أبكي المروءة

صالح محمّد جرّار

أبكي المروءة إذ ماتتْ معانيها

وودّعت من قلوب الناس حاديها

أبكي زماناً زهتْ فيه مروءتُه

فعطّر العَيْشَ منها طِيبُ ذاكيها

وكان ما كان من أخلاق صاحبها

فطاب منها الجنى إذ طاب ساقيها

فمن جَناها إخاءٌ لا يزعزعُه

هُوجُ الوساوسِ إن هبّت سوافيها

والعهدُ منشؤُه في قلب روضتِها

ترويه من غيثِها صفواً غواديها

فليس ينقُضُه مرُّ الزمانِ ولا

كَيد اللئيم فيبقى من مجاليها

وللصّداقة حبْلٌ ليس يقطعه

خُبثُ الوشاةِ، فصِدْقُ الودّ حاميها

وجيرةُ الناسِ أيِّ الناسِ في كنَفٍ

من الأمانِ، فعهدُ الـلهِ راعيها

وهمّةٌ تبذل المعروفَ عن مِقَةٍ

وليس يعلمُ غيرُ الـلـهِ خافيها

تجزي الإساءَة بالإحسانِ صابرةً

كذا المروءةُ في أعلى مراقيها

والعُرْفُ تجزيه أضعافاً مضاعفةً

بالعُرْفِ والشكرِ، فالإحسان يسبيها

لا مَيْنَ فيها ولا فحشٌ ولا سَفَهٌ

ولا خِداعٌ، وتقوى الـلهِ حاديها

ترعى الأمانة والميثاقَ جاهدةً

فلا تقـلـّبَ في أخلاقِ أهليها

******

تلك المروءة أرثيها وأندبها

فقد فقدْنا كثيراً من غواليها

فبالمروءةِ يحيا الناسُ في سَلَمٍ

وبالدناءَةِ آفاتٌ نقاسيها

فإن ظفرتَ بما يُحيي ضمائرهم

فقد ظفرتَ لدنيانا بآسيها

فكلُّ داء زماني فقْدُ همّتِهِ

وخير شافٍ نفوسَ النّاسِ باريها

فنجّنا ربّنا من كلِّ عاديةٍ

ومن شرور نفوسٍ نام قاضيها

*******

من ديواني ( هجير الأيام )

وسوم: العدد 984