النعجةُ العميلةْ

عبد الرحمن هارون

عبد الرحمن هارون

[email protected]

تواطأَ الصُقورُ ذاتَ يومٍ

وأجمعوا أن يقصِفوا المدينةْ!

جاءَ الكلبُ هزَّ ذيلَهُ توسُلاً

أن يُشرِكوهُ .. مُبدِياً تعاوناً وغِيرةْ

أشرَكَ الصُقورُ حفنةً من الحُثالةْ

لضربِ الطبلِ والغناءِِِ في المسيرةْ

حاول الأُسودُ والنُمورُ منعَ الغدرِ

استنكروا .. تأفَّفوا من أكلِ جِيفةْ

في المشهَدِ الخلفي تجمَّعت نِعاجٌ

تجمهَرتْ .. تسمَّرتْ تسمُّرَ الذَبيحةْ!

قالت النعاجُ في حياءٍ كاملٍ

تريَّثوا لا تقصِفوا أرضَ جارِنا اللصيقةْ

تلفَّتَ الصقرُ الكبيرُ نحوها مُهدِّداً

قال يا معشرَ الرِعاعِْ لا تغفَلوا الحقيقةْ

الدنيا كلُّها تحالفتْ .. تضامنتْ

شمَّرتْ عن ساعِدٍ كي تُخضِعَ المدينةْ

اليومَ أو غداً الذئبُ لا مُحالَةْ قادِمٌ

وان لم تحسِموا أمورَكم تُصبِِِحوا فريسةْ

الذئبُ جارُكم على الهجومِ عازمٌ

ولا خلاصَ من أنيابِهِ الرهيبةْ

إلا بالتحالفِ الوثيقِ بيننا

فلنتفقْ جميعُنا ونكتب الوثيقةْ

بأن نصفَ فيئِكُمْ للعُدَّةْ والعِتادِ

ونصفَه لحشدِ الجُندِ فحربُنا وشيكةْ!

إرتابت النعاجُ .. حاورتْ بصوتٍ خافتٍ

طالبتْ بأن يُعادُ وضْعُ الصِيغةْ

لكنَّ نعجةَ الجِوارِ عدَّدَتْ فضائلَ المشروعْ

فأقنعتْ بقيَّةَ النِعاجْ بحُجَّةٍ قويَّةْ

في الختامِ وقَّعَ الجميعُ بإنـتِـشاءٍ كاملٍ

فجاءت الصقورُ والكلابُ والبقيَّةْ

حلَّقَ الصقورُ عالياً .. أسقَطوا القذائفْ

فدمَّروا القصورَ و الحضارةَ القديمةْ

تساقطَ الصِغارُ والإناثُ جُملةً

فحمَّل الصُقورَُ الذئبَ مُطلقَ الجريمةْ!

وكُلما تقدَّم الصُقورُ للأمامِ خُطوةً

جاءَ الكلابُ خلفَهم ليحرسوا الغنيمةْ

فنكَّلَ اللِئامُ بالعُزَّلِ الجِياعِ

وذاكَ طبعُ الكلبْ من أوَّل الخَليقةْ!

لم تخنع المدينةْ قاومت بشِّدَةْ

استبسلت .. قاتلتْ بمُنتهى العزيمةْ

لكنَّ قبضةَ الصُقورِ والكلابِ لم تلِنْ

فآثَرتْ أن تقبلَ الهزيمةْ

هل مات الذئبُ؟ .. فرَّ الذئبُ؟ ..لا يَهُمْ

ما دامَ قد سقطْ وبانت الحقيقةْ

توجَّهَ الصقرُ الكبيرُ للنِعاجِ قائلاً:

اهنأوا .. لا خوفَ بعدَ اليومِ أو ضَغِينةْ

إتفاقُنا القديمُ لا يزالُ سارياً

فقط نُضيفُ مُلحَقاً للصِيغةِ الاصلية!!

بأن كُلَّ فيئِكُمْ لنا لدفعِ الدِيَّةْ

دِيَّة الأبطالِ من جنودِنا راحوا ضحيةْ!

وكُلُّ أرضِكم .. قصورِكم لنا هديَّةْ

بعدما تنفَّسَ الجميعُ .. تذوَّقوا الحُريَّةْ!

ولْولَتْ نِعاجْ وفى الخَفاءِ عارضتْ نِعاجْ

لكنَّها تذكَّرتْ سطوةَ الصُقورِ والبقيةْ

فهرولتْ مذعورةً تُوقِّعْ للوثيقةْ مُلحقاً

فالوضعُ يقتضي (تعقُلاً وحِيطةْ)

النِعاجُ أيقنتْ أنَّها تُساقُ عُنوةً

كما تسوقُ الكَبْشَ من أبنائها لحتفِهِ عَشيَّةْ

ولا مَفرَّ من مصيرِها المرسومْ

بعدما تفرَّقتْ قبائلُ النِعاجِ في البَرِّيةْ

في الطريقِ ألفَتْ نعجةَ الجِوارِ عائدةْ

قالت في إنشراحٍ ظاهرٍ ونبرةٍ خبيثةْ

عودوا أدراجَكُمْ لا تُهدِروا أوقاتِكُمْ

قد وقَّعَ الصقرُ الكبيرُ مُلحقَ الوثيقةْ!

عنـَّا وعن قبائلِ النِعاجِ كافةً

بعد استشارتي في جوهرِ القضيةْ!

توقَّفَ الجميعُ .. طأطئوا الرؤوسَ حسرةً

وحدُها تبسَّمتْ .. النعجةُ العميلةْ!