وَلأهلي الذين بعمّانَ دمعي
عبد الرزاق عبد الواحد
مَن يَرى الآنَ أبعَدَ مِن أنفهِ ؟
مَن يدافِع عن كفهِ
فيَقول تحَسسْت حتى نخاع ِالأصابعْ
وهوَ مَقطوعَة ٌ كفه وأصابعه ؟
سوفَ أ علِن أني مصَدِّ قه
فإذا كانَ مِن د ون ِصَوتٍ ،
فإنيَ سامِعه
إنما يَصرَخ الحرّ مِن حَبل ِصوتِ الضَّميرْ !
منذِرا ًأو بَشيرْ
أقول بأنَّ القيامَة َلمّا تقمْ ،
رَغمَ هذا الحَريقْ
إنها في الطريقْ
فليهَيِّءْ هواة الحَرائِق ِأنفسهم ..
جذعهم والنطاقْ
مثلما هَيأوأ لاشتِعال ِالعراقْ !
سأقول بأنا دَفعنا بأبنائِنا
وبأحشائنا
وَبما لا يرى مِن خرابِ النفوسْ
وَسيَدفع مَن أوقدوها بضَوءِ المَحاجر ِ
حدَّ اشتِعال ِالرّؤوسْ
يا لحَربِ البَسوسْ !
1
سأقول بأنَّ الذين َيَجوبونَ مِلْءَ شوارِع ِعَمانَ
يَستنجدونَ بأبوابِ كلِّ السفاراتِ
لن يَغفِروا ..
كلما عَبَرَتْ في الشوارِع ِسيّارَة ٌ
وَعليها اسم بَغداد
طارَتْ مَحاجرهم خَلفها
وهيَ عالقة ٌبحروفِ العراقْ !
سأقول بأنهمو إذ يَطوفونَ كلَّ الأزِقةِ بَحثا ً
زقاقا ً زقاقْ
لنْ تفارِقهم شرفات الرَّشيدِ
ولا شكل بابِ المعظم ِ
لن يَجدوا مثلَ ذاكَ الهواءِ هواءا ً
ولا مثلَ مائِكِ دَجلة ماءا ً
له نفس هذا المَذاقْ
طائلا ًما يَطول الفراقْ..
وَسيَنظر ناظِرهم في الوجوهْ
وَسيَسأل
هَل كلّ مَن يَتكلم بالعرَبيةِ
فعلا ًأخوهْ ؟!
أفيبصِر مَن يبصِر الآنَ أبعدَ مِن أنفهِ ؟؟
كلّ كفٍّ عليها عَلامَه
كلّ نصْل ٍتخَضَّبَ مِن دَمِنا
سوفَ يَبقى يَنِزّ دَما ًللقيامَه !
والذينَ بَكى مِقبض النصل ِبينَ أصابعهم
وهيَ تغرزه في أضالع ِأطفالنا
2
سوفَ تغدو أصابعهم مثلَ أختام ِبابِ جَهنمْ
كلما أمسكتْ وَردَة ً
أحرَقتها.. ليوم ِالقيامَه !
إنَّ أبوابَنا الآنَ مَهجورَة ٌ
والضَّمائِرَ مَسجورَة ٌ
والسؤال الذي لا يفارِقنا
مَن أفادَ مِن النار ِمنكم ؟؟
إنه نفس ذاكَ الدَّم ِال أنفقَ العمرَ
مستنزَفا ًبينَ ساحاتِكم
في فلسطين .. في مصرَ
في عَتباتِ دِمشقَ
وفي كلِّ أرض ٍصَرَختم عليها
وها أنتم الآنَ تلغونه
وتهينونه
وَتخوضونَ فيهْ
دونَ أن يَذكرَ الأخ منكم
ولو ذِمَّة ً لأخيهْ !
هل لناظِرِكم أن يَرى الآنَ أبعدَ مِن أنفهِ ؟!
أنْ يَرى أنَّ كلَّ بلادِكم الآنَ
تنتظِر الدَّورَ
كي تنتهي لمَصيرِ العراقْ ؟
أنَّ هذا الخناقْ
إذ يضَيق حتى على عنق ِالطفل ِفي أرضِنا ..
أنَّ هذا الدّوارَ ،
وهذا الضّياعْ
أنَّ هذي الوجوهَ التي تتساقط بينَ المَرافيءِ
باحثة ًعن شراعْ
3
هيَ أوجهكم كلكم في غدٍ
عندَما يسْقِطونَ بَقايا القِناعْ ؟!
لا تقولوا الوَداعْ
كلنا في غدٍ راحِلونْ
كلّ هذي العيونْ
سوفَ تنشف أدمعها مِن مَحاجرِها
قبلَ أن يَشمَتَ الشامِتونْ ..
ولأهلي الذينَ بعمانَ دَمعي
وَكسرَة ضِلعي
لأوجاع ِهذي القلوبْ
لحَيرَتها في الدّروبْ
لتوطينها
أنْ تقطعَ كلَّ شرايينها
ثمَّ تمضي إلى أيِّ مَجهولةٍ لا تؤوبْ ..
أيها الحائِرونَ بأولادِكم
أينَ تمضونَ عنهم
وأينَ بهم ترحَلونْ
أيّها الموجَعونْ
يا شريدي مَنازِلكم
يا مقطعَة ًكلّ أرسانِهم
وَمهدَّلة ًكلّ أغصانهم
يا غريبونَ حدَّ الهوانْ
يا مقيمونَ في لا مَكانْ
لكم زاخِرات دموعي
وَدامي ضلوعي
وأوقد في كلِّ ليل ٍشموعي
لأبكي بليل ِالعراقْ
على وَطن ٍكلّ شمْل ٍبهِ
موغلٌ في الفراقْ ..