مُجرمو الحرب اللصوص يُحاكمون الأُسود

مؤمن كويفاتيه

الرجال أبناء الشام والمُعتقلين والمُختفين السوريين واللبنانيين

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

لا يستوي أصحاب الحق وأصحاب الباطل مهما كان التفاوت في امتلاك آلة الدمار والقتل والتخريب ، أصحاب الحق هم الفائزون !! هم الغالبون!! هم المنتصرون !! هم المؤيدون في الأرض والسماء من رب الأرباب سبحانه ومن العباد. فقد ينخدع أهل الباطل بقوتهم وجبروتهم حيناً من الزمن بجولتهم ولكن الحق في النهاية يصرعه ، فهؤلاء القتلة اللصوص المُنبتين عن الشعب والخارجين عن القانون ، يُريدون أن يُحاكموا الرجال الذين سخروا مما عند هؤلاء الصعاليك المنبوذين من القوّة المُزيفة التي لا تستند إلى شرعية دستورية أو شعبية ، بل ركيزتهم هي قائمة على التخويف والإرهاب الذي سُرعان ما تزول رهبته ليُحاصر أصحابه عندما يُطلبوا للمحاكمة الدولية أو الشعبية الآتية عمّا قريب لا محالة .

رجال قدِموا إلى المُحاكمة وفيهم امرأةٌ بألف رجل لتذكرنا بالنساء الماجدات في التاريخ ، اللاتي حُفر اسمهنّ في سجلاّت الخالدين ، لتقود قافلة الحرية إلى الإنعتاق بتأييد كبير وواسع من كُل فئات الشعب لا يهمها حجر حريتها ، وما مُورس عليها من ضغوط وما فعله الأنذال من الخسّة معها بطردهم لحبيبها ورفيق دربها زوجها الفلسطيني الأصل سوري الهوى إلى بلد آخر ، فصمدت وصمد معها الآخرون ، لتشتعل زنازينهم أجيجاً في صيدنايا بداية ، لتكون شرارة الانتفاضة من السجون التي أجبرت البُغاة على تقديم التنازلات ، وعلى أمل انتفاضة الشعب الكبرى بيوم الخلاص.. يوم التغير الموعود.. اليوم الذي تُسرُّ به الملايين برحيل آخر دكتاتور بغيض عن الوجود بإذن الله ، ممّا جعلهم هؤلاء الشجعان يستخفّون بأيّام النظام السوداء وما أعدّه لهم من المُحاكمات الصورية ؛ التي ستنقلب وبالاً عليهم قبل غيرهم

نعم المحاكمات الصورية التي لا يوجد عاقل في الوجود إلاّ ويُقرُّ بتعسفيتها وببطلانها وتجّنيها على شُرفاء وقادة الفكر والرأي في سوريا ، وحتّى حُلفاء النظام والمُنتفعين منه والأوغاد المُلتفين حوله ، الذين يأكلون ويشربون ويسكرون على مائدة هذا النظام المُجرم ، ويتلذذون بما غنموه من المال الحرام منه ، تلقاء إعطاء هذا النظام مشروعية ذبح شعبنا وقهره وإبقاء سيفه مُشرعاً على رقاب السوريين  ، تلك المُحاكمة التي لفتت أنظار العالم أجمع والجماهير العربية والسورية وخاصة تلك التي كانت لا تبالي بالأحداث لنراها مُنخرطة فيما يدور من الوقائع  ، لعِظمِ الحدث وسوء هذا النظام الفاشستي ، وليعود العالم بالذاكرة إلى محاكم التفتيش وما ارتكبته تلك الأنظمة الفاشستية والإستالينية بحق الشعوب من البشائع والمخازي ، وليدور السؤال من جديد بجدّية أكبر وهو لماذا يُحاكم هؤلاء ؟ لتكون الإجابة .. لأنهم رجال صنعتهم شام ابن الوليد وصلاح الدين بكبريائها وعنفوانها ، وليكونوا في مُقدمة المسير ، ليرفعوا عن كاهل الوطن ما لحقه من الضرر بسمعته عندما استولى عليه حُفنة من اللصوص وقُطّاع الطُرق وشُذّاذ الأفاق ،  فأبَى هؤلاء الرجال الركوع أوالخنوع  أوالذُّلة والمهانة لهم أو لمواطنيهم ، ورفضوا إلاّ أن يعملوا على إزالة  هذا المنكر المُتمثل بعصابة السلطة الغاشمة ، التي لازالت تُمارس أبشع أنواع القهر والتعسف والبلطجة والنهب ،وتصدّوا لمُحاربة الفساد المُعشعش في هذا البلد منذ عقود بالكلمة الحرّة والرأي الشجاع والحُجّة الدامغة وبقوة الإرادة للتغيير ليواجهوا بما ملكوه من الرصيد الوطني هذا الطاغية وزبانيتة وأدواته القاتلة الفتّاكة التي لم تتوجه يوماً إلاّ إلى صدور شعبنا الحبيب ورجالاته الشجعان ، فكان يوم 2972008 بكل المعايير اليوم الأسود الكئيب ، الذي سيق فيه مُمثلي الوطن إلى المُحاكمة ، بدلاً من أن يُساق النظام وجلاوزته

نعم ذاك اليوم الأسود  الذي سيتبعه أيّام مثله كثيرة في مُحاكمة هؤلاء الأُسود الحقيقيين الذين لا يهابون أحداً من العالمين ، والذين كان سجنهم وبالاً على النظام ، وحتّى وجودهم في المُعتقلات وبال ، بينما كان حضورهم للمحكمة انكشاف لحقيقة ووجه هذا النظام القبيح ، فكان ذلك اليوم الأسود من نصيب اثنا عشرة عملاقاً سورياً دخلوا قاعة المحكمة ً بلباس الشرف الذي أرادت عصابة النظام به إذلالهم ، لكنهم كان لهم به الفخار ووسام الشرف الذي قلّ من يحظى به بسبب رفعة الدفاع عن الأوطان ، فحضر قادة إعلان دمشق للتغيير المحكمة ورؤوسهم مرفوعة تاركين خلفهم مجموعات بشرية كبيرة من أمثالهم الأحرار صانعي النهار في الزنازين ، ومنهم من سبقهم إلى هذه المقصلة المُسمّاة بالمحكمة ، وآخرين ينتظرون دورهم لمثل تلك المخازي التي يُندى لها جبينُ الإنسانية، وليتقدم هؤلاء الرجال الصفوف ويواجهوا الطاغوت وجبروته وهم لا يُبالون به،  ولا يعنيهم بما سيصدر عنه من قرارات ظالمة أُعدت بحقهم سلفاً ، وما سيكون عليه الفرمان ، الذي صدر على أمثالهم من السابقين ، وكان المُلفت للنظر حضور المندوبين من كل أصقاع العالم ،ليكونوا شاهدين على عصابة النظام ، التي لم تصمد كثيراً على سماع شهادات هؤلاء الكبار ، الذين أدانوا السلطة الغاشمة باعتقالهم وتوجيه التهم الباطلة إليهم ، بينما النظام  هو المُتهم والمُدان بنظرهم ونظر شعبنا الحبيب بإضعافه الشعور القومي ووهن نفسية الأمة ،وهي نفسها العبارات التي يُلفقها على جميع مُعارضيه وهي تلبسه من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه،  ولتنعكس الأمور عليه ، وتكون مُطالبته بأن يُبادر بأسرع وقت ممكن إلى إنهاء هذه المهازل والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي في سورية ، وإنهاء جميع الملفات الإنسانية التي لا تحتمل اللعب فيها أو التأخير

ونحن كمُعارضة أيضاً ، نُطالب هذا النظام بالكف عن قمعه لشعبنا الحبيب وقياداته الوطنية ، ونُطالبه كخطوة أُولى بإغلاق الملفات الإنسانية ، بالكشف عن عشرات الآلاف من المفقودين داخل مُعتقلاته ، والإفراج عن جميع سجناء الرأي والضمير السوريين واللبنانيين والأردنيين والعراقيين والفلسطينيين ، وبقية العرب من الدول الأُخرى ، والذين تُقدّر أعدادهم بعشرات الآلاف ، والعمل على إعادة مئات الآلاف من المنفيين قسراً عن بلدهم الحبيب سورية ، عبر سنّ التشريعات التي تضمن عودتهم بسلام وأمان وليس عبر البوابات الأمنية اللعينة ، ولن يتحقق ذلك إلا إذا أُلغي قانون الطوارئ الاستثنائي الخاص المُستمر منذ أربعة عقود ، وقانون العهر والعار وتقنين الجريمة 49 لعام 1981 الأسوأ وحشية ، والذي يُعتبر وصمة عار في جبين المُجتمع الدولي الذي لم يتحرك لمُعاقبة مُشرعيه ومُستخدميه الذي حُصدت به رقاب عشرات الآلاف من السوريين الأبرياء ، فهل سيستفيد هذا النظام من هذه الفُرص ليُعيد حساباته مع هذا الشعب المظلوم أم ينتظر مُحاكمته في القريب العاجل ، ويكون مشروع أمريكي كما سمعنا عن أعضاء في الكونغرس الأمريكي لإلقاء القبض على رأس النظام بشّار ومُلاحقته أينما كان ، نأمل ان يعي خطورة المرحلة القادمة التي ستأتي بالعاصفة بعد كُلّ هذا السكون.