تحيّة الشعر

سليمان المشّيني

تحيّة الشعر

في عيد الاستقلال الخالد

سليمان المشّيني

عيدٌ أهَلَّ بِرَوْعَةٍ وَجَلالِ

أهْلاً بِمَطْلَعِ عيدِ الاستقلالِ

أعْظِمْ بِهِ عيداً مَجيْداً خالِداً

أحْيا بِشَعْبي أرْوَعَ الآمالِ

فَرِحَتْ بِمَقْدِمِهِ القُلوبُ وَهَلَّلَتْ

لِشُروقِهِ كَتَهَلُّلِ الأطفالِ

وافْتَرَّ ثَغْرُ الخُلْدِ عندَ مَجيئِهِ

فَعُلاهُ شَيَّدَهُ دَمُ الأبْطالِ

قدْ جاءَ في أيّارَ رَفْرافَ السَّنا

شَهْرِ الزّهورِ العاطِرِ الإقْبالِ

حيْثُ الطّيورُ الشّادِياتُ بِصَوْتِها

أحْلَى الغِناءِ وَرائِع الموّالِ

فَكَأنَّ أيّاراً يُشارِكُ شَعْبَنا

في عيدِهِ المُتألِّقِ المُتلالي

يا يومَ الإستقلالِ قدْ ذَكَّرْتَنا

كَمْ قدْ بَذَلْنا مِنْ دَمٍ وَرِجالِ

كَمْ فارِسٍ ضَحّى بِفَيْضِ نَجيعِهِ

لِيَظَلَّ بَيْرَقُنا عزيزاً عالي

ما هانَ شعبُكِ يا بلادي مرّةً

في وَقْعَةٍ ومعاركٍ ونزالِ

فَلأنْتِ حِصْنُ الأمّةِ السّامي الذُّرى

يا ساحَ عِزٍّ شامِخٍ ونِضالِ

أردُنُّنا ماضٍ مجيدٌ ساطعٌ

وأصالَةٌ قُرِنَتْ بِطِيْبِ فَعَالِ

قدْ عاصَرَ التّاريخَ مُذْ كانَ المَدى

بِحَضارَةٍ ومعارِفٍ وكَمالِ

جَرَشٌ تُحَدِّثُ عنْ رُقِيِّ بلادِنا

مِنْ غابِرِ الأزْمانِ والأجْيالِ

ومعالِمُ البتراءِ تَرْوي أنّنا

شِدْنا المدائِنَ مِنْ صُخورِ جِبالِ

وَطَني مَنارُ الهَدْيِ والدُّنْيا دُجَى

وَرُبوعُهُ قُدُسِيَّةُ الأظْلالِ

قَدْ عاشَ فيهِ الأنْبِياءُ حياتَهُمْ

وَنَهارَهُمْ قَضَّوْا بِهِ ولَيالي

وقبورُ أصْحابِ الرَّسولِ مَنائِرٌ

مِنْ أجلِ نَشْرِ هُدَىً وَسَحْقِ ضَلالِ

والنّورُ شَعَّ مِنَ الفَضا مُتَلألِئاً

مُتَدَفِّقاً كَتَدَفُّقِ الشّلالِ

لمّا المسيحُ أتى لِشاطِىء نَهْرِنا

حتّى يُعَمَّدَ مِنْ سِنينَ خَوالي

أرْدُنُّ يا غابَ الليوثِ وَمَهْدَها

يا حِصْنَ كلِّ مُجاهِدٍ رِئْبالِ

يا أرْبُعاً غَنّيْتُ فيها ملاحِمي

يا موطِنَ التّاريخِ والأقْيالِ

لَمْ يَبْقَ شِبْرٌ فيكَ إلا صُغْتُ في

آثارِهِ العُظْمَى بديعَ خيالي

ستظلُّ مرفوعَ الجبينِ مُمَجَّداً

فوقَ الجميعِ وشامِخاً مُتَعالي

مَرْبَى أُباةِ الضَّيْمِ والبُسَلاءِ ما

هانَتْ يَميْنُكَ في وَغىً وَنِضالِ

ما كُنْتَ إلا السّيفَ دوماً مِصْلَتاً

فوق الرِّقابِ وقاهِرَ الأنْذالِ

بيتٌ حرامٌ سامِقٌ مِنْ أجْلِهِ

نَتَقَحَّمُ الأهْوالَ لَسْنا نُبالي

كَمْ مَرَّةٍ جاءَ العدوُّ لِغَزْوِهِ

فارْتَدَّ في خِزْيٍ وفي إذْلالِ

سيظلُّ حُرّاً مُسْتَقِلاً سيِّداً

ما صافحَ الإشْراقُ خُضْرَ تِلالِ

أرْدُنُّ صَرْحُ الثّورةِ الكُبرى التي

قامَتْ لِسَحْقِ الظُّلْمِ والأغْلالِ

بِقِيادَةِ البَطل الحسينِ أبي علي

لِيُعيدَ سُؤْدُدَنا قُبَيْلَ زَوالِ

فأعادَ للعَرْباءِ مجداً غارِباً

بِكِفاحِهِ مع نُخْبَةِ الأنْجالِ

واليومَ يرفعُ رايَها في عَزْمَةٍ

قُرَشِيَّةِ الأعْمامِ والأخْوالِ

هُوَ صاحِبُ الإقْدامِ عبدُ اللهِ مَنْ

نَفْديهِ بالأرْواحِ والأمْوالِ

مَلِكٌ يسيرُ المجدُ تَحْتَ لِوائِهِ

والباري مَيَّزَهُ بِحُسْنِ خِصالِ

مَنْ مِثْلُهُ في نُبْلِهِ ومَضائِهِ

مَلِكٌ جريءٌ مُلْهَمٌ ومِثالي

يقضي الليالي ساهِراً وَمُسَهَّداً

مِنْ أجْلِ سؤْدُدِنا وحُسْنِ مَآلِ

أكْرِمْ بِعَبْدِ اللهِ سِبْطِ المُصْطَفى

أنْعِمْ بِهِ مِنْ عاهِلٍ مِفْضالِ

أبداً يُكَرِّسُ جُهْدَهُ وجهادَهُ

سَعْياً إلى العَلْياءِ دونَ كِلالِ

سَيُعيدُ مَجْدَ الضّادِ في وَثَباتِهِ

عَزْمُ الشّبابِ يُذِلُّ كُلَّ مُحالِ