عَفَن
عَفَن !!
د. طلال محمّد الدّرويش
[email protected]
عَفَنٌ .. عَفَنْ !
جِسْمِي عَفَنْ ..
ثَوْبِي عَفَنْ ..
عَفَنٌ فِراشي..
عَفَنٌ مُلاءاتي عفنْ !..
عَفَنٌ وِساداتي عفنْ !..
عَفَنٌ .. عَفَنْ !
عَفَنٌ يُطِلُّ مِنَ النَّوافِذْ ..
عَفَنٌ يُعَشِّش في السَّتائِرْ ..
جُدْرانُ بَيْتي زاحف فيها العفنْ!
وَالأرْضُ تَحْتَ المِنْضَدَهْ ،
عَفَنٌ.. عَفَنْ !
وَخِزانَتِي ،
عَفَنٌ .. عَفَنْ !
وَحَديقَةُ الجِيرانِ يَمْلَؤُها العَفَنْ !
والغُصْنُ فَوْقَ الغُصْنِ يُثْقِلُهُ العَفَنْ !
عَفَنٌ طَعامي ..
عَفَنٌ شَرَابي ..
وَالشَّايُ فَي الفنْجَانْ ،
وَبِقَهْوَةِ البُنِّ المُحَمَّصِ في عَدَنْ !!
عَفَنٌ .. عَفَنْ !
عَفَنٌ يَذُوبُ مَعَ الصَّباحْ ..
في الماءِ أوْ كَأْسِ العَصيرْ ،،
أوْ في اللَّبَنْ :
نَسْقِيهِ أبْناءَ الوَطَنْ ؛
ِليُمَجِّدَ الجِيلُ الجَديدْ ..
جيلَ العَفَنْ!!
عَفَنٌ .. عَفَنْ !
عَفَنٌ مَقالاتُ الجَرائِدْ ..
عَفَنٌ تُغَذِّيهِ السُّطُورْ ،
وَالحِبْرُ في أَقْلامِ أَصْحابِ السُّطُورْ !
عَفَنٌ .. عَفَنْ !
عَفَنٌ يُسَابِقُ في الصُّحُونْ
أَيْدِي الجِياعْ !!
عَفَنٌ عَلى كُلِّ المَوَائِدْ
عَفَنٌ .. عَفَنْ !
وَعَلَى المَنَابِرْ ..
يِتَطايَرُ الزَّبَدُ الكَثِيفُ مَعَ العَفَنْ ،
وَيُغَلِّقُ الآذانَ وَالأَسْماعْ !
عَفَنٌ .. عَفَنْ !
عَفَنٌ طَرِيقُكَ لِلضَّياعْ
وَلَسَوْفَ تَلْقَى كُلَّ حِينْ ..
شَبَحًا تَكَوَّرَ مِنْ عَفَنْ!
سَتُصافِحُ الشَّبَحَ اللَّعينْ
وَتَعودُ بِالكَّفِّ العَفِنْ!!
عَفَنٌ .. عَفَنْ !!
أَخْبارُ هذِي الأَرْضِ تَنْبُتُ في العَفَنْ !!
وَفُنونُ هذي الأَرْضِ تَنْمُو في العَفَنْ !
وُعُلومُ هذي الأَرْضِ يَأْكُلُهَا العَفَنْ !
عَفَنٌ .. عَفَنْ !
مَا أَنْتَ إلاّ دُودَةٌ
فُازْحَفْ إِلى النَّعْلِ الَّتي ،
يَمْشِي بِهَا الزَّمَنُ العَفِنْ!!
وَالْعَقْ حِذاءً سادَ فِي زَمَنِ العَفَنْ!
أَوْ .. فَانْتَظِرْ:
سَحْقًا وَمَوْتًا في العَفَنْ !
عَفَنٌ .. عَفَنْ !
عَفَنٌ .. عَفَنْ !
حَتّامَ تَبْقى يا عَفَنْ ؟!
حَتّامَ تَأْكُلُنَا الرُّطُوبَةُ وَالظَّلامْ ؟!
حَتّامَ سُمُّكَ يَنْخُرُ في العِظَاْم؟!
حَتّامَ تَنْهَشُ لَحْمَنَا ؟!
حَتّامَ يَأْسِرُنَا الضَّبابْ ؟!
حَتَّامَ تَشْرَبُ مِنْ دِمَانَا مترَعًا ،
وَالمَاءُ يَجْرِي حَوْلَنَا
وَالكُلُّ يَظْمَأُ لِلشَّرابْ
يَجْرِي فَيَخْدَعُهُ السَّرابْ ؟!
ويعود للأرضِ اليبابْ ؟!
حَتّامَ تَبْقَى يا عَفَنْ ؟!
حَتّامَ نَرْقُدُ في العَفَنْ ؟!
عفنٌ .. عفنْ !
خدعوك باللّحن الرّتيبْ
فهتفت باسمٍ تاجُه عفنُ العفنْ !
وطربت للّحنِ الغريبْ
ورميتَ عيًّا بالفصاحة إذ لَحَنْ !
وشربتَ كأسَ الذّلِّ ممزوجًا بآهات العفن!
وعلى ذيولٍ من عَفنْ
أسلمتَ وجهَك للخنوعْ
وقضيتَ وقتَك في الرّكوعْ
وختمتَ وِردَكَ في خشوعْ !
وسجدتَ زلفى للعفنْ !
والسّيّدُ المنفوخُ زورًا منتشٍ
في جُبّة نُسجت بِرُدْنَيْها عيونْ
كانت معلّقةً على غصنٍ نضيرْ
حبّاتِ عشقٍ ساذَجٍ لا يُرتَهَنْ !
قُلِعَتْ وشُكّت زينةً في ثوبِِهِِ
ليشمَّ ريحَ الياسمينْ
ويعطّرَ الثّوبَ المطرّزَ بالعفنْ !
أبدًا صلاتُك للعذابْ !
والسّعيُ سعيُك للخرابْ !
والسّيّدُ المنفوخُ واعدَك الفُتاتْ !
فلسوف تمضي في الطّريقْ
وستلعقُ الهونَ العتيقْ
وتمجُّ خمرًا من عفنْ !
قد مات في عينيك ذيّاكَ البريقْ!
والعشقُ في عينيك ماتْ !
واللّيلُ سرمدُه عفَنْ !
والرّملُ تحتَ النّعلَ يرسُفُ في العفنْ !
فإلام تمضي في الحياة
وهواؤك الموبوءُ بعضٌ من عفنْ ؟!
عَفنٌ .. عَفنْ !
عَفنٌ .. عَفنْ !
هيَ هبَّةٌ ، لابدَّ يامظلومُ ، في وجهِ العفنْ !!
لابدّ تأتي من بلادِ الواقِِ واقِِ بأيِّ فنْ!
لابدّ تُحضِرُ ذلك التّرياقْ
لابدّ من مصباحِ جنّيٍّ لعينْ
يأتيك بالإكسير من أرضِ العراقْ !
أمّا العراقْ ،
فاتْرُكْهُ في كهفِِ العفنْ !
واسكتْ وسبّحْ في خشوعْ
للسّيّدِِ المنفوخِ يهزأُ بالدّموعْ !
ما دام هذا المِسخُ يزرعُ في الظّلامْ
عفنًا ليغتالَ الضّياءْ
والنّورَ في كبدِ السّماءْ !
ليسودَ أبناءُ العفنْ
في العالَمِ الموبوءِ قهرًا بالعفنْ !
من بابِ روما مدُّه
حتّى أخاديدِ اليمنْ !