مأساة ملحمتي

د.جعفر الكنج الدندشي

د.جعفر الكنج الدندشي

[email protected]

مـازلـتُ أحـيـا في حديثِ بياني
والـدهـرُ  لاحَقني وطاردَ صَهوَتي
قـد  لا أتوبُ عنِ الهوى في iiدُنيتي
ومـهـاجـرٌ  دوماً كسربٍ iiيَمتطي
مُـسْـتـرسلٌ لحنُ البلابلِ في دمي
وأنـا الـبـعيدُ عن المدائنِ والقرى
إنّـي  عـشـقتكِ،لستُ أولَ iiعاشقٍ
نـفـسـي تشكُ بما تشكُّ iiخواطري
فـمـلاحـمي ما عُدتُ أدرِكُ هَولها
أنـا مـا تـخطّيتُ الخلودَ iiبرحلتي
أنـا لـم أكـنْ أبـغـي لقاءً iiبالدُنا
إنّـي أتـيـتُ إلـى الـحياةِ iiمُقيداً
ومـضـيتُ  في أرجائها iiبمسيرتي
حَـمَـلَتْ بي الأشعارُ طوراً iiللجوى
وسـألتُ  عن نفسي بعمق بصيرتي
لـمْـلَـمـتُ  أجوِبَةَ الزمان iiلعلّني
وقـرأتـهـا  مِـمّـا قرأتُ iiمُطالعاً
فـالـعُـمْر مضطربٌ كبحرٍ iiهادئٍ
كـم عـدتُ أبـنـي من جديدٍ iiللفنا
ومـضـيـتُ  أُسعِفُ عِلّةً من iiعِلّةٍ
أغـتـالُ  أنـغـامي وأندبُ iiحولها
*               *               ii*
وطـني،  جذوري في ثراكَ iiتعفّنتْ
وطني  تفرّقَ في صراطِك جيلُ iiمَن
خُـضـنـا ضروبَ الكبرياء جَهالةً
ومَـضَتْ  نفوسٌ في الصدور تشدّنا
وتـقـنّـع الـعُربُ المجوس iiديانةً
فـهـمـوا  الـتفاسير النبيلةَ iiسالفاً
نَـسـيـوا بأنّ القدس قمّةَ iiعرضنا
رفـعـوا الـجـهالة رايةً iiلتعصّبٍ
وتـفـاخـروا  إن هُدِّمت أو iiطانُنا
أو فـي الـعـراقِ وقـبلها جولاننا
كـتـلاعـبِ  الـشيطان iiبالإنسان
ويـجـددونُ  مـبـيـعةَ iiالسلطان
ويـصـفـقـون لـدولـة iiالبهتان
يـبـنـيه في شغفٍ ضحوكٌ iiمخْذلٌ
فـتـصـنّعوا  نصراً وقامتْ iiبعدها
يـا مـصر يا أم العروبةِ هل iiترى
يـا نـيـلُ هل وصلتْ إليكَ رسالةٌ
أقـرأتَـهـا  يـا نيل؟ إنّي مُنصتٌ
قـلّ  لـلـذي يرضى الخنوع وذلّهُ
والآخـرون تـفـنّـنـوا iiبـنفاقِهم
أو سـفـح طـوروسٍ شمال iiشآمنا
ورأوا بـأنّ الـمـصـطفى iiوكتابه
ولَـكَـمْ  تـنـاسـوا أنّ أيّةَ iiسورةٍ
يـا فـتـنـةً مـا أطـفأوا iiنيرانها
تُـزْكي  النفاقَ وفي النفوس iiضلالةٌ
فـالـعُرب مثل الفرس في iiأهوائهم
أيـنَ  الـطـبابةيا(ابن iiسينا)علمها
أيـن  الـعـلوم،لها التجارب حكمةٌ
هـل حـدَّثتْ يا(ابن المعرّة)غصنها
مـن أيـن ننجوا يا(زهير)أما iiترى
يُـزكـون  رايـاتِ الـتفرّق iiبيننا
يَـتـداولـون  مـنـابـراً iiبجهالةٍ
هـل  يُـشـتَمُ الصدّيقُ حامل iiرايةٍ
عُـمَـرٌ يُـذَمُّ؟ فـيـا عليٌّ قل iiلهم
مـن  بـعـدهِ كـم أُتعبوا iiأُمرائنا؟
قـل إنّـمـاالأعـمـال بالنياتُ قلْ
ألـقـيـتُ  يـاذات السلام iiبرايتي
يا  روح(سيف الدين)في iiالشهباءهل
كُـرْدٌ  وفـرسٌ والـعـروبة iiبينهم
أيـن الـسـلاجـقـةُ الذين iiببذلهم
هـل  مـزّقـونـا،أم تمزّق iiعقلنا؟
مـن كـان ينتظرُ السلام من iiالأذى
أشـكـو جراحي والجراح iiجراحُكم
يـا  فـتـنةً رُميتْ بصدرِ ii(محمّدٍ)
لـهـفـي عـلـيكَ حبيبنا iiوشفيعنا
إنّـي  سـألـتُكَ باسم جاهِكِ iiعندما
أن  لا تـغـيبَ عن العروبةِ iiرحمةٌ
لا  فـي الـجـزائر والشآم iiبقدسها
أمَـلـي  لـديـكَ فقد تبعثر iiرشدنا
لـبـسـوا جلود (خوارجٍ iiوقرامطٍ)
ضـحّـوا بـهـم وتفاخروا iiبفدائهم
تـركـوا عـرائـسهم بدار iiسلامةٍ
ذابـت هـنا ذابت جميع iiخواطري
نـامَـتْ بـدار الإنحطاط iiعروبتي
فـلَـكَـم سـنشقى يا عروبة iiبينما
فـارموا  الضغائنَ في ديارِ iiمُخرّبٍ
*               *               ii*
مـاذا  أسـأنـا يـا يـهود iiبحقّكم؟
أنـا  يـا ابـن ياهوذا اللئيم iiمسافرٌ
أنـا  لـسـتُ نازيّاً ولستُ iiبراهبٍ
أنـا  يـا ابن إسحق الذبيح iiحميتكم
أرأيـتَ أنّ الـغـدرَ يـفـلحُ iiمَرّةً
أتـظـنّ أنّ الـقـادمـين iiبأرضنا
أتـظـنّ أنّ لـفـيفكم قد غاب iiعن
ولـنـنـتظرْ،  فالدهر ينظر iiحولنا
تـلـكـم وصـايـانا لجيلٍ حاضرٍ
تـتَـسـلّـم الأجـيـالُ فيما iiبينها
تِـلـكُـم مـلاحـمنا، عذابٌ iiمثمرٌ
لَـكـم الـسلاح؟ لنا الزمان iiبطولهِ
*               *               ii*
مـأسـاةُ  مـلحمة العروبة iiأسفرتْ
سـتـطـولُ مـعركة البقاء iiبأمّتي
وتـدحـرجَـتْ من مقلتيَّ iiعروبتي
وخـتـمـتُ  ملحمتي وقلتُ iiلأمّتي
فـارمـوا خـلاف الجاهلين تعصّباً
































































































الـشـوقُ  حـيَّرني وضاقَ iiمكاني
أرسـى سـفـيـنـيَ أبعدَ iiالشُطآنِ
أحـيـا بـأحـلامٍ تَـهـدّ iiكـياني
وجـهَ الـفـصـول مُسيَّراً بزماني
كـم  غـرّدَ الـتأويلُ في iiأشجاني!
وعـنِ الـزمـانِ كـأنّـهُ iiجافاني!
فـي هـذهِ الـدنـيـا تـبدَّدَ iiشاني
وتـضـئُ قـلباً في العذاب iiرماني
(إلـيـاذتـي) كُـتِبَتْ مِنَ iiالأحزانِ
لـم  يـلقِ بي في العمر غير iiبياني
يـا ابن (المعرة) ضائعٌ iiوجداني(1)
بـتـرابـهـا، لـم يُستَشرْ iiإنساني
أشـقـى  وأسـعـدُ تـائهاً iiبمكاني
وتـحـطّمتْ روحي ورحتُ iiأُعاني
فـتـجـاهَلَتْ عقلاً مضى iiيرعاني
مـن بـعـضِ فـحواها ألمّ iiلساني
مـا  مـاج أو مـا راج كـالشطآنِ
أو  هـائـجٍ مـتـحـطّـمُ iiالبنيانِ
كـم  عُـمِّـرتْ وتـهدّمَتْ iiأركاني
أسْـتـبـدِلُ الـطـاغينَ iiبالطغيانِ
كـلّ  الـذي قـد عـاشـهُ إنساني
*               *               ii*
كـدمِ(ابـن عـفّـان)الـذي iiأبكاني
فـهـمـوا الصراط تعصّب الأديانِ
دربُ  الـغـرور شـجاعة iiالعميانِ
لـلـكـبـريـاء  وسـيلة الخذلانِ
ظـنّـوا بـهـا قـرآننا iiالروحاني
ليستْ  سوى خُمْرٍ على iiالنسوانِ(2)
مِـن  ثـمّ بـغـدادي إلى iiالسودانِ
ورمـوا بـوحـدتـنا إلى iiالشيطانِ
فـي غـزّةٍ أو فـي ربـى iiلـبنانِ
وتـقـاتـلُ الـعـربـان iiبالعربانِ
كـتـنـافـس الـبـهتان iiبالبهتانِ
ولـو  انّـهُ يـحـيـا مع iiالخذلانِ
وجـدارَ مـصـرَ لـغزّة iiالشجعانِ
مُـسـتـأثـرٌ  بـمـسيرة iiالعُبدانِ
أسـوار  أسـوأ حـاكـمٍ iiبـزماني
نـحـيـا بـكابوسٍ على الأوطانِ؟
مِـن  عـادلٍ ومـحـرّر iiالعبدان؟
فـسِّـرْ  حـقـوقَ الجان iiوالإنسانِ
كـافـور أشـرف منكَ لن iiترعاني
حـيـث  الـخليج إلى ربى تطوانِ
حـتـى  جنوب الكون في iiالسودانِ
لا  هـمّ فـيهِ سوى العذاب iiالجاني
نـطـقتْ مطالعها شذا iiالرحمان(3)
حـقـدٌ  عـلـى حقدٍ أتى من iiثاني
والـجـهـل بـثَّ الـسمَّ iiللأوطانِ
رفـعـوا الـتـفرّقَ راية iiالعرجانٍِ
حـيـث  الـضمير يزلزلُ الحَدثانِ
أيـنَ  الـتـأنّـي في دُنا iiالشيطانِ
تـلك  الحمامةعن بني iiالإنسان؟(4)
(غـطَـفان)من(عبسٍ)ومن(ذبيانِ)
مـن بـيـنـنـا لِـتشبّ iiكالنيرانِ
وتـعـصّـبٍ بـمـدارِكِ iiالجُهلان
لـيـصـدَّ رِدّةَ كـافـر iiالأديـان؟
مـا قـلتَ بالفاروقِ... بالشيخانِ...
قـلّ يـا عـليّ شهادةً من iiثاني(5)
قـلْ  حـسـبنا حقداً على iiالأوطانِ
بـيـضـاء  فـتـحك مكّة الإيمانِ
نـادى(صـلاح  iiالـدين)بالفرسان؟
زهـراء تـحـمـل رايةَ iiالرحمانِ
صـدّوا فـلـولَ (فِرَنجَ iiوالجرمانِ)
بـخـنـاجـر الـجُهلاء والعُبدانِ؟
سـيـنـال  مـنـه هدية iiالشيطانِ
مـاذا أُداوي؟مـهـجـتـي بسِناني
إنّـا نـسـيـنـا(أحـمداً) iiبزماني
عـنـد إلإلـه تـرّفّـق الإحـسانِ
تـلـقـى الإلـه،ولـم يذبْ iiإيماني
لا فـي الـعـراق ولا رُبـى لبنانِ
لا فـي الـربـاطِ شـقيقة iiالقِرْوانِ
فـي بـدءِ قـرنٍ نـاضج iiالبركانِ
واسـتـخـدمـوا الـشبّانَ iiللنيرانِ
وتـفـنّـنـوا بـالـبيع iiوالشريانِ
وعروس(أحمد) غُرِّرت من ثاني(6)
حـمـلـتْ بـي الآفـاق iiللأحزان
كـيـف  الـنـهوض لأمّّةِ iiالعدنان
تـبـكـي  الحياة علىبني iiالإنسانِ
يـسـعـى  بـنـا موتاً بكلّ iiمكانِ
*               *               ii*
حـتـى  احـتَـرفتم غدرنا بثواني
بالله  أنـشـرُ سـورة iiالـرحـمانِ
بـمـحـاكم التفتيش iiكالإسباني(7)
مـن  بـطـشهم فغدرتني من iiثاني
لـكـنّ  غـدركَ تـائـه iiالأركانِ!
سـيُـسـطـرون قصيدةَ iiالنسيان؟
أذهـانـنـا ما جاء في iiقرآني(8)؟
لا  بُـدّ مـن يـومٍ يـخيب iiالجاني
أو قـادمٍ كـي يُـسـتـردَّ كـياني
راِيـايـتـنـا  بـالـحق iiللإنسانِ
بـالـصـبـر  والأشجان iiوالإيمانِ
وبـعـرضـه وبـعـمـقه ناجاني
*               *               ii*
أبـعـادُ  مـسـلـكـها بكلّ هوانِ
واللهُ يـعـلـمُ كـم تُـرى iiسنعاني
دمـعـاً  تـرقـرقَ جارحاً iiأجفاني
أسـتَـغـفـريـنَ لجيلنا من ثاني؟
وامـضـوا بـقـلبٍ ثابتِ iiالإيمانِ

              

(1)بيتٌ لأبي العلاء: هذا جناهُ أبي عليّ وما جنبت على أحد. وأقول: هذا جناه أبي علي وقد جنيتُ على ثلاث.

(2) كان حوارنا مع الأوربيين في سنوات السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن الماضي يدور حول الإسلام والرأسمالية، الإسلام والماركسية، الإسلام والغرب، سحر الإسلام...ومنذ عام 1988 إلى الآن: الإسلام والحجاب فقط...فكان الصراع الفكري بيننا وبينهم وأصبح الصراع الفكري بيننا وبين انفسنا...

(3) إنّ الله عزَّ وجلّ، لم يكتب على نفسه سوى الرحمة، ولم يكتب على نفسه،جلّ من كتب، شدّة العقاب.

(4) أبَكَتْ تلكُم الحمامة أم غنّت على فرع غصنها الميّاد؟ (المعرّي).

(5) بينما كان عمرٌ (رض) يلفظ أنفاسه الأخيرة، قال علي كرّم الله وجهه: لقد أتعبَ عمرٌ مَن بعده.

(6) كناية عن مخاطبة علي(رض) لطلحة(رض) في بداية وقعة الجمل، قائلاً: ياطلحة جئتَ بعرس رسول الله (ص) وتركت عرسك في البيت؟

(7) حينَ أخرِج العرب من إسبانيا من قِبلِ الكنيسة الكاثوليكية، وضِع اليهود أمام خيارات ثلاث: إمّا الموت وأما اعتناق الكاثوليكية وإما النزوح عن الأندلس، فاختار أكثرهم النزوح إلى البلدان العربية المواجِهة، ولم يلقوا سوى حسن الاستقبال، ويشهد على ذلك المؤرخون اليهود...

(8) فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفاً (الإسراء 104)