بيني وبينك... ألف سور

قدري شوقت محمد الراعي

بيني وبينك... ألف سور

قدري شوقت محمد الراعي

[email protected]

بيني وبينك ألف سور.. يا حبيبة

فدعيني أودع جرحي القديم ..

وأخلع ثوب الحياة الكئيبة

عمري هباءً قد تشتت في هواك..وإنني

من بعد هذا اليوم ..

كفار بالمحبة والحبيبة

إني سأرحل يا ربة العشق المخادع..غير أنني

لست خداعاً ..كدمعتك القريبة

ولقد سُقيت المر من زمني

لكن رسمك سوف أودعه الحقيبة

لا تحسبيني جاحداً أو ناقماً..

إن الغرام قضيتي..

منذ الطفولة والشبيبة

لا تسأليني : ما الدليل علي المحبة يا مهاجر جنتي؟

بجوانحي وشم قديم تعرفينه ياحبيبة

أو تمكثين تشاهدين تمزقي..

بمخالب الزمن العسير

وتسألين جريئة:أين الحساب أو الضريبة؟!

عجباً لجرأتك المعيبة..!

أو تنفقين الليل ترتشفين من كأس المجون

مع الصحاب العابثين..؟

وتوزعين أوسمةً علي الرهط المقامر حول موتي

أزماناً رهيبة..؟!

وإذا الصباح يلوح للوجه الحزين

تكشرين لدعوتي..

وتنكرين تحيتي..

وتدعين بأنني قلب يراوغ للتملق والتسلق

ليس يحمل غير أحلام مريبة..

تباً لقسمتك الغريبة..!!

*** * *            *** * *                    **

قد كنت في الزمن البعيد أُعبئ الأحلام أخيلةً

بالحب مزدانة....

وأقول بأنني "حسنٌ" و "ستَ الحسن" ملهمتي

شعــــراً ....وتبيانا

وأن المهر في عنقي ..يمين الله لن أرضي

بغير الروح ...تضحية وقربانا

وأقول بأنني "ناي" سيصدح في الدنا يروي

لسمع الناس ألحانا

وأن العمر إن يمضي ..سيبقي الحب في قلبي

نهيراتٍ..شجيراتٍ..وبستانا

وأقول بأنني "سيف" سيحمي جارة الشمس

من الأعداء إن يثبوا..

علي الشطآن ..حياتٍ ..وذؤبانا

ماذا أقول لك يا ماسة الشرق

قد كنت في الزمن البعيد أدون الأشعار في قلبي ..وأنثرها

علي السمار ..أحجية مقفاة ..وأوزانا

وترسو فوق شطآن عينيك ..مواكبنا

مراكبنا ..

وأحلام تعانقنا...

ونلهج باسمك الغالي شدواً ..وألحانا

وأذكر أنني يوماً رسمتك من خيالاتي

عروسَ البحر مشرقةً علي فُلك ..وقرصانا

فتضاحك الأولاد....قد زعموا

لا ضير قد تحملْ

هذي الجبالُ الراسيات أياماً..فتتحفنا

من خيبة الآمال...فئرانا

فقلت : يا اخوانُ لا ضيرَ

هذي عروسُ البحر مشرقةٌ

هل تعرفون بهذا الحسن قبل اليوم إنسانا..؟

وهذا الحسن يا سمار إن تدروا

لاشك قد يغري..

بشط النيل قرصانا..!

ألم يرووا لكم بأن الحسن مرصود , ومرتقب؟

وأن الذئب في الأدغال منتظر

قد كان منذ البدء مكاراً وخوانا..

وحين دخلت والأصحابُ مدرستي

وعُلمت بفضل الله أشعاراً ..وأحكاما

وأعلاماً ..وأخباراً..وأوطانا

وما قد تُيسِر لي علي مهلِ

من التنزيل..آياتٍ , وقرآنا

جعلتك يا أنشودة الوادي

معلمةً..وملهمةً..وعنوانا

ملاكَ القلب يهديني..ويرشدني

ويأزرني...ويعذرني

إن جال الشك في الأفكار أحيانا

وقالت أمي : يا ولداه لا تعجلْ

إني وربِ الكون أنذرك

لهذا الحب خداماً ..وقربانا

وقال أبي: سيكبر قلبك العاشق

ويملأ صفحة الوادي..

نسيمُ الحب أفدانا

وستعرف يوم أن تكبر

بأن كنانة الله ...

فيض من الغيب

شمس تجود علي الزمان تحضراً ..وأمانا

وقال شيخ ..بليغ القول , أستاذ:

يازهرة الجيل الصغير تعلموا

عشق الكنانة مذهباً..وإيمانا

*** * *                  *** * ***

وحين كبرتُ يا وجعي..

وجدتُ الصورة الحلوة

بأحلامٍ قديماتٍ..

تعانق بين عينيك..

سراباتٍ ..وأوهاماً..وهذيانا

وجدتُ الحب في عينيك لا معني

كذباً تُحبيني....وبهتانا

رأيت الذئب مختالاً يدنس كل أشيائي

حقيراً بين قدميك..

سميراً فوق نهديك..

يعربد ...تارة يغفو

وجل اليوم يخدعك..

 منتشياً ويقظانا

وهذا الذئب –إن تدري- أيا حلوة

يقامر فوق أعراشك

ويسرق زهو أيامك

ويقتلني..ويقتلك

ويشعل في الأجواء نيرانا

يبيع الحب أوهاماً ويشريك بلا ثمنٍ

في نخب خدعته الدنيئة..

يجرع الأقداح عربيداً ..ونشوانا

وثن من الأحجار إذ يهوي

شرف البكارة مسفوح علي يده

يخفي بطيات القلب شيطانا

غراب البين يرصدك علي مهلٍ

يناجي العصبة السوداء

مرتقباً ...وظمآنا

يريد التاج مكسوراً..

يريد العرش مدحوراً..

يريد الشمس مطفأةً

ليسلب منك دراتك..

ويسكب في عينيك أحزانا

سرب من الغربان يحكمك

إن قلت :يا"سندي" فغراب نوحٍ

وإن قلت:"ياأملي" فغراب الليل

إذ يبدو علم علي الشوم مذ كانا

وها أنت الآن يا وجعي..

العدل موقوف علي كفيك إذ تهدي..

في برجه العالي..جوداً وإحسانا

وكوخي البالي..برداً وهجرانا

يا جنة الملعون لم أنت جاثية علي قدميه..؟!

ترتشفين راضيةً بطول الليل ..

إملاءاً..وإذلالاً..وإذعانا

وحين الصبح ترسو فوق مرساك شراعاتي

تنادين القصر: يا مسرور لا تنسي..

بباب القصر صعلوك يغازلنا فأدبه

أهذا الشيئ واعجباه يهوانا ..؟!

ويُغلق دونيَ البابُ..

فيدوي لغضبتي ألم

يشق الصدر ملتاعاً ..وحيرانا

وأصرخ فيكِ والذؤبان تنهشني

أنا المصري يا أختاه فاحترسي

أبي..وأمي..وأجدادي الأحرار

من جعلوك سلطانة

أنا لست وسيماً في الحقيقة

غير أني سيد العشاق ..

قد أفنيت العمر إخلاصاً ..وعرفانا

أنا هبة النيل لا أنت ..

أنا المحارب ..والمدافع..والموالي

أتكافئين العشق اقصاءً ..وحرمانا ؟!

أتشهرين السيف يا أختاه في وجهي

ظلماً..وكفراناً..وعدوانا...؟!

* * *

أيا أم النيل , والأهرام , والأزهر

وكبرت اليوم ...لكن

يا ليتني يا أم لم أكبر..!

ولعقتُ المر من يدك

هماً...وأشجاناً

طرقت الباب أرجوك

وصلاً ...وإحسانا

فلقيت خلف الباب

مسروراً..وسجانا

لماذا وصلك الخداع موقوف علي قلبي ؟

وتمنحين لصوصَ الغاب أوسمةً وغفرانا..!

قولي.. لماذا النفي في الأوطان مقدوري.؟!

وضِياع أجدادي موزعة علي الذؤبان..

توصيةً...ومجانا !!

غريقاً في بحر الهوي صرتُ

لا عشق بعد اليوم يغريني..

وصرت يا أماه لا أعرفْ

من كثرة الترحال في منفاي عنوانا

لي طفل برئ القلب يختصمك

يقول يا أماه ...ضميني

كل الصحاب لهم أبٌ

فما بال أبي ليس بالدار يرعانا..!

أتري قد مات يا أماه

أم ما عاد بعد اليوم يهوانا..؟!

كبرت يا أمي ..ولم أره

خلا بعضاً من الأوقات يأتينا

فيغمرنا بدمعته..يلاعبنا

فننسي في محبته شكاوانا

ولقد ساءلتُ هذا الضيف يا أماه مراتٍ

لم أنت يا أبتاه في البلدان مرتحلٌ ؟!

تشق البعد أميالاً...وأفدانا

تواري السر عن عقلي ..وتحجبه

فتحيي فينا ذكراك..وتشعل فيك ذكرانا

ففار الدمع من عينيه يا أمي

وقال: بني لا تنساني إن مت

قد كنت أتعسَ خلق الله إنسانا.!