ظمأ الروح
يحيى السَّماوي
ظميءٌ .. واللهيبُ هَمِيْ (*)
فما يحسو سوى ضَرَم ِ
يُفتِّشُ في صحارى العِشْق ِ
عن مُسْتَعْذَب ٍ شَبِم ِ (**)
وفانوس ٍ ينشُّ بهِ
عَثارَ طريقه ِ العَتِم ِ
يُقوِّسُ ظهرَهُ تَعَبٌ
يَشدُّ يَدا ً إلى قَدَم ِ
ينامُ على ندى أمَل ٍ
فيوقِظهُ لظى ألَم ِ
ويسْتجدي من الأيام ِ
صفوا ً بعدَ مُحْتَدَم ِ
به ِ شَغف ٌ.. ويُخْجِلُهُ
تصابي العاشِق ِالهَرِم ِ
يُراوِدُهُ على شفتيه ِ
ثغرٌ للرحيق ِ سَمِيْ
رأى نبْعا ً فصاحَ القلبُ :
ياهذا الذبيحُ صُم ِ !!
ومِئذنة ً فقال لها:
متى تكبيرة ُ الهِمَم ِ ؟
متى الإمساكُ عن جَزَع ٍ
وعن بَطَر ٍ وعن سأم ِ ؟
وعن عسَل ِ الخنوعِ يشلُّ
هِمَّة َ أشرف ِ الأمَم ِ ؟
**
ظميءٌ .. والنهارُ ظمِيْ
إلى شمس ٍ من القِيَم ِ
يَغِذُّ إلى الديار ِ السَّيرَ
في صحو ٍ وفي حُلُم ِ
فما جازتْ ركائِبُه ُ
سوى سطرينِ من كَلِم ِ:
إلهي جَفّ طِينُ العمر ِ
لا أقوى على سَقَم ِ
إلهي صُنْ عراقَ الروح ِ
من ( مُسْتذئِبٍ) جَهِم ِ (***)
ومن عُبّاد ِ كرسيٍّ
و(حُرّاس ٍ) بلا ذِمَم ِ !
تجَيَّشَت ِ الهمومُ عليهِ
من سَهل ٍ إلى قِمَم ِ
ولا من حيلة ٍ فأحول
بين أسىً ومُغْتَنَم ِ
أنا الراعي وعاطفتي
عصايَ.. وأضلعي غَنَمي
دمي مرعايَ .. والينبوعُ
دمعي .. والوجاقُ فمي
أُنادِمُ في خريفِ العمر ِ
ما أهْرقتُ من دِيَم ِ
وقد مَلَكَ الهوى مني
ندى روحي ودفءَ دمي
عَشِقْنا فانتهينا بين
مُتَّهَم ٍ .. ومُتَّهم ِ
كلانا نادِمٌ ... والعِشقُ
قد يُفضي إلى ندَم ِ !!
**
ويا بغدادُ و" الستون "
بدءُ صِبا ً لذي نِعَم ِ
ونافِذة ٌ لِذي ألَم ٍ
ولا أمَلٌ على رِمَم ِ
نُحَشِّمُ مَنْ ؟ وكلٌّ فيه ِ
جرحٌ غيرُ مُلتَئِم ِ ؟
فلا من حزم ِ "هرونٍ "
ولا من عزم ِ" مُعتصِم ِ"
لمن نشكو وقاضي العصرِ
يشربُ من دم ِ الأُمَم ِ ؟
**
ظميءٌ .. والشراعُ ظمي
إلى نهريكَ والنَّسَم ِ
وفاخِتَة ٍ إذا هَدلتْ
أثارَ هديلها نغمي
وحَفّزَتِ المِدادَ يصيرُ
خمرا ً كأسُهُ قلمي
سلاما ً ياعراقَ الله ِ
ياحُرْمي ويا حَرَمي (****)


·
همي : سال لا يثنيه شيء.. والضرم : الحطب يُرمى به إلى النار ومن معانيه : الغضب من جوع أو عطش وهو المعنى المراد في البيت·
** الشبم : البارد** * المستذئب : المراد به المحتل الأمريكي الغاشم
**** الحرْم بضم الحاء وتسكين الراء : مالايجوز انتهاكه .