قلبي ساكنٌ فيها
18كانون12010
زهير أحمد المُذَوَّق
زهير أحمد المُذَوَّق
"إلى مدينتي جسر الشغور، وإلى أدبائها وشعرائها"
سَـلّـمْ على الجسر قاصيها وَاسقِ البساتين والحارات من كبدي واقرأ سلامي على "العاصي" فإن لنا أمّـا الـمدارسُ، فاسجدْ فوق تُربتها جـسـر الشغور، وياما في ملاعبها حـتى إذا شبَّ عودي تحت أعيُنها رحـلتُ عنها، ومالي في الرحيل يدٌ لا تـعـذلـوني، فإنّ الجسر فاتنتي * * * يـا ساريَ الغيم، أمطرْ كلَّ عاطفتي عـشرونَ عاماً، ولا يغفو الحنين لَها لـو حـرّكتْ نخلَ أشواقي بإصبعها ودارتِ الـكـأسُ، والأيـامُ دائـرةٌ هُـنا خُطايَ، هنا حزني، هنا فرحي هـنـا حـوارٌ ثـقـافيٌّ، هنا سَمَرٌ هـنـا مـنـازلُ جيراني، وقهوتُهم هـنا، وألفُ هنا، عن ساقها كشفتْ * * * اللهْ أكـبـرُ، إنّ الـنفسَ ما برحتْ أيـن الـنوادي، وشعري كان مئذنةً أيـن الـليالي الغوالي في مساجدها أيـن الـصّحابُ، وقلبي بعدما فُقِدوا وأيـن نـجـمة صبحٍ فأظفرتُ بها نـزهـتَها عن صبايا الكون أجمعها لـو أسـعفَ الحظّ لمّا كنتُ أطلبُها لا يـعـرفُ العشقَ إلا الغارقون به * * * يا رحلةَ العمرِ، والخمسونَ قدْ عبرتْ كـأنّ عـمري فصولٌ لا ربيعَ بها مـن أيـن أجمعُ أشلائي وقد لعبتْ ومـا أقـولُ، ودمـعي كاد يخنقني كـلُّ الـمـواطنِ بعد الجسرِ.. نافلةٌ والـجـسـر تعلمُ أنَّ الدهر قسّمني | ودانيهاوقَـبّـل الأرضَ من شتّى كـسـالـفِ العهدِ لمّا كنتُ أسقيها! شلالَ ذكرى على شُطآنِ عاصيها(*) واخفض جناحاً من التقدير يُرضيها لَـهَـوتُ طـفلاً، وياما في مغانيها وأرضـعـتني من الآداب ساميها.. لـكـنها الريحُ.. قد أقصتْ مُحبّيها! والـقـلبُ رغم بُعادِ الجسم يدنيها! * * * حـتـى يـسيلَ به، يا غيمُ، واديها! ولـهـفـةُ النفسِ لا تُلقي مراسيها! تـسـاقط الشوقُ خمراً في خوابيها والـذكـريـاتُ نـجومٌ في دياجيها هـنـا سـنـابـلُ أحـلامٍ أُنمّيها! هـنـا ثـلـوجٌ.. لعبنا في سوافيها فـوّاحـةُ الحبّ من فنجانِ ساقيها! فـأيّ بـلـقـيـس منها لا أوافيها؟ * * * تـسـترجع الأمسَ إحياءً لماضيها! تـرتّـلُ الوعيَ شعراً في نواديها؟ بـكـلّ ما حازَ كسرى لا أُساويها! قِـطـارُ حـزنٍ وآهـاتٍ يداريها؟ بـسـم الإلـه مـن الحُسّادِ أرقيها؟ ولـم أُبـالـغْ، وقد نزّهتُ تنزيها! مـا كـنـتُ أعـبأُ بالدنيا وأهليها! ولا الـمـواجـعَ إلا مـن يُعانيها! * * * والـريـح تقطف أوراقي وترميها! وتـلـكَ روحي شظايا من مآسيها! بـهـا الرياحُ، ومَنْ يا ربِّ يُحييها؟ وفـي الـضلوع لهيب بات يشويها؟ وهـي الـفـريضةُ لا يشقى مؤدّيها جـسـمـاً بعيداً، وقلباً ساكناً فيها! | نَواحيها
(*) العاصي، نهرٌ يمر من جسر الشغور، قادماً من لبنان.