الكرة في الملعب الآخر

مؤمن كويفاتيه

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

لم نتوانى عن رد التحية بأحسن منها ، ولم نخجل بمبادرتنا الترحيبية على أول خطوة وإشارة تلقيناها لإعادة اللحمة الوطنية وأُولاها بإلغاء قانون 49لعام 1980 ، ولا يهمنا اسم المصدر المسؤول ، أو حتى التنصل من المُبادرة ، وإنما الذي يهمنا أننا لن نكون حجرة عثرة في أي طريق يبعث على الحلول ، وأننا أثبتنا بتصرفنا هذا بان العُقدة ليست من عندنا كحركة إسلامية وطنية أو كمعارضة مسؤولة ، وخاصة بعدما أجريت الكثير من الاتصالات بالقيادات الإسلامية وحتى الإخوانية وبقواعدهم وبعض القوى المعارضة ، فوجدت منهم الترحيب الكامل لأي حل يُعيد اللحمة الوطنية ، ويُنهي المشكلات والمآسي الإنسانية ، وعلى رأسها عودة المنفيين قسراً عن بلادنا سورية وأعدادهم بعشرات الآلاف ، وعودة الأمور طبيعية مابين السلطة والمُعارضة بما يُمهد لحلول تنفرج فيها الأزمة السياسية وتتحلحل العُقد واحدة تلوى الأخرى ، ومنها الإفراج عن سجناء الرأي ، وما ابتغيته من مقالتي المؤيدة لأي خطوة ايجابية إلا كرسالة مُتعددة الاتجاهات ، والى من يهمه الأمر والرأي العام بأننا منفتحون لأي إشارة طيبة ، ليس عن ضعف بل عن قناعة بضرورة الخروج من النفق ، ولو ظهر أحدنا بمظهر الأضعف ، وهذا لا يعني إلا تنازل من أجل الوطن ، الذي في سبيله تهون التضحيات

 فلم أكن أتوقع هذا الكم الهائل من التأييد لما كتبته عن المباركة لأي خطوة ايجابية باتجاه المصالحات الوطنية ، وإنهاء الملفات الإنسانية المأزومة طوال فترة العقود الثلاث الماضية ولاسيما من الإسلاميين السوريين الذين كانوا الأكثر تضرراً من هكذا وضع ، وكذلك وجدت تأييدا من فصائل عديدة في المُعارضة ، ووجدنا من الداخل السوري تأييداً أكبر لخطوة إلغاء قانون 49لعام 1980‘ حيثُ وصف الخطوة المُعارض السوري المُهم أمين عام حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي والناطق باسم التجمع الديمقراطي حسن عبد العظيم كما جاء في المرصد السوري بأنها هامّة جداً وقال ("إن تشكيل لجنة قانونية بقرار من القيادة السياسية لإعداد مشروع قانون لإلغاء قانون 49 أمر هام جداً بحد ذاته، لأن القانون 49 مضى عليه 29 عاماً والظروف تغيرت كثيراً، وكذلك تغيّر الإخوان المسلمين، وأصدروا وثائق هامة تلزمهم بنبذ العنف وبالعمل السياسي تحت سقف الوطن والحرص على الوحدة الوطنية". وتابع الناطق باسم التجمع الديمقراطي "من متطلبات الملفات السياسية الهامة لإعادة ترتيب البيت الوطني والوضع الداخلي إلغاء هكذا قانون والانتهاء منه وطي هذا الملف ليتمكن من ينتمي إلى هذه الجماعة في الخارج من العودة إلى الوطن وممارسة حياته الطبيعية، لأن المسألة إنسانية ويجب الانتهاء منها، ونحن كنا نطالب بإلغاء هذا القانون لإتاحة الفرصة أمام كل المبعدين من السوريين الموجودين في الخارج للعودة إلى الوطن. هذه خطوة إيجابية من خطوات الإصلاح التي إذا تكررت وتعددت يمكن أن تؤدي إلى تغيير ديمقراطي حقيقي" حسب تعبيره. )

 وفي موقف مُلفت للنظر ويتسم بالمسؤولية قال عبد العظيم "إن كل القوى المعارضة في الداخل والخارج لها انتقادات ومطالب تتعلق بسياسات النظام، وخاصة الوضع الداخلي ومسألة الحريات وحقوق الإنسان والتعددية السياسية والتعديلات الدستورية، وعلينا في هذه المرحلة أن نميز بين أحزاب المعارضة وفعالياتها بشكل عام وبين الوضع الخاص لجماعة الإخوان المسلمين الموجودين تحت سيف وسقف القانون 49"، وهو الأمر الذي يوجد "حالة إنسانية تتطلب من أطراف المعارضة أن تقدّرها، لأن أي شخص منسوب للإخوان المسلمين أو ابنه أو عائلته لا يستطيع العودة إلى سورية أو حتى أن يُدفن فيها لأنه سيتعرض للاعتقال والمحاكمة". وأردف "بالتالي على المعارضة أن تقدّر هذا الظرف، وأن لا تعترض على الحوار الجاري، ولا على أي قرارات إيجابية يمكن أن تصدر، وإن حدث وأُلغي القانون 49 فإن طلب من طلبات كل أطياف المعارضة يكون قد تحقق" على حد قوله.  وبالفعل مالهذا القول والرأي من الحكمة التي ندعو الجميع الى تبنيه ، وخاصة  رفقاء دربنا في مُعارضة الداخل بكل أطيافها ، فالإسلاميين والإخوان المُشردون هم أبناء الوطن الذي غادروه منذ عقود بلا ذنب ، بل أُخذوا بجريرة الغير ، آن لهم أن يعود من يُريد منهم أو من أي فصيل مُعارض إلى دفئ الوطن بعد نفي استمر لعقود دون مُسائلة أو تحت طائلة أي قانون مُسلط فوق رقابهم ، وإننا لن نييأس إلى أن نصل لمُبتغانا في حق العودة والعيش الكريم لجميع مواطنينا في ربوع بلادنا الحبيبة ، ولن نألو جهداً من ناحيتنا بان نُساعد على خلق الحالة التي تُساعد ، لا أن نضع العقد في المنشار
وعن تصريح الوزير المُعلم ومحمد عمران وغيرهما فهو لايعني الشيء الكثير الذي لربما لهم أسبابهم ، وإنما علينا أن نسير على نهج واحد لاندع لأحد من أفرقاء الآخر أي ثغرة لتعطيل مشروعنا في التسوية الوطنية ، ولا ندع لأحد أي لوم علينا ، بل مشروعنا واضح وصريح لا لبس فيه ولا غموض ، وهو رأي الحركة الإسلامية في سورية بأكثريتها ولا التفات للأقلية التي ستنساق في نهاية المطاف مع الأكثرية ، ونحن لانزرع في الهواء كما قال أحد الطاعنين لترحيبنا بالخطوات الإيجابية ، ونعلم بأن الطريق صعبة ودونها معوقات كثيرة ، لكننا نعمل بكل تصميم لما فيه خير الوطن السوري ولما فيه الصالح العام ، وبالتالي فنحن لا نستخدم الدهاء في عملنا ، بل نحن بُسطاء إلى أبعد حد في تعاملنا مع الآخر ، وفي نفس الوقت لسنا سُذج لكي ننخدع بعدم فاعلية القرار 49 لعام 1980 ، والذي لايزال يُحاكم العديد بموجبه بالأحكام القاسية  ، ومؤمنون في نفس الوقت بأننا جميعاً  أبناء وطن واحد على رقعة الشطرنج المتداخل فيها المحلي والدولي ، وأنّ تعاوننا في تسهيل الأمور ، وكذلك إقدام أي طرف على أي مُبادرة وتأيدنا له ، ولأي خطوة ايجابية لتحريك الماء الراكد نكسب منها جميعاً ،  بغية تحريك الجمود السياسي الذي تعيشه ساحتنا السياسية ولو تحملنا الجانب الأكبر من العبء ، كما هو شأننا على الدوام في مُعظم الأمور ، وفي العمل السياسي لا يوجد يأس بل تصميم إلى بلوغ الأهداف ، والتي منها الوصول إلى التسوية الوطنية ، وعلينا أن نستفيد من أي نقاط ايجابية ، ونُسهل على أصحاب الرأي السديد من كل الأطراف بالتلاقي والحوار الجاد لحل الإشكالات وإنهاء الملفات الإنسانية العالقة والدامية ، والتي طال عليها الأمد ولم تعد تستحمل التأخير، وعلينا ألا ننظر الى المعوقات والمُثبطات ، بل هو نهج نتبعه وسلوك لانحيد عنه لنُحاصر أولئك المستفيدين من هكذا وضع ، ممن تضخم أمرهم ، وصاروا عبئاً ثقيلاً ليس علينا فحسب بل على الوطن ، وعلى من في السلطة ، ولذلك ستبقى دعوتنا سلمية ، وسنبقى ندعو للحوار والمصالحة ، فالظروف لا يضمنها أحد ، فلربا مُتربص من هؤلاء أصحاب النفوذ يقلب الطاولة على من فيها ، لكونهم لا يُحاسبون !!! ولا يُراقبون !!! وهم أصحاب سطوة ونفوذ

وهنا لايسعني إلا أن أُحيي موقف الإخوان المسلمين الواضح والصريح وقت الخصومة ووقت المُسالمة ، وأُحيي قرار مجلس شوراهم العتيد وتأيده لكل خطوات قيادته من أجل المصالحة ورأب الصدع ، مُتماشين مع وثائقهم التي أصدروها نصاً وروحاً ، والتي تتضمن نبذ العنف والعمل السياسي السلمي ، ودعوتهم الصادقة لإنهاء الحالة المُتأزمة ، بعدما وقفوا الموقف الشجاع المتوافق مع موقف النظام أثناء الهجوم على غزّة ، ومن أجل ذلك أعلنوا تخليهم عن مُعارضة النظام بكل جرأة ووضوح ، رغم لوم الحلفاء الشديد لهم آنذاك ، ولكن كل ذلك لم يُثنيهم عن عزيمتهم في المضي قُدماً ، ورضي من رضي وأبى من أبى ، ماداموا لايبتغون من وراء ذلك إلا رضا الله ، وما يُرضي ضميرهم من أجل وطنهم ، وقضيتهم المُقدسة في حماية الفلسطينيين وحقوقهم المشروعة.