مَنْ يُشْعِلُهَا أَكْثَرَ

سيد جودة

إلى محمد بوعزيزي

سيد جودة

مصر / هونج كونج

طالَ الليلُ

وما عادَ على الفجرِ سِوَى لحظاتٍ

لحظاتٍ...

تتمَدَّدُ في صَحَرَاءِ القلبِ سنينَ

وتصبحُ ساعةَ رملٍ تنقلبُ إذا فَرُغَتْ

تتجدَّدُ أبَدِيًّا

نشحذُ صبرًا فوقَ رصيفِ الحلمِ

وننتظرُ قطارًا يأتي لِمَحَطَّتِنا

بحليبٍ للأطفالِ ولُعَبٍ

يَمْنَحُ ربَّ البيتِ العاطلَ عن أملٍ

عزَّتهُ المحترقةَ

يأخذُ من يده حبلاً

كادَ يُعَلِّقُهُ في سقفِ الغرفةِ

أو عودَ ثِقابٍ

كادَ يُضِيءَ بهِ روحًا تأبى أنْ تَطْفَأَ

يَسْكُبُ في نَظْرَتِهِ المُنْكَسِرَةِ نقطةَ ضوءٍ

ويقولُ لهذا الليلِ: ارْحَلْ

طالَ مكوثُكَ فوقَ مَدِينَتِنا زَمَنًا

لا واللهِ...

ما باركناكَ

ولا زيَّناكَ

ولَوْ حتى ساعةَ ليلٍ

فاجْمَعْ كلَّ ظلامِكَ وارْحَلْ

كان لزامًا يا "بوعزيزي"

أن تيأسَ كي نحلمَ

أن تُشْعِلَ نارَكَ كَيْ نَدْفَأَ

أنْ ترحلَ كيْ نبقى

لن نسألَ:

مَنْ يُطْفِئُ نارَكَ بعدَ الآنَ؟

ولكنْ..

مَنْ..

يُشْعِلُها أكثرْ؟!