو تمييز...

فهذه هي الطريقة الأمثل والأفضل التي تحفظ للفلسطينين ماء وجوههم وتقدر كرامتهم وتنصف تضحياتهم.