وداع..... و...... دموع

د. أحمد جعفر الشردوب

أزمعتَ يا شهر الصيام رحيلا

وتركتَ قلبي في هواك عليلا

عجلانَ سرتَ ومنكَ لم يروَ النُّهى

ما كان يمنعُ لو أقمتَ طويلا

لما نزلتَ بنا القلوبُ تهيّأت

للقاك ترقبُ من سماك هطولا

فبكَ ارتوت و تفتَّقت أزرارُها

وقطوفُها قد ذُلِّلت تذليلا

مهلاً عليها فالفراقُ منغِّصٌ

أخشى عليها إن رحلت ذبولا

رمضان شهر الصوم جلّابُ التُّقى

بك قد عرفنا الذكر والتنزيلا

لمّا به للأرض جئت هديّةً

حتى نُرتِّل آيَه ترتيلا

و إلى رُبا الجنّاتِ نرقى عالياً

نحظى بها ظِلّاً يدومُ ظليلا

رمضانُ يا ضيفاً تعجَّل راحلاً

هل زُهدنا قد سبّّب التَّعجيلا

أوما لقيتَ وقد حللتَ حفاوةً

و حماسُنا هل كان فيك قليلا

رمضان عذراً إن تقاصر هِمَّةً

من كان عنك بلهوه مشغولا

وأتيت تنفحه الهدايةَ والتُّقى

لكن لها ما اسطاع قطُّ وصولا

رمضان يا شهراً به انتصر الألى

لمّا أطاع المسلمون رسولا

أيّامَ فيها المجدُ كان رداءَنا

و بها سحبنا في العلاء ذيولا

وسماؤنا فيها الشّموسُ تألَّقت

والبدرُ لم يعرف سناه أُفولا

و ليوثُنا في كلِّ فجٍّ أقدمت

تزجي لتطهير البلاد خيولا

رمضان ما بال الليوث تقهقرت

و كميُّنا فينا بدا مهزولا

و عزيزُنا في البعد عن إسلامنا

أمسى مُهاناً في الورى و ذليلا

والشام تنزف والعراقُ من الأسى

تبكي و مصرُ استمرأ التضليلا

والحرُّ أمسى في  البلاد معذَّباً

و مطارداً و مهجّراً و قتيلا

و حِماه قد عصف الزمانُ برسمها

حتى له غدتِ الفلاةُ مقيلا

صارت يباباً بعد ساكنها الذي

عنها نأى فغدت حماه طلولا

وبإدلب الخضراء جرحٌ نازف

لشتاتنا في الأمرِ كان دليلا

زيتونُها بالدَّمِّ صار مخضَّباً

ما عاد يشعلُ زيتُه القنديلا

بوتينُ يرميها عصارةَ حقده

والدمُّ يجري في السهول سيولا

و الفارس العربيُّ فرَّ من الوغى

و كأن خطباً لا يراه مهولا

قد صام حتى عن مقالة عاجزٍ

تستنكر التدمير والتقتيلا

والعالمُ الحرُّ الكذوبُ منافقٌ

في كذبه قد أحسن التمثيلا

أغضى كأن الخطبَ ليس يهمُّه

و بسرِّه في النّارِ دسَّ فتيلا

رمضان فينا عد بثوبٍ سابغ

أسدل علينا الأمن فيه  سدولا

وانهض بنا فالوهنُ أوهى عزمنا

والذُّلُّ فينا قد أقام ثقيلا

يا يوم بدرٍ عُد و لُمَّ شتاتَنا

فلحربنا الطغيانُ دقَّ طبولا

يا هازم الأحزاب فاهزم جمعهم

نكِّل بهم يا ربَّنا تنكيلا

يا ربِّ و انصرنا وشتِّت شملهم

حتى عِزينَ نحيلَهم و فلولا

ر مضان إن عُدنا لسالف عهدنا

فلسوف نحمل نصرنا إكليلا

وهناك إن زرتَ الحمى فجميعنا

سنهبُّ نحوك نعلن التأهيلا

وسوم: العدد 827