التوثيق الحق

سليمان عبد الله حمد
ab_fatima2011@hotmail.com

سليمان عبد الله حمد

ab_fatima2011@hotmail.com

مع حلول الخامس والعشرين من شهر مايو سادت كل أجهزة الإعلام من صحف مطبوعة وصحافة الإلكترونية مئات المقالات كما ظل يحدث كل عام في نفس الموعد إلا أن الأغلبية العظمى من اللذين يتناولون هذه الفترة لا يتناولون أحداث كانوا طرفا فيها أو معاصرين لها أو لأي فترة منها حتى يوثقوا لهذه الفترة بصورة دقيقة خاصة إذا تناولوها بشفافية وتجرد وليس من رؤية الكثير من الروايات التي لا تمت للحقيقة بصلة وتقف خلفها دوافع ذاتية لمختلف الأسباب بين من يصنعها من الخيال متعمدا أو من يستند على مصدر لا يمثل مرجعية معاصرة للحدث وهذه واحدة من اكبر علل التوثيق في السودان لهذا تظل اغلب الوقائع متناقضة تغيب الحقائق وتشوبها ضبابية لحاجة في نفس يعقوب ولعل هذه دعوة لكل من عاصر أي مرحلة من مراحل مايو المتعددة شكلا وموضوعا أن يخرجوا عن صمتهم من اجل توثيق المرحلة توثيقا سليما فالتاريخ لا يرحم التزييف فالوقت ليس وقت محاسبة بقدر ما هو توثيق للتاريخ لهذا لو إن كل من عاصر أي حدث في أي من جزئياته أدلى بما عنده وعايشه بتجرد لبانت الحقيقة ولتم تصحيح الكثير من الروايات الخاطئة التي تسود الصحف وأجهزة الإعلام وأما من يتناولون الأحداث دون أن يكونوا معاصرين لها يدفعهم لذلك رؤيتهم الذاتية أو خدمة لأهداف معينة فإنهم بكل أسف يزيفون التاريخ بضبابية تغيب الحقيقة

والملاحظة الهامة حتى الآن إن الكثيرين من اللذين شاركوا في هذا الحدث أو عاصروا أي جزئية منه لم يصدر عنهم ما يوثق للحدث من أصحاب المعرفة به إلا القليل منهم وان جنح بعض هؤلاء لأسباب ذاتية حتى لا يكون الاهتمام بالأحداث التاريخية من منطلقات سياسية كل يرغب في أن يوثقها بما يخدم هدافه السياسية أو مصالحه الشخصية فانقلاب مايو 69 يختلف عن كل الانقلابات التي نجحت في الاستيلاء على السلطة لأنه شهد من المفارقات والتناقضات والتقلبات ما لم يشهده أي انقلاب كما إن صناع أحداثه أنفسهم عبر مسيرة 16 عاما كانوا أنفسهم يمثلون كل الجبهات السياسية في السودان مما يجعل من كل هذه العناصر والجبهات شهداء على مرحلة من النظام وهم الأولى بتوثيق حقائق كل مرحلة كانوا طرفا فيها.

شخصيا استطيع أن أقول إنني واحد من اللذين شاءت الصدف أن ارتبط بالفترة الأولى لهذا الانقلاب ارتباطا وثيقا وعن قرب بل وما سبقها من التحضير للانقلاب بصورة غير مباشرة لهذا ما سأورده هنا في هذه الحلقات يتعلق بهذه الفترة التي انتهت بعد سنتين من عمر النظام بانقلاب يوليو71 لهذا لست مرجعية لأن أتعرض لأي مرحلة بعد ذلك ومع ذلك فأنني لا املك أن أجزم بان ما أورده بمثل كل الحقيقة ولكنى أوثق لما عاصرته مع بعض أطراف النظام فان لم يتوافق مع الحقيقة فقد يرجع هذا لعدم صحة ما توفر لي من
المصادر التي كنت قريبا منها في أي حدث وهنا تأتي أهمية أن يخرج كل من عاصر الأحداث أو فترة منها أن يورد ما عنده بتجرد وأمانة حتى نستبين الحقائق بعد أن أصبحنا توثيق للتاريخ وعن نفسي أرحب بكل من يصحح المعلومة ترد في هذه الحلقات بكل رحابة صدر فلنكن جميعا طلاب حقيقة, عن نفسي أحب أن أنفى ما يردده كثيرون من إن علاقتي بمايو كانت بسبب علاقات شخصية أو عائلية مع بعض عناصر الانقلاب فعلاقتي بالانقلاب وقادتهم تخرج عن دائرة الحزب الشيوعي الذي كنت انتمى إليه وتحديدا جناح الشهيد عبدالخالق محجوب ومرجعيتي في هذا من الأحياء الطال الله عمرهم ومتعهم بالصحة والعافية الإخوة خليل الياس رئيس اتحاد الشباب في ذلك الوقت واحمد خليل احد أهم قيادات الحزب في مديرية الخرطوم والمحامى جلال السيد حيث لم تكن علاقتي بالانقلاب نابغة من علاقات عائلية أو صداقات شخصية وإنما كانت علاقة قائمة على الحزب ا لشيوعي وانتهت بنهاية هذه العلاقة واستشهاد قادة الحزب من الجناح الذي انتمى إليه وقتها وهذا ما لزم توضيحه وتأكيده بدءا قبل الدخول في هذه الحلقات وان كنت قد طرقت نفس الموضع في مؤلف خاص وفى مقالات في فترات كثيرة متباعدة.

وما لا يعلمه مروجو الشائعات فلقد جاءت مايو في 69 وأنا في الدرجة دى اس من عام 67(أي قبل الانقلاب) وغادرت مايو في مطلع 72 في نفس الدرجة دى اس حيث غادرت الخدمة دون معاش و لمن يغالط ذلك فملف خدمتي في ديوان شئون الموظفين وكونوا معي في مشوار مع أحداث أول عامين بكل شفافية وترحيب بكل من يملك أن يصحح معلومة أخطأت فيها.