أداري رؤىً للبشرياتِ من الغُـرِّ = أتانا محيَّاها بداجية العَصْرِ
فأصحو كأني قمتُ من وجعٍ طغى = على صدريَ المشحون بالشَّوقِ والصَّبرِ
ولستُ بشاكٍ لوعة النفسِ إنَّـهــا = على ثقةٍ بالفتحِ آتٍ وبالنَّصـرِ
أحـنُّ إلى أيامِ عـزِّ ورفعةٍ = لأمتنا في الأرضِ في سالفِ الـدَّهرِ
لهـا المجدُ والتاريخُ يشهدُ معلنا = مآثرهـا البيض الحِسان بلا فخـرِ
لها العــزُّ بالإسلامِ والخير والهدى = وبالبيضِ في الهيجا تردُّ أذى الشَّرِّ
أتوقُ وربِّي أن أرى نصرَ أمَّتي = على عبثِ الأهــواءِ والإثـمِ والـوِزرِ
ويفرحُ قلبي حين أُبصرُ تائبا = يؤوبُ إلى الرحمنِ في السِّرِّ والجهرِ
وتكسو محيَّاهُ الهدايةُ والتُّـقى = ويغمرُ أطراف الشفاهِ من الذكرِ
وينأى عن الترفيه في بيئة غَـوتْ = ويحيا حياةَ البِــرِّ في بيئة الطهرِ
ويحفظُ وجه العُمرِ من عبثِ العمى = ليبصر بالتقوى مبادرة البِشرِ
ويهفو إلى ظلِّ المساجدِ يرتوي = من الشَّهدِ للروحِ المصونةِ والفكـرِ
فلا يعتري ما عاشَ خطوَ وفائه = ثبورٌ ولا يزريه ذو النظرِ الشَّزرِ
لقد آنَ أنْ تحيا الحياةَ كريمةً = فأُمَّتُنـا أهلٌ لأيامهــا الغُــرِّ
فلم يندثر دينُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ = فهذي شعوبُ المسلمين على إثــرِ
إذا نُـوِّمُـوا حينا فقد هبَّ شأنُهم = فـأرعبَ في الدنيا جلاوزةَ العصرِ
ولـم يركنوا يوما لطاغيةٍ غـوى = وإن صبروا يومض استبدَّ بذا القهرِ
وإنَّـا وجدناهـا حكاية نخــوةٍ = ولكن لـدين الله لا لــلهـوى المزري
عفتْ أمــمٌ وانهدَّ ديوانُ بغيها = وأمَّتنا رغم النوائبِ في سيرِ
إلى الفتحِ في ميدانِ معركةٍ عوت = ذئابٌ بهـا والحشدُ ذو الكفرِ والمكرِ
ألا إنَّهـا الغــــرَّاءُ شرعة أحمد = طـوت هجماتِ الرومِ والفرسِ في الـدَّهرِ
فكم هاجموهـا عنوةً وعدوا على = دماءِ شيوخٍ أو نساءٍ بــلا حصرِ
وهبَّ بنوهـا للجهادِ فمزَّقُـوا = أساطيرَ أملتْها الحروبُ يَــدُ الكِبــرِ
ورفَّ لــواءٌ للعقيدةِ وانجلتْ = معانيَ نصرٍ مثلما كان في بــدْرِ
لقد أيَّــدَ الرحمنُ بالنَّصرِ جندَه = فليس لحشدِ الكفرِ والبغيِ من سِتْرِ
يثيرُ حنايانا هبوبُ رياحه = ونفحــةُ جنَّاتِ الخلودِ على الصَّـدرِ
أشاوسُ ديــنٍ مـا رجوا غيرَ ربِّهم = وما ركنوا للظلمِ خوفا من النُّذْرِ
وفي الـدَّهرِ بالإسلامِ سدنا بنى الورى = وبالرحمةِ المهـداةِ والعدلِ والبِــرِّ
وأمَّتُـنا فيمــا مضى هـلَّ خيرُهـا = سحائبَ أحيتْ ما تصحَّـرَ في القفرِ
فمـا بالها اسودَّتْ صحائفُ حقبةٍ = بعصرِ مُـرَبِّـي الكلبِ في البيت والهـــرِّ !
وسامَ بنيهـا كلُّ غِــرٍّ وتافهٍ = وعبدِ هـوى الإسفافِ بالنفسِ والفكرِ
هنا بيتُ نارِ الهمِ والشَّجوِ والأسى = ألا وهنا هذا النفيرُ مع البِشْرِ
فياربِّ هَـيِّئْ صحوةً لايردها = أثيمٌ زنيمٌ أو خـؤونٌ أخـو مكرِ