مذكرات عاشق

أبو يسرى الحكيم

أبو يسرى الحكيم

و دخلْتُ من باب السلامِ

ملبياً

تسعى بيَ قدمايَ

تزدحمُ الخطا

تتسارعُ الأنفاسُ

تنهمرُ الدموعْ

و الكلُّ من حولي

يظنُّ بأنني

من هيبةِ اللقيا

تملّكني الخشوعْ

و أنا أصارعُ

في الهوى

نفسي

تمزقني

مشاعرُ عشقِها

و الذنبُ يقتلني

ولا أدري سبيلاً

للرجوعْ

قد جئتُ

أرجو توبةً

لكنني جهلاً

أزيد هوىً

تهيمُ الروحُ منّي

تحرق الأشواقُ

قلبيَ

و الضلوعْ

النَّاسُ فيهم ساجدٌ

منهم يطوّفُ ضارعاً

منهم أوى بالملتزمْ

أرواحهم نشوى

ترفرفُ حول

بيتِ اللهِ

و الأصوات تجأرُ

بالدعاءِ

و تنحني

الأعناقُ

خجلى

في خضوع

و أخو الجهالةِ فيهمُ

باكٍ بكاءَ الوالهين

لا دمعُه مثل الدموعِ

و لا تذوّقَ قلبُه

معنى الخشوعْ

أوّاهُ.. كيف أتوب

من تيهي

و عشّشَ فيّ حبُكِ

في الفؤادْ

مجرى الدماءِ

جرى

و أصبحتِ قريني

لا يفارقني

سواءٌ في

النهارِ

وفي الرقادْ

أ دمشقُ

انت الحبُّ

انت العشقُ

انت المبتدا

و المنتهى

أبداً يلازمني

خيالُكِ

حلَّ فيَّ

فلا يزايلني

و لو رمتُ الخلاصَ

بأشرف الأوقاتِ

في خير البلادْ

قد كنتُ قبلكِ

خالياً

ما كنت أعرفُ

ما الهيامُ

و لا يَميني

خطّتِ الشعرَ

بألوان الودادْ

وما

سوادُ الليل

كان بمؤنسي

وما

استعذبتُ

أنّات الحنين

و ما ترنمتُ

بآهاتِ السهادْ

هل تذكرينَ

إذِ التقينا مرةً

لمّا الى كهفي

أتيتُ

بموئلٍ

من قاسيونْ

آويتُ

ألتمس الهدى

أبغي الأمانَ

و أرتجي النورَ

و للروح السكونْ

فأتيتِني و ضممتِني

و همستِ في أذني

"أحبّكْ"

و نفثتِ في روعي

معاني الحبِّ

أفقتُ نشواناً

و صرتُ أحسُّ

طعم العيشِ

حلواً

أبصرُ الدنيا

بنور الحبِ

ألحظُ في خباياها

جمالاً

لم تلاحظْهُ عيون

ما كنتُ أدري

ما أحبكَ

أو رأت عينايَ

قبلك ما يُحَبّْ

سبحان من

من أحيا

بماء الحبِ

أمواتَ القلوبِ

و علم العشاقَ ما لم

قد يكونوا يعلمونْ

2

********

أيامُ عشقِكِ

يا دمشقُ

قضيتُها

كالحلم حُلواً

قد رجوتُ

له الدوامَ

الى الأبدْ

ما كنت أحسب

انَّ يوماً

قد يكدّرهُ أحدْ

حتى اذا

غاظ العذولَ

وئامُنا

يا بئسما

شرُّ الحسودِ

إذا حسدْ

ظن اللئيمُ

بأنه ِانْ

قام غدراً

مستبيحاً طهرها

مثل الذئاب

فقد غدا

حقاً

"أسد"

باتت

دمشقُ حبيسةً

تتجرعُ الأحزانَ

يضنيها النكدْ

و أحال عيشي

من حلاوته

الى ضنكٍ و كدّْ

ألفيتُني أحيا

ولا

أرجو البقاءَ

ليومِ غدْ

و مضت

سنونُ التيهِ

تترى

ما أجاريها

بإحصاءٍ

و عدّْ

يذوي شبابي

حسرةً

ينضى

فؤادي

و الجسدْ

و سرت حكايتُنا

بكل محلّةٍ

أضحت

حديثَ القومِ

كلهمُ

تناقلها النساءُ

كذا الولدْ

بلغت مسامعَ فتيةٍ

آوتهمُ

درعا البلدْ

أحيت بأنفسهم

بقيةَ نخوةٍ

من بعد ما

ألقُ الكرامةِ

قد خمدْ

رقّوا لحالكِ

يا دمشقُ

و عزمهم

لفكاك أسرك

اِنعقدْ

هبوا

و عزُّ العُرْبِ

في هاماتهم

كفروا

بأوثان الطغاة

و هللوا

قاموا

و خفقُ قلوبهمْ

"أحدٌ أحدْ"

صاحوا بصدق

يقينهم

" تبت يداك أبا الأسدْ"

" تبت يداك ابن الأسدْ"

" تبا لكم آل الأسدْ"

قسماً بمن

رفع السماء

بلا عمد

لا نبقَ

انْ بقيَ الأسدْ

و إذا بوقعِ نداهمُ

دوّى بأرجاء البلدْ

هجر الخنوعَ

القومُ

بعد اليومِ

لن يخشَوا

سوى الفردِ الصمدْ

أدمشقُ هيا

اخلعي

ثوبَ السوادِ

تزيني

يومُ اللقا

آتٍ

و أطيار الوصالِ

لها غردْ

طيبُ اللقا

دانٍ

تخلى

عن حدادك

و لتدفّقْ يا

برد

أدمشقُ

لا أقوى

على هجرٍ

سألت الله

الا ان تجودي

بالوصال

الى الأبد

ان عشتُ

فوق ثراك

هذي منيتي

أو كنتُ

تحت ثراك

اني قانعٌ

فالقرب منكِ

سعادةٌ

عيشٌ رغدْ