مرحبا بالوفاء

د. حيدر الغدير

د. حيدر الغدير

هذه القصيدة تحية وتقدير وإجلال للمعاني الجميلة النبيلة التي تدعو إلى تكريم العلم والأدب والفضل، وإعلاء قيمة النبوغ والتفوق والذكاء، والإشادة بأخلاق الجد والكفاح والعصامية، كما أنها تحية لأجمل ما في الإنسان وهو يكرم أخاه الإنسان.

سيِّدَ الحفل زَفَّه كالثريّا

وجلاه للناس طلق المحيّا

تتلقاهم سماحاً موشّى

طيب الأصغرين براً حفيا

أنت أكرمت غاليات المعاني

حين أكرمت ضيفك الهاشميا

إنما يكرم الكريم كريم

والأبي الجواد يهوى الأبيا

والسري النبيل يعلو ويزكو

حينما يكرم النبيل السريا

سيد أنت والضيوف كرام

سادة زينوا اللقاء البهيا

هم ضيوفٌ وهم لآلٍ غوالٍ

أريحيون عانقوا أريحيا

أنت مقصودهم هششت فلاقوا

منك وجهاً مثل السحاب نديا

إذ تساقيهم المروءة كأساً

عربياً معطراً حاتميا

وتحيي في حب صَبٍّ صفي

وهو يلقى بعد التنائي صفيا

يملك المالُ خازنيه فيحيا

كل فرد منهم فقيراً غنيا

فكن الباذل الذي ليس يرضى

أن يعيش الحياة إلا سخيا

***

أنا أدركت في رحابك حلماً

طالما شاقني وكان عصيا

يوم شيدت للنبوغ مناراً

صار في الناس وردهم مأتيا

مرحباً بالوفاء أعليت منه

فتهادى بين الصحاب وضيا

شربوه كزمزم طاب ورداً

وسرى في اللهاة عذباً مريا

وأنا العاشق الوداد المصفى

والوفي الذي يحب الوفيا

***

محفل ضم أذكياء كراماً

زاحم النجم فضلهم والثريا

ضحك البشر في الوجوه فقالوا

مرحباً مرحباً فقام فحيا

نادموه فازدان علماً وفضلاً

وسقوه فازدان عقلاً ذكيا

ألمعيون طالما حادثوه

فمشى بينهم فتىً ألمعيا

أحسنوا فيه يوم أحسن فيهم

وكساهم كما كسوه حليا

وجلوه كما تهادت عروس

قد حباها الجمال كِبراً وغيا

فإذا الحفل وهو سعد ووعد

يملأ الرحب والفضاء دويا

***

امرؤ القيس هاهنا ولبيد

وحبيب يقول شعراً عصيا

وجرير ومسلم وزياد

وخناس تبكي أخاها مليا

والمعري إزاءه المتنبي

ناقم نادم الرهين الشجيا

والأميري يوم كرم فيه

فتغنى فهاج ليلى وريا

تتبارى الفحول في ساحتيه

ويساقي شوقيه البحتريا

قد أقاموه للقوافي عكاظاً

وأصاروه كوكباً دريا

وتداعوا إليه من كل حدب

وحبوه من كل أفق عليا

فمشى الشعر والجلال عليه

طيلسان يختال فيه فتيا

وخيالاته مسارح شتى

حضري يعانق البدويا

في بساط من الفنون بديع

أعجب الناس حسنه عبقريا

أأراني أنال فيه مكاناً

فتنال الشموس عزاً يديا

***

نجد فيه وألف مرحى لنجد

ولد الشعر في ثراه سويا

والحجاز العزيز وهو زكي

عاش مذ عاش هادياً مهديا

والشآم الذي تفرد حسناً

والفرات الذي جرى كوثريا

والعراق الذي حبانا طويلاً

من غواليه شعره المسكيا

وبنو النيل طاب نهراً وطابوا

أنفساً حرةً وعقلاً ذكيا

***

يا علي وأنت ذوب خصال

كالطيوب الحسان هبت عليا

أنت ورد وشيمة الورد يحذو

من يدانيه نفحه الورديا

وأنيق كما تود الغواني

تستبيهن بكرةً وعشيا

ونقي يداً وقلباً وعقلاً

صاغك الله كالرحيق نقيا

طبت نفساً ومحتداً وفعالاً

وعفافاً وطبت قولاً طليا

وعشقت العلا وكنت فتاها

والعصامي والدؤوب الرضيا

إنما المجد سيد ليس يرضى

من كرام الرجال إلا الكميا

كُنْه يلقاك صاحباً وحفياً

وتلاقيه صاحباً وحفيا

أنتما توأمان كلٌّ حريٌّ

أن يؤاخي بالغاليات حريا

***

العليون رادة يا علي

فكن الرائد المجلي العليا

عشت للضاد حصن عونٍ وصونٍ

حيث تدعى وصارماً سمهريا

تنفق العمر في الغوالي وتحيا

عربي النجار حراً أبيا

مسلماً والحياة حلو ومر

باسماً والخطوب تدوي دويا

ثابتاً والرياح هبت رخاء

أو تمادى الإعصار فيها عتيا

وتقياً كما نشأت وسيماً

بورك الحسن في الرجال تقيا

وأديباً في بردتيه اللآلي

والمعالي مظفراً هاشميا