الكنائس المسيحية العربية هدف صهيوني

د. محمد رحال

د. محمد رحال /السويد

[email protected]

 اجزم ان اكثر الطوائف مظلومية في بلدان الشرق العربي المسلم هم ابناء الطائفة المسيحية العربية ، وما اقوله ليس ادعاء ، وانما هو روي التاريخ وواقع الاحصائيات على الارض ، ومما يؤسف له ان هذا الظلم ينسب دائما الى العروبة تارة ، والى الاسلام في غالب الاحوال ، وامام رمي العرب والاسلام بهذا الاتهام، والذي يأتي الى بلادنا مستوردا عبر الحدود ، وامام خجل ابناء العروبة والاسلام عن الرد ، فقد كان دحض هذه الاتهامات كثيرا مايأتي عبر المتنورين من ابناء هذه الطائفة الكريمة والذين عاشوا اخوة وجيرانا متحابين الى جانبنا ، واديرتهم التاريخية وكنائسهم وقراهم الجميلة والثقافة العربية التي حملوها وكانوا روادها دليلا على تعايش طويل عمره مئآت السنين من الود  ، ومع اشتعال المنطقة طولا وعرضا بالاختلافات المذهبية المستوردة، فقد بقي المسيحيون عبر هذا التاريخ في منأى عن تلك الصراعات العاصفة ومع ذلك فان عوامل شرر الاذى لم يأتهم يوما من المسلمين، وانما كان غربيا خارجيا ،ومن امم ادّعت الحضارة، وادّعت حمل راية التسامح والحب المسيحي ، وتمثّل ذلك على مراحل ثلاثة ، كان اولها الحروب التي شنتها الامبراطورية البيزنطية من اجل فرض رأيها الكنسي على رعايا الشرق ورهبانها  والتي بدأت منذ المجمع الكنسي الاول في نيقية عام 325 والتي انتهت الى رفض اراء اريوس واتباعه والذين قالوا برب واحد احد  ازلي للكون وان المسيح بشر مخلوق، وحرقت كتب اريوس وطورد اتباعه ، ثم طاردت السلطة البيزنطية بعد ذلك رهبان الشرق والذين سعدوا بالفتح العربي الاسلامي درجة اطلق الرهبان العرب على عمر بن الخطاب اسم الفاروق بالسريانية أي المخلص ، وكذلك شمل هذا الخلاص الكنيسة القبطية في مصر وشعبها ، وكان الاضطهاد الثاني على يد الصليبين والذين نهبوا كل الكنائس الشرقية باعتبارها مصادر للشرك والهرطقة ، ولعل اسوأ ماتمر به الكنائس من حروب منظمة هي التي نعايشها اليوم والتي بدأت جذورها منذ عام 1860 في جبل لبنان ، حيث تسكن تلك المنطقة غالبية مسيحي لبنان من الطائفة مارونية .

ومع ان لبنان بطبقاته المتنوعة شهد قيادة طليعية للثقافة العربية المبكرة الحديثة والتي كانت بواكيرها على يد رجال فكر مسيحيين بسبب انتشار المدارس في ربوع جبل لبنان ، الا ان تلك الثقافة لم تكن من اجل ايجاد ثقافة مسيحية فئوية طائفية ، وانما كانت ثقافة عربية حديثة رفعت من شِان الثقافة العربية الحديثة المعاصرة، وعندما يعد رجال الثقافة العربية ، فاننا نحصي اكثر من نصف العدد الاجمالي من المثقفين العرب والادباء والشعراء من لبنان او ممن تخرج من مدارس لبنان ، هذا البلد الصغير الذي كانت فيه المطابع العربية قبل أي بلدعربي اخر ، وكان قادة الاحزاب اللبنانية المسيحية وبالرغم من الانتمائ الديني المسيحي فان الانتماء الى الوسط العربي هو الانتماء السائد ، وان يسمي احد اركانالاحزاب المسيحية   ولديه امين وبشير ، وهما اسمان من اسماء محمد صلى الله عليه وسلم ، فهذا دليل واضح للعقلية المسيحية العربية والتي تمازجت بعقليتها مع الثقافة العربية والاسلامية وتعشقت بها، وكان المسيحيون العرب المهاجرون الاوائل للبلدان الاوروبية والامريكية هم المدافعون عن العروبة والاسلام، وجبران خليل جبران وايليا ابو ماضي ومخائيل نعيمة وغيرهم كثيرون شهودا على ذلك ،وقدم الكثير منهم روحه رخيصة من اجل تحرير الارض شركاء في الدم مع شهداء التحرير الاوائل ، وكان السياسيون منهم ومن ابرزهم شيخ السياسة العربية فارس الخوري اللبناني الاصل والذي اختاره شعب سورية المسلم وزيرا للاوقاف في بعض سنوات حكمه ، وهذا الوضع في لبنان وسورية لايختلف ابدا عن اشباهه في انحاء المشرق العربي والاسلامي ، ومن يذهب الى القرى المسيحية في بلاد الشام والعراق يحس بهذا الائتلاف .

 لم يسجل التاريخ الطويل يوما عدوانا من تلك القرى على جبرانها او عدوانا من الطرف الاخر عليها ، وهذ الامر هو عين الشيء في مصر والتي يوحد النيل الواحد  وعلى ضفتيه بين شعب واحد مكون من مسلمين واقباط .

 حكماء آل صهيون الاشكناز(عشق ناز) والذين هم من اصل تتاري خزري وثني متصوف والذين تمكنوا من احتلال الدين اليهودي وشطره الى اقسام ، والذين تمكنوا من السيطرة على الفكر اليهودي واليهود وتحويله الى فكر صهيوني يخدم الاغراض الشريرة لحكماء الرعيل الاول للفكر الصهيوني الاكثر شرا ، هؤلاء الشياطين والابالسة تمكنوا من الانتشار في امبراطوريات العالم الاوروبي والسيطرة عليه فكريا وماليا واعلاميا ثم السيطرة عليه دينيا ، تمكنوا ايضا وفي نفس الوقت من القفز على اجزاء كبيرة من مواقع النفوذ في الامة الاسلامية منذ قرون وشق الدين الاسلامي الى فرق مختلفة يسيطرون على قممها مع الادعاء انهم من سلالة طاهرة وشريفة تقود العالم الاسلامي الى حروب طاحنة وتطحن رحاها ابناء الرحم الواحد وتشيع بهم قتلا وتدميرا وباسماء وحروب وشعارات مقدسة ، نفس تلك العصابة الشريرة تحاول وعلى مدى قرنين من الزمن تفكيك الكنائس الشرقية وتفتيتها والولوج فيها ، وحرب الافناء المباشرة على يد اعوان الشر الامريكي الصهيوني في العراق ممثلا بميليشيات الشر الصهيوني الاسود وجنود البيشماركة  ويمثل وجها واضحا لهذه الحروب التي يراد منها استئصال الشرق من مسيحيه والتخلص منهم وافنائهم او تشريدهم ونسب هذا التشريد للعروبة والاسلام ، والعروبة والاسلام يلعنان كل من تمتد يده بشر او سوء الى اخوة وجيران لنا .

 ولقد ساهم صمود شخصيات دينية ووطنية مسيحية في افشال هذا المخطط الصهيوني و مثل بابا الكنيسة القبطية في مصر اهم العقبات امام محاولات تحطيم وصهينة الكنيسة القبطية واتباعها وجرها الى تبعية الكنائس الاوروبية والتي عشعش الفكر الصهيوني وباض فيها وفرخ، وكان قبله مكرم عبيد من ابرز رجالات النضال والوحدة في مصر ،وبرز اباء الكنيسة في فلسطين المحتلة كعناوين بارزة في صمود حقيقي ومشرف ومن ابرز روادها الاب الدكتورعطا الله حنا والمطران كبوجي وغيرهم كثيرون ممن وقفوا باجسادهم مباشرة امام آلة الشر الصهيوني.

 ان التسامح الكبير في الشرق بين المسلمين والمسيحيين لم يعكره الا تدخل الغرب المتصهين في شؤوننا الداخلية ، وهاهي بيوت العبادة في شرقنا المتسامح لكلا الطرفين تتقارب وتتجاور وهي تمتليء بالعباد من الطرفين ، ومعهم يتجاور ويتحاور الائمة والرهبان ، فالكنائس في دمشق وحلب وبيروت وبغداد وطهران والقاهرة تجاور المآذن في مشاهد يفتقدها الغرب ومدعوا الحضارة والذين حرموا المسلمين حتى من مجرد بناء مسجد او مئذنة ، وحتى من تذوق الطعام الحلال او وضع قطعة قمائ تغطي الرأس ، وما يحصل في هذه الايام من اقتتال ومحن واشعال حروب وفتن وضغائن يعود بأغلبه الى سياسات لاتمثل روح امتنا من كلا الجانبين ، وانما تمثل سياسة حكام ارتهنوا ورهنوا الامة لمشروع صهيوني هم أهم ادواته .

 ان تماسك  وصمود الشرق المسيحي العربي امام الاجتياح الصهيوني هو مفخرة لنا جميعا ، وهو هدف صهيوني نجح في ابعاد قسم كبير  منهم وذلك في مخطط لافناء هذه القلة المتماسكة في وجه الصهيونية ، ومع هذا الابعاد والنفي لهذه الجالية فقد بقيت في غالبيتها جالية متمسكة بعاداتها وتقاليدها معتزة بانتمائها الاصيلممثلة بجالية محترمة ومثقفة ، في وقت انسلخ فيه الكثيرون من ابناء امتنا عن اصالتهم ، وارتضوا ان يكونوا ادلاء للغرب لاجتياح بلادهم .