هَوَاجِسُ اللَّيْل
د. محمد ياسين العشاب - طنجة/المغرب
[email protected]
سَـأَلْـتُ مِنْ وَجْدِي نُجُومَ الدُّجَى
مَـنْ ذَاقَ مِـثْـلِي عَادِيَاتِ الْهَوى
قَـالَـتْ لِـيَ الـجَوْزَاءُ: لَوْ ذُقْتهَا
وَ الـعَـقْلُ سُلْطَانٌ إِذَا مَا اعْتَلَى
وَقُـلْـتُ يَـا قَـلْـبُ أَمَا تَرْعَوِي
مَـا كَـانَ أَقْـسَـى أَنْ دَنَـا فَتْرَةً
قَـالَ الـدُّجَى: مَا ذُقْتَ مِنْ لَوْعَةٍ
لَـمَّـا ظَـنَـنْتَ الصَّبَّ مِنْ حَيْرَةٍ
وَ إِذْ سَـبَـحْـتَ الْـيَوْمَ فِي يَمّهِ
قُـلْـتُـ: وَأَنَّى لِي بِفَهْمٍ، وَ هَلْ
كَـيْفَ الفِرَارُ ؟ كَيْفَ عَنْ مُهْجَتِي
أَوْدَتْ بِـقَـلْـبِـي لَوْعَةٌ أَجَّجَتْ
قَـالَ لِـيَ الـبَـدْرُ : تَـعَقَّلْ! فَمَا
تُـكَـابِـدُ الـشَّوْقَ وَمَا مِنْ جَوًى
فَـانْـظُـرْ إِلَـى قَـلْـبِكَ مَاذَا بِهِ
* * *
هِـمْتُ عَلَى وَجْهِي وَ أَجْرَتْ دَمِي
ضَـاقَ بِـهَـا صَدْرِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ
حَـتَّـى بَـرَى الـجِسْمَ سَقَامٌ فَمَا
وَ سِـرْتُ لَا أَلْـوِي عَـلَى غَايَةٍ
قَـضَـيْـتُـهَا وَ القَلْبُ مُسْتَرْسِلٌ
أَكُـلَّـمَـا أَحْـسَسْتُ نُورًا بَدَتْ
رَأَيْـتُ أَخْـلَاقَ الـوَرَى ضُيِّعَتْ
وَ ضَـاعَ قَـوْمِـي بَيْنَ خُبْثٍ عَدَا
سِـرٌّ جَـفَـاهُ الـنَّاسُ فَاسْتَغْرَبُوا
لَـوْ أَنَّ قَـوْمِـي عَلِمُوا خَطْبَهُمْ!
ذَاقُـوا الأَمَـرَّيْـنِ وَ أَوْدَى بِـهِمْ
وَ اْتَـنْـبَـطُوا مِنْ رَأْيِهِمْ شِرْعَةً
كَـأَنَّـمَـا الـبُـرْهَـانُ مَا هَزَّهُمْ
وَ لَا حَـبِـيـبَ اللهِ جَاءُوا عَسَى
وَ كُـلَّ قَـلْـبٍ قَـدْ سَقَاهُ المُنَى
يَـا لَـيْـتَ لِـي نُورًا فَأَمْشِي بِهِ
يَـا لَـيْـتَـهُ يَـا لَـيْتَهُ عَنْ سَنًا
وَ أَيْـقَـظَ الـنَّـاسَ فَأَحْيَي بِهِمْمَـا خَـطْبُ قَلْبٍ لمْ يَزَلْ مُدْلِجا !!
أَنَّـى لَـهُ أَنْ يَـجِـدَ الـمَخْرَجَا
حَـقًّـا لَـمَا سُقِيتَ حُبَّ الحِجَا!
عَـرْشَ الـفُـؤَادِ بُـكْـرَةً أَدْلَجَا
أَكُـلَّـمَا اسْتَيْقَظْتَ حَلَّ الدُّجَى ؟
مِـنْـكَ سِـرَاجٌ لَمْ يَعُدْ مُسْرَجَا
كَـلَّا وَ لَا عِـشْـتَ الهَوَى أَبْلَجَا
سَـبَـاكَ وَهْـمٌ لَـمْ يَزَلْ مُنْتِجَا
رَجَـوْتَ مِنْ مَوْجِ الظُنُونِ النَّجَا
أُشْـفَـى بِـهَـاجِسٍ أَتَانِي دُجَى!
أَرْغَبُ ؟ أَمْ كَيْفَ المُنَى يُرْتَجَى ؟
شَـوْقًـا عَمِيقَ الحُزْنِ قَدْ أَجَّجَا
خَـبَـرْتَ مِنْ عِلْمِ الهَوَى مَنْهَجَا
وَ تَـأْمُـلُ الوَصْلَ وَ مَا مِنْ رَجَا!
وَ ارْجُ لِـمَـا يُضْنِيهِ أَنْ يُخْرَجَا
* * *
جِـرَاحُ قَـلْبٍ بِالأَسَى ضُرِّجَا!
إِلَّا وَ قَـدْ أَعْـيَـاهُ دَاءُ الـشَّجَى
نَـجَـوْتُ أَوْ مِـنْـهُ فُؤَادِي نَجَا
فِـي لَـيْلَةٍ، وَ الكَوْنُ طُرًّا سَجَا
فِـي بَـثِّـهِ، وَ لَـيْلُ صَدْرِي دَجَا
دُنْـيـا الـظَّـلَامِ حَائِلًا مُزْعِجَا ؟
وَ كُـلَّ ظُـلْـمٍ بـيْـنَـهُمْ رُوِّجَا
وَطَـيِّـبٍ هَـيْهَاتَ أَنْ يُمْزَجَا!
كَـيْـفَ شَذَاهُ الكَوْنَ قَدْ أَرَّجَا ؟
لَـوْ أَنَّـهُـمْ تَـشَرَّبُوا المَنْهَجَا !
ذُلٌّ عَـلَـى دِيَـارِهِـمْ عَـرَّجَا
وَمَـذْهَـبًـا أَهْـوَاءَهُـمْ هَيَّجَا
وَ الـصِّدْقُ مِنْ صُدُورِهِم أُخْرِجَا
أَنْ يَـبْـلُغُوا بِعدَ الرِّضَاءِ الرَّجَا
مِـنْ شَـهْـدِهِ، مَا جَاءَهُ وَ الْتَجَا
مَـشْـيًـا سَـوِيًّا لَا يُرَى أَعْوَجَا
أَسْـفَـرَ، أَوْ صُـبْـحًا لَهُ تَوَّجَا
دُنْـيـا تَـزَيَّـتْ حَوْلَهُمْ بَهْرَجَا!