أهلُ الكَهفِ
10أيار2008
فيصل بن محمد الحجي
فيصل بن محمد الحجي
التقينا (الأحْبابَ...) في المدينة المنوَّرة بعد فراقٍ طويلٍ... طويل..! وكان اللقاءُ قصيراً.. قصيراً..! خمسة أيّامٍ مضت كأنّها حلم..! وكان المأمولُ أنْ نلتقي ثانيةً في مكّة المكرّمة.. ولكنّ الله لمْ يُقَدِّرْ لنا ذلك.. فعُدنا إلى (كهف) غربتنا نلعقُ الحسرات.. ونجترُّ الأشواق..!
مَـرَّ الـلـقـاءُ كَـأنـهُ وَالـصُّـبْـحُ ما بانتْ بَوادِرُهُ وَالـنّحْلُ قَطرَ فِي فَمِي عَسَلاً وَالـبَـدْرُ أشْرَقَ لَحْظةً وَهَوى وَزلازلُ الأشْـواقِ قدْ شَرَعَتْ وَمَـرارَةُ الـحِرْمانِ قدْ رَجَعَت جَـاءَ الرّبيعُ.. فكَمْ وَجَدْتُ بهِ لـكِـنَّ عاصِفةَ النوَى مَسَخَتْ مـا حُـمْرَة الأوْرادِ مِنْ نَضر وَالْـجَـدْوَلُ الـرّقراقُ مَنشؤُهُ وَالـبُـلبُلُ الصَّدَّاحُ حِينَ شدا وَالـجَـنـةُ الخَضْراءُ مُوحِشَة * * * يـا يَـوْمَ (طِـرْنا) كيْ نقابلهُمْ وَقـلـوبُـنـا لَـهْفى تُسائِلنا! يـا فـرْحَـتِـي لما بدا أمَلِي وَجَـرَتْ دُمُـوعُ العَيْنِ ناطِقةً دُهِشُوا وَقدْ فاضَ السُّرورُ بهمْ كـانَ اجْـتِماعُ الشَّمْلِ مُعْجزَة * * * زاروا فـزُرْنـا مَـنْ زيارتهُ وَلـقـدْ عَـزَمْنا أنْ نَسِيرَ إلى حَـجُّـوا.. فحَجَّ الشّوْقُ مُتبعاً فَـكَـأنـهـا وَقفتْ إذا وَقفوا وَرُبـا الـمَـشاعرِ جدُّ عامِرةٍ يَـسْـمُـو لها سامي وَسامِيَةٌ وَهُناكَ خَلفَ (الحِجْرِ) مَوْعِدُنا طـارَتْ بـنا الأقدارُ عاصِفةً * * * عَـشْرٌ مِنَ السّنواتِ قدْ غبَرَتْ وَالـصّابُ يَحْلُو إنْ قرَنتَ بهِ غادَرْتهُمْ فمَضى الشّبابُ.. وَقَدْ كَمْ مِنْ رضِيعٍ شَبَّ.. وَاكْتَهَلتْ وَمَـضَـتْ وُجُوهٌ كُنتُ أعْرفها وَطغتْ مساحَةُ غرْبَتِي فحَوَتْ أنـا بَـيْنَ أصْحابي وَفِي بَلدِي مُـتـلفتاً! مَنْ ذاكَ؟ مَنْ هذا؟ إنّ الـذيـنَ عَـرَفتهُمْ عَبَروا مـا سَـافـروا إلاّ عَـلى ثِقةٍ فِـي كَهْفِ غرْبَتِنا جَرَتْ عِبَرٌ نَـحْـنُ الألـى نثروا قبُورَهمُ وَمَـواسِـمُ الـتـوْلِيدِ زاخِرة لا يَـعرفونَ سِوى النوَى وَطناً وَدَنـا الـبَـعِيدُ بِغير ما نَسَبٍ في عَصْرنا المَقلوبِ لا عَجَبٌ أسْـفارُنا حبْلى.. إذا مَخَضَت تـقِـفُ الـحُدودُ أمامَ غرْبَتِنا قـدْ كانَ أهْلُ الكَهْفِ يَحْرُسُهُمْ وَكِـلابُ هـذا الكَهْفِ تنهَشُنا فـالـرحْمَةُ البَيْضاءُ قَدْ وُئِدَتْ لا حـقَّ لي بَينَ الألى زَعَمُوا تَـحْمِي الشّريعَةُ كُلَّ مُضْطهَدٍ وَالـمُـبْـعَـدونَ كأنّهُمْ فتِنوا وَغـدا شِـراعُ أمـانِـنا مِزَقاً جُـنَّ الـحَـليمُ.. فلا حَليمَ لنا يَـلـهُـو بـنا وَالفُلكُ تخبطهُ يـا لـيْـتـنا كُنا كَمَنْ رَكِبُوا لـطَوَى الرّشِيدُ يدَ السّفيهِ وقدْ * * * يـا أيُّـهـا الرُّبَّانُ هَلْ نظرَتْ أوَ ما تَرى جَيْشَ الصَّلِيبِ وَقدْ نـثـرَ الـصّلِيبُ سِهامَهُ وَدَعا نـرْمَـى بِـأيْدٍ كُنتُ أحْسَبُها أوَ مـا تـراهُـمْ في إطاعَتِهمْ وَالـنِّـجْمَةُ السَّوْداءُ قدْ عَشِقتْ عُـقِـدَ القِرانُ.. وَقامَ عُرْسُهما يُـلـقِـي أبـو جَـهلٍ مُعَلقة ظـنَّ الـغـبِيُّ لهُ الخلودَ وَقدْ لـمْ يَـدْرِ أنّ اللهَ مُـنـتـزعٌ مـا ظـنـهُ لوْ جاءَ (عِكْرمَةٌ) مِـنْ حَـوْلـهِ فِتيانُ صَحْوَتِنا لَـرأى )هرَقلَ( هناكَ مُنهَزماً * * * نـحْـنُ (الأصُولِيِّينَ) يُسْعِدُنا لا نـنْـحَـنِي للرِّيحِ عاصِفة نَـحْـنُ الـذينَ إذا دَهَتْ فِتنٌ وَصِـنـاعَـةُ الألوانِ نَجْهَلها الـواقِـفُونَ إذا الوَرى رَكَعُوا إنِّـي لأُبْـصِـرُ رَغمَ فِرْيَتِهمْ إنِّـي لأُبْـصِـرُ وَالـظّلامُ لهُ إنـي لأُبْـصِرُ –لامِراءَ- وَلوْ إنِّـي لأُبْـصِرُ فِي الدُّجى أمَلاً فَـجْـراً يَـعمُّ المُسْلِمِينَ.. فكمْ فَـجْـراً يُـبيدُ الجّاهِلِيَّةَ.. فِي فَـجْـراً يُنيرُ (الكَهْفَ).. يلثمُهُ فِـي ظِـلِّ ذاكَ الفَجْرِ مَوْعِدنا | حُلمُوَجَـثـا عَـلى أعْصابيَ حَـتـى تـهاوَتْ فوْقهُ الظلمُ فـهَـمَـى عَـليَّ العَلقمُ الوَخِمُ هَـجَـمَ الـمِحَاقُ عَليْهِ وَالعَدَمُ تَـهْـفـو.. كَـأني ما رأيْتهُمُ تـكْوي الفؤادَ.. وَفِيهِ تضْطرمُ أُنْـسـاً.. وكَمْ حَفتْ بيَ النعَمُ! حُـسْـنَ الرّبيعِ.. فوَجْهُهُ جَهمُ لـكِـنـهـا حَوْلَ الْجراحِ دَمُ دَمْـعِي الهَطولُ.. وَليْسَتِ الدِّيَمُ فـكَـأنـمـا صَوْتُ البُكا نغمُ قـفـراءُ.. وَالـعِرْزالُ مُنهَدِمُ * * * فِي أرْضِ (طيْبَةَ) حِينما قَدِمُوا هَـلْ أقبلوا حَقاً؟ وَهَلْ عَلِمُوا؟ خـفـقَ الـحَشا وَتَعَطلَ الكلمُ بِـالشكرِ.. وَالأبْناءُ قدْ وَجَمُوا! فـكَـأنـهُـمْ بِسُرورهِمْ لُجمُوا وَلـكَـمْ نَـعِـمْنا مِثلما نَعِمُوا * * * يَـهْـفـو إليْها العُرْبُ وَالْعَجَمُ بَـطـحـاءِ مَكّةَ حِينما عَزَموا آثـارَهـمْ.. وَالـنفسُ تغتنِمُ! وَكَـأنـهـا رَجَمتْ إذا رَجَمُوا تـأْوي إلـى أفـيـائِها الأُمَمُ وَالـمَـصْعَدُ الإخلاصُ وَالكَرَمُ لـكِـنـنـا كُـنا كَمَنْ فطِمُوا نحْوَ (الرياضِ).. وَقادَنا السَّقمُ * * * تـتـرى.. وَأرْبَـعُ بَعْدَ بُعْدِهِمُ صَبْري.. فَصَبْري ليسَ ينهَضِمُ نَـشَـرَ الـمَشِيبَ الهَمُّ وَالهَرَمُ زُمَرُ الشّبابِ.. وَشابَ بَعْضُهُمُ خَـلفَ الحياةِ.. وَجاءَ غيْرُهُمُ وَطـنِـي.. فلسْتُ الإلفَ بَيْنهُمُ ذاكَ الـغـريـبُ التائِِهُ البَرِمُ عَـفـواً..! فـإني ما عَرَفتهُمُ! دَرْبَ الْـحَياةِ.. فأيْنَ؟ أيْنَ هُمُ؟ أنِّـي أغـذُّ الـسَّّـيْـرَ خلفهمُ لا الـقـوْلُ يَـرْويها وَلا القلمُ فِـي كُلِّ صقعٍ.. وَالرّدى نهمُ! بِـالـمُـبْعَدينَ.. فما لهُمْ عَلمُ مُـتـحَـرِّكاً.. يَهْتزُّ.. يَزدَحِمُ وَنـأى الـقـريبُ كأننا عَجَمُ إنّ الـحَـقـائِـقَ رأسُها قدَمٌُ فـنِـتـاجُها - بَعْدَ العَنا- ندَمُ سَـدّاً بـهِ الآمـالُ تـصْطدِمُ كَـلـبٌ أمِـيـنٌ طـائِعٌ فهمُ لا تـخـمَـةً تـبْدُو وَلا بَشَمُ لـمْ يَـحْـمِـها دِينٌ وَلا رَحِمُ حُـبَّ الـشّريعةِ.. إنهُمْ وَهِموا يا ليْتَ شِعْري ما الذي فَهِمُوا؟ هـذا يَـشـذّ.. وَذاكَ يَختصِمُ فِـي كُـلِّ كَـفٍّ خِـرْقَةٌ وَدَمُ وَانـتـابَـهُ النِّسْيانُ وَالصّمَمُ ريـحُ الـفنا.. وَالمَوْجُ يَلتطِمُ تِـلـكَ السّفينةَ.. ثمَّةَ اسْتهَمُوا سَـلِـمَ السّفِيهُ.. وَكُلُّهُمْ سَلِمُوا * * * عَـيـناكَ مَا فِي الأفقِ يَحْتدِمُ؟ أسَـرَ الْـهِلالَ فَطأطأ الحَرَمُ؟ أذنـابَـهُ الـعمَلاءَ فازْدَحَمُوا تـرْمِي لنا.. وَتَصُدُّ مَنْ نقمُوا أمْـرَ الـعَـدُوِّ كـأنهُمْ غنمُ؟ ذاكَ الـصَّـلِيبَ وَشاقها النَّغمُ وَالـرّاقِـصُـونَ رجالنا الخدَمُ فِي مَدْحِ مَنْ كَفَروا وَمَنْ ظلمُوا راقَ الـزّمـانُ وَعُظمَ الصَّنمُ مِـنْ صُـلبهِ مَنْ سَوْفَ يَنتقِمُ يَهْوي عَلى اليَرْمُوكِ.. يَقتَحِمُ؟ كالشهْبِ في الظلماءِ قدْ هَجَمُوا وَجُـنُـودَهُ الأبْطالَ قدْ هُزمُوا * * * أنَّـا أُصُـولِـيُّـونَ نـلـتزمُ هَـوْجـاءَ.. أوْ لـلمَوْجِ يَلتطِمُ لَـسْـنـا بـغـيْرِ اللهِ نَعْتصِمُ لا يَـرْتـضِـيها الدِّينُ وَالشِّيَمُ وَالصّامِدونَ إذا الوَرى انهَزَمُوا :(أنِّـي مِنَ القوْمِ الذينَ عَمُوا)! ظِـلٌّ عَـلـى الأبْصارِ يَرْتسِمُ طمَسُوا الضياءَ.. فإنهُمْ وَهِمُوا فَـجْـراً بِـهِ تـتضاءَلُ الظلمُ بـشُـعاعهِِ الوَضاءِ قدْ حَلمُوا! أعْـطـافِـهِ الإيـمانُ وَالقيَمُ قـلـبٌ زَهَـتْ أفـراحُهُ وَفمُ كَـيْ نـلـتقِيْ وَالفَجْرُ يَبْتَسِمُ | الألمُ

