أمس انزويتُ ولي في أضلعي ضرمُ=وبي من الشجوِ والأحزانِ ملتَطَمُ
ومقلتايَ وفي مجراهما انحدرت=حرَّى دموعُهما ، عرَّاهما الألمُ
ستون عاما وإيماني يواكبُها=بالعزمِ مرَّتْ ، وبالرحمن تعتصمُ
ولم يزلْ في قوافيها السَّنا ألقًا=يُنيرُ لي وِجهتي ، والكربُ محتدمُ
وما انثنى خطوُ إقدامي بمعتقدي=ولا تراختْ على دربِ الهدى قدمُ
وقيل : مالك ياهذا ! أهل غلبتْ=ريحُ الكآبةِ مَنْ في الخطبِ يبتسمُ ؟
أأنتَ ترثي ! وفي الجبَّانةِ انتشرتْ=شواهدُ الحقِّ تسقي أهلَها الديمُ !
أم دوَّختك طواحينُ الأسى وعدا=على فؤادِك صرفٌ ليس ينصرمُ !
القدسُ آهٍ وفي الشاشانِ ملحمةٌ=وجرحنا في البرايا كيف يلتئمُ ؟
وقلتُ ويحك دعْها غيرَ مطفأةٍ=فالنارُ ما برحتْ للخيرِ تلتهمُ
دعها فإنَّ هدى الباري بعالمِنا=لمَّا يزلْ بطغاةِ الأرضِ يصطدمُ
جلوْتُ للشهداءِ الصِّيدِ ملحمةً=فذابَ قرطاسُها ، واستسلمَ القلمُ
وفي غياهبِ سجنِ البغيِ أسمعُ ما=يشيبُ من هوله المسجورِ محتلمُ
عداوةُ الشرِّ للإسلامِ قائمةٌ=وللهداةِ من الأشرارِ شرُّهُمُ
مَنْ قالَ إنَّ جذورَ السلمِ ثابتةٌ=فكاذبٌ قولُه أو ماكرٌ قرِمُ
يحبُّ ذبحَ الذي يرجو سلامتَه=وليس تمنعُه من ظلمه شيمُ
( والعالميةُ ) مهما رقَّ ملمسُها=ففي نيوبِ بنيها السُّمُ و الوصمُ
أخالها بمُدى الأحقادِ مطبقةً =ومِن عساكرِها الأوغادُ لم يجموا
* * *=* * *
أبكي أُخيَّ وما في مهجتي وجَلٌ=ولستُ أخشى فبالرحمنِ أعتصمُ
لكنَّها الرحمةُ استعذبتُ نشوتَها=على الأحبةِ ما خانتْنيَ الذِّممُ
قضاءُ ربِّكَ واطمئنانُ أنفسِنا=هناءةٌ دون فتحٍ لاحَ أو نعمُ
وقد سعينا ولم يعرُ القلوبَ ونىً =في عصرِنا الوعرِ الأعمى ولا سأمُ
ستون يزهو بها التوحيدُ مؤتلقًا=وبالرجا عتماتُ الخطبِ تنحسمُ
والفتحُ بين جناحَيْ أدمعٍ و دمٍ=لو لم يلحْ لتلاشتْ أدمعٌ و دمُ
لايخرجُ النورُ إلا من دجى ألمٍ=فاسألْ تجبْكَ وإن طالتْ بنا الظُّلمُ
والباذلون بسوقِ الخزيِ عثرتَهم=باؤوا بخزيٍ وفي أحنائهم سقمُ
سيشرقُ الغدُ وضَّاءً بدعوتنا=وصبحُه العزُّ بالإسلامِ والقيمُ
لا يدركُ النَّصرَ إلا مؤمنٌ وثبتْ=خطاهُ خلفَ الذي في كفِّه العلمُ