صوت الحقيقة

ابنة الحدباء

صوتُ الحقيقةِ من أرضِ الجهادِ : العراق

                                 ابنة الحدباء

يتساءلُ المرءُ وكلّ عراقـــــيٍ أصيلٍ تسري في عروقهِ الوطنية حدَّ النُخاع، بل كل مَن أهمـّه ما آل إليه حال العراق الأغر من دمارٍ وخرابٍ وموتٍ عما يحدث هناك!.. منذ أن انبلجت شمسُ الديمقراطيّة الأمريكيّةِ على أرضهِ، ونال على يديها الحرية حدَّ الإشباع والتخمة، سواء من شعاراتها أو من قيمِها، وما نهل منها منذ أن وطئت ثراه الأصيل.. أقدامُ

الكاوبوي الأمريكي بما يحمل من تلك القيم.. حتى فاض الكيل بالعراقيين وبجميع شرائحهم، وصرخوا بأعلى أصواتهم: إننا قد أُصِبنا (بعُسرِ هضم) ديمقراطية هذا الكاوبوي، الذي جاء مدجَّجاً بأعتى أنواع الأسلحة، ومُشبَعاً بأفكار بني صهيون وهو يدمر ويقتل ويغتصب ويعذب وينتهك كل لحظة.. ليس فحسبُ القوانين الإلهية.. بل قوانين الأرض بمنظماتها الصهيونية والصليبية الغربيّة، وأولها الأمم المتحدة وما تبعها من منظماتٍ أخرى.. من ظاهرها يحمل صور حمائم السلام وهي ترفع غصن الزيتون شعاراً أزليـــاً، وباطنها تغذي الحروب وتدعم الإرهاب على حدٍ سواء، ناهيك عن انتهاك أبسط حقوق الإنسان! وليطلعَ كلّ من غابت عنه شمس الحقيقة، وليشهد بمعرفة الحقائق وبشهود عيانٍ ذاقوا التجربة الديمقراطية منذ أن وطئت أقدامهم أرض العراق.. إذ روى الحادثة التالية أحد القادمين من العراق عائداً إلى المهجر، بعد أن خرج بمعجزةٍ من موتٍ محققٍ، كاد يصيبه على أيدي من أتوا حاملين معهم شعلة الحرية ومشعل الديمقراطية!..
لقد كان قد عاد إلى الوطن، حاملاً معه أملاً بعراقٍ حرٍ كريم، فهو من أبناء الطائفة الشيعية، الذين رأوا في الاحتلال تحريراً، وفي سقوط العراق ميلاداً!.. عاد بعد سنواتٍ طويلةٍ من الاغتراب والهجرة والتنقل من أرض إلى أخرى، ليستوقفه الجندي الأمريكي عند الحدود العراقية-الأردنية ليتحقق من أوراقه ومن السيّارةِ التي قدم بها من الأردن، ثم مُنع من أخذِ وثائق جنسيّته وُبلّغَ أنه سيستلمها من مركز الشرطة الفلاني في أحد أحياء بغداد؟!.. فاضطرّ بعد أن يَئِسَ من محاولاته استرجاع وثائقه.. اضطر لمتابعة مسيره بسيارته داخلاً العراق..

 ولكنه بعد برهةٍ ليست بالقليلة، تحسّس أثناء سيره، ثقلاً غير طبيعيّ، وأصوات تحرّك أدواتٍ في صندوقه الخلفيّ، فاضطرّ للتوقف كي يتفحّص ما المشكله!.. فإذا به يشهد بأم عينيه وجود كميةٍ كبيرةٍ من الديناميت والمتفجرات قد وضِعَت بعنايةٍ ويمكن لها أن تنفجر في أية لحظـة!؟.. فأصابته صدمة وهلع شديدان، ولم يكن يتوقع أن يصبح حقل تجارب على أيدي المحررين وحاملي شعارات محاربة الإرهاب في كل مكان!؟.. و كونه سيكون هو الآخر وسيلةً لقتلِ الأبرياء من أبناء بلده، وهو قادمٌ حاملاً معه القتلَ والدمارَ والحريقَ.. بدل الهدايا، ناهيك عن الموت المؤكد!..

ترك سيّارته بما تحمل، وعاد ماشياً إلى أن وجد من يوصله إلى حيث ذويه، متيقّناً أنّ معظم التفجيرات التي تحدث وتفتك بالأطفال والنساء وعامة الشعب، ناهيك عن المساجد ودور العبادة وغيرها.. هي في حقيقة الأمر، من صنع جيش المحررين من المرتزقة والأمريكيين.. إذ تُملأ بعض السيارات القادمة من الحدود المفتوحة للداخل والخارج.. بأنواع المتفجرات، بعد أن تؤخذ أوراق المسافر ليبلَّغ باستلامها في المركز الفلاني أو المنطقة الفلانية.. لتصل إلى المكان المقصود، ثم لتفجَّر عن طريق التحكم عن بعد!..... وهذه حقيقة لطالما سمعناها، لكننا لم نشهدها على لسان أحد الذين جربوها وكادوا أن يكونوا أحد ضحايا هذا الإرهاب الفاضح المدمِّر!..

ليشهد القاصي والدانـي، أنّ المقاومة العراقية الشريفة تتفادى الأبرياء، وتنتهج الجهاد من أجل الاستقلال، باستهدافها الأمريكان وليس العراقيين على جميع انتماءاتهم ومللهم، فالعراقيّ الأصيل لا يعمل على شقّ الصفوف وإشاعة الفرقة بين أبناء الشعب الواحد، بل على لمِّ الشمل ووضع العراق وتحريره فوق أي اعتبار.. فصوت الحقيقة وما يحدث في العراق جاء ممن كان يرى في الاحتلال المنقذ الوحيد، ومن المؤكد ممن كنا نسمعهم يردّدون أنّ العراق سفينة مختطفة بيد النظام السابق يجب إنقاذها بأية وسيلةٍ كانت!؟.. وعندما كنا نردّد: ماذا لو أُغرقَت هذه السفينة بكل مَن عليها من أجل رجلٍ واحد، أو من أجل تغيير طاقمها؟!.. كان يردِّد بعض الناس: إنَّ أي ثمنٍ يمكن أن نقبله حتى لو أغرقت السفينة كلها!؟..

فهل يا ترى بعد أن أضحى أحد حلفاء المحتل الغازي شاهد عيانٍ للسادية الأمريكية والإجرام المطبق المنظم في العراق.. شاهد عيانٍ على أيدي المحررين.. هل سيردّد نفس عباراته السابقه!؟.. أم سيعيد النظر ويتذكر أنّ المحتل لأي بقعةٍ من الأرض كانت.. لن يحمل سوى مزيداً من المعاناة والآهات والأنّات، كما الخراب والتلوث والقتل المنظم والعداء، سواء لشعبه أو لوطنه أو لأي شعبٍ على الأرض!..

لن يبقى سوى أن نردّد دائماً وأبـداً : (وهل بعد الحق إلا الضلال!؟..).