إخبات وتبتل

هائل سعيد الصرمي

هائل سعيد الصرمي

[email protected]

رمَضَانُ أهْدَى للقلوبِ سُرُورَا

وأفاضَ أنساً في الوجُودِ ونُورَا

رمضَانُ والنفحاتُ تَسْكُبُ للورى

نوراًً وتنثر سنبلاً وزهورا

رمضانُ والرحمات تسري في الدنا

ليسيلَ دمعُ التائبين غَـزِيرَا

وخلوفُ أفواه الصيام تضوعت

مسكا يفيض وعنبراً وبخورا

يا لوحة قبل الغروب تهزني

وجداً وتملأ مهجتي تكبيرا

وإذا دعا للفطر صوتُ مؤذنٍ

هبَّ الفؤادُ ملبيا مسرورا

والناس تَسْتَبقُ الخُطى أشواقـُهم

نحو الصلاةِ حمائماً وطيورا

للهِ ما أحلى التراويح التي

تمحو عن القلب الكليلِ سُدورَا

وترى قلوب المخبتين تضرعت

عند القيام تأوهاً وزفيرأ

وترى نفوسُ الصائمين تَبتلتْ

تتلو الكتاب أصائلاً وبكورا

فدوي أصوات التلاوة عاطرٌ

يسري بأوردةِ الحياةِ دهورا

لحظات شهر الصوم تسري ثرةً

جذلى وإن أضحى الزمان كسيرا

رمضانُ أحيا في حَنَايَا أمَّتي

صِوَرَ الوِدَادِ تَباذلاًً وشُعُورَا

رمضانُ فـَجَّرَ من سَخَاوَتِهِ النَّدى

فـَغدَا النَّدى بينَ الأنَامِ سَفِيرَا

وتَهَجَّدَ الإحسانُ بَيْنَ ضُلوعِهمْ

ويَدُ السَّخاءِ تُبدِّدُ التـَّقـْـــتِيـــرا

رمضَانُ أحيا في العقول تَفَكراً

فالكونُ أضْحَى مُصْحَفاً مَسْطـُورَا

اللهُ زَادَا أُولِي العُقولِ بصيرةً

ليُسَبِّحـــــوا ويُكبِّــرُوا تَكبيــرا

مِنْ قَـلَّـبَ الأبْصَارَ في آياتِهِ

سيَرَى جَمَالَ جَلالِهِ المَسْتُورَا

فَمَنِ الَّذي يَهْدِي لِنُورِ ضِيائه

قوماً ويَجْعَلُ مَن يَشَاءُ كَفُورَا

ومَن الذي جَعَل الأُجاجَ بحولِهِ

عَذْباً وحِجْراً بينهُ مَحْجُورَا

ومَن الّذي فَـلَـقَ الصباحَ مِن الدُّجَى

فغدا جمال ضيائهِ مَنـْشُورَا

ومن الذي من بينِ فَرثٍ أوْدَمٍ

صَفـَّى وقدَّرَ سائغاً مَقْدورَا

ومن الذي أعطى الورودَ أريجها

وغَذَا الزُّهورَ روائحاً وعُطُورَا

ومن الذي جعل الشَّذَا عَبقَ النَّدى

حُلواً وأخرجَ مِن جَنَاهُ عبيرا

ومن الذي أروى النَّباتَ فأينَعَتْ

ثمراً وكانت قبل ذاكَ بُذُورَا

من زان ألوانَ الثَّمارِ وحُـلـوهاَ

وكسا اللُّباب روائعاً وقُشُورَا

ومن الذي مَهَد الفِجَاجَ فأنبَتَتْ

عِنَباً وقَضْباً سُنبلا وسُدورَا

مَن سيَّر الأفلاكَ تجري شُرَّعاً

والموجُ أضحى مَرْمَراً وجسورَا

من سخَّر الأفلاكَ تحمِلُ أمَّةً

تَغْدو عليهِ عَشِيَّة ً وبُكُورَا

من أضرمَ الشَّمسَ التي تهدي الضيا

وأنارَ مِن ذاك َ الأُوارِ بُدُورَا

منْ يُمسِكُ الأطيارَ في جَوِّ السَّمَا

مَن يَجْعل المطرَ الـغَـزيرَ بُـحُـورَا

أوحى إلى النَّحلِ الجبالَ لـتَـتَّـخِـذْ

بَيتًا وتـنـشـئ بالعُروشِ قُصورَا

من شقَّ عينَ الكائناتِ فأبصرتْ

روضَ الوجودِ جداولاً وزُهورَا

من شق أسمِاع البرية كلّها

فغدتْ لأصواتِ الحياةِ خُدورَا

اللَّهُ أبدعَ كُلّ شيء فـَـا نـْـبَـرتْ

آياتـــــه للمؤمنين سطورا

سبحانَ من يَهديِ العُقولَ لكي ترى

بالقلبِ نُورَ جمالِه المفطورا

رمضان ترتيلٌ وذكرٌ للذي

خَلقَ الوجودَ وقَدَّرَ المَقدُورَا