وداع ٌ

عبد الله ضرَّاب

 

والنَّفسُ يجدبُها السّراب فتنطفي = فيها النَّباهةُ والمواعظُ تسطعُ

نرنو إلى الحظِّ الخسيسِ بلهفةٍ = نُلهي الفؤادَ عن الرّشاد وندفعُ

لا يعرفُ الإنسانُ أسرارَ الدُّنى = وقْعُ الكريهة في الهناءِ مُفَجِّعُ

بالأمسِ كنَّا في هناءٍ غامرٍ = واليوم حزنٌ فالمآقي تدمعُ

العيشُ يبدي الرّازيات إذا صفا = والقلبُ يهنأُ في الحياة ويفزعُ

لا تجزعنَّ إذا أصابكَ عارضٌ = ذو البيِّنات من الهدى لا يجزعُ

اصبرْ وصابرْ واتَّق الرّحمن في = زمَنِ المصيبة فالتَّصبُّرُ ينفعُ

إنِّي أبثُّ لظى الشُّعور مُودِّعا = نصفَ الحياة لبعض ما أتوقَّعُ

لهَفِي عليك فما ارْتويتِ من الهنا = حتّى أتاكِ أبو المصائبِ يَمنعُ

الموتُ حقٌّ لا يحيدُ ولا يَنِي = والعبدُ يرغبُ في الخلود ويطمعُ

لو لم تكوني للإله مطيعة ً= لذرفتُ شعرا للقلوب يُقطِّعُ

لكنَّ شأنكِ في الحياة إنابةٌ = وتَبتُّلٌ وتعفُّفٌ وتخشُّعُ

أملي كبيرٌ أن تنالي رفعةً = عند المُهيمنِ والمكارمُ ترفعُ

قد كنتِ في حِصْنِ العفافِ عزيزةً = والنَّاسُ في غاب المطامع تَخْنعُ

قد كنتِ حضنا دافئا في بيتنا= تأوي الجوانحَ بالحنانِ وتجمعُ

فالزّوجُ يَسعدُ بالعناية و الوفا = والطِّفلُ يحظى بالأمان ويرضعُ

والرَّيبُ ينأى عن جوانب أسرةٍ = مثل الجواهر بالطّهارة تَلمعُ

قد كنتِ في زمَنِ التَّهافُتِ أمّة ً= تحيا القناعةَ والرِّضا لا تهلَعُ

وصبرتِ في زمَنِ المواجعِ عندما = حلَّ الوَبَا ، والرّازياتُ تُزَعْزِعُ

عودي إلى ربِّ الوجود رَضيَّةً = ولتطمئنِّي فالفضائلُ تشفَعُ

إنِّي عفوتُ أذى الخصومة والجفا = النَّحلُ من حَذَرِ الإذايةِ يَلْسعُ

والعبدُ يُخطئُ والمزالقُ جمَّة ٌ= واللهُ يُدني التَّائبينَ ويَسمعُ

أبدا فلن أنسى خِصالَكِ في الورى = سيظلُّ طيفُكِ في فؤادي يرتَعُ

سأظلُّ أذكرُ ما بذلتِ من النَّدى = ودًّا وشوقاً بالمشاعر أُتْرَعُ

فالقلبُ يهوَى والمحاسنُ أبْهرتْ= والحرفُ يُرثي بالقوافي يُبدِعُ

الدَّهرُ يَرمي بالبلاء مُنبِّهاً = أهلَ التَّغافُلِ في الحياة ويَردَعُ

إنَّ المواجعَ مَغنمٌ لا تجزعي = العبدُ يرضى بالقضاءِ ويَخضَعُ

والله ُخالقُنا رحيمٌ بالورى = كلُّ الوجودِ لَهُ، إليه المرجعُ

فهُوَ الوَلِيُّ إذا تعبتِ من العَنَا = وهُوَ الوَلِيُّ إذا أتاكِ المَصْرَعُ

وسوم: العدد 946