إلى روح الزميل الدكتور عبد السلام العجيلي

د. محمود حسين صارم

إلى روح الزميل الدكتور

عبد السلام العجيلي

د. محمود حسين صارم

في العام الذي قضيته في سجن عدرا توفي الزميل الدكتور عبد السلام العجيلي في ربيع 2006 فجادت القريحة بالقصيدة التالية:

إلى روح الزميل الدكتور عبد السلام العجيلي

طلع الصباح على ضفاف الوادي
فـتأوهت  في الضفتين iiزهورها
وبكت  عليه وأزرفت قطر الندى
ثـكل  الأمومة في بلادي iiمواسم
*              *             ii*
عـشـق الـربيع بلادنا وعنادلا
وأنـا  عـشقت رسالة iiوحضارة
وهـنـا شـبـابي عشته iiمتألما
سـنـيـة شـيـعـية يا iiويلهم
أنـا  لا أنـادي إذ أنادي iiطوائفا
مـثـل الـربيع أمية جاءت هنا
ملأت شعوب الأرض فتحا iiعادلا
فـهـنـاك في غرناطة iiأمجادهم
*              *             ii*
هل  أنت تذكر يا عجيلي iiقصيدة
أعـددتـها في غربتي أرثي iiبها
كـم  مـرة زرنـاه نفضي iiهمنا
هـزل هـنـا نكت هناك iiوربما
تـلـك  الأحـاديث التي iiحدثتها
نـادي الـنـقابة والأطبا iiحولكم
فـي  الفكر في التاريخ في آدابنا
بـدويـنـا حـدثتَ عن iiتشريده
وشـفيق  جبري في معارضة iiله
بـدويـنـا  طـود أشـم iiبعبقر
كالشمس في أدب العروبة iiساطع
لـلـشـعر موسيقى ولحن iiخالد
لا تـهـدموا نغم الخليل iiفشعرنا
*              *             ii*
لـيـس الزمان هو العدو iiلأمتي
جـاؤوا بـفـكر مسرف iiوعقائد
تـهموا  الأوائل من ذوائب أمتي
جـولاننا ودعوه في أيدي iiالعدى
أمـا  فـلـسـطين التي حررتم
*              *             ii*
ارحـل أبـا بـشـر فإنا iiهاهنا
سـنـعـبد أمجاد الرسالة iiبالإخا
فـمـن الفرات إلى فرات iiجنانه





































مـتـسـائلا عن عندليه iiالشادي
عـبـقـا  وفاح به ربيع iiبلادي
كـالأم  تـبـكـي فـلذة الأكباد
تـأنـي مـع الطاغوت iiوالجلاد
*              *             ii*
عشق  العجيلي حواضرا iiوبوادي
مـن شـامنا انطلقت ومن iiبغداد
صـمـتـا  لـفرقة أمة iiالأمجاد
يـوم الـلقاء مع الرسول iiالهادي
فـي الـرافدين بل العقول أنادي
بـرسـالـة وحـضارة iiومبادي
لا  صـنو في التاريخ للأجداد 1
تـروي  تـسـامحهم ليوم iiمعاد
*              *             ii*
هـنـأت  في التصوير والإعداد
أنـزور  زيـن شبابنا الرواد ii2
والـمرتضى  للكل بالمرصاد ii3
يـصـطـادنـا كالماهر iiالصياد
كـانـت  وكنت بنا أمير iiالنادي
ورؤاكـمُ تـغـنـي عن الإستاد
وسـيـاسـة  التخوين iiوالأحقاد
وعن  البحيرة والزمان العادي ii4
قـرت  جواهر في تراث iiالضاد
شمخت  ذراه على ذرى iiالأطواد
إن يـبـدُ يـخبُ كل نجم iiبادي
كـالـعـطر  في ريحانه iiووراد
ديـوانـنـا الـمـنـشود للآباد
*              *             ii*
بـل ثـلـة الـحـكام من iiقواد
هـدامـة ومـمـارسـات iiفساد
بـخـيـانـة وعـمالة iiالأوغاد
والـشـعـب ذلـوه بـلقمة زاد
لـلـهـود خـلـوها بيوم iiسواد
*              *             ii*
جـنـد الـرسالة والبني iiالهادي
بـالـعـدل  بالإحسان iiبالإرشاد
فـي صـحـبة الأخيار iiوالأنداد

              

هوامش:

1 ـ في البيت الحادي عشر: لا صنو في التاريخ.. قال الأديب والمفكر غوستاف ليبون وزير الثقافة الفرنسية في الثلاثينات من القرن العشرين: ما عرف التاريخ فاتحا أرحم من العرب.

2 ـ أنـزور: هـو المحـامي محمــد أنـزور ابـن أخ الشـهـيد جــواد أنـزور الـذي حـرر تـل العـزيزيات فـي حـرب عام 48. وللدكتور العجيلي رواية "السيف والتابوت" تحكي قصة هذا الشهيد البطل. وتوفى الصديق محمد أنزور أثناء غربتي الثانية في الأرجنتين. وعندما عدت بعد ثلاث سنوات لقيني الدكتور العجيلي، وهنأني بالقصيدة التي كنت قد أرسلتها في ذكرى مرور أربعين يوما على وفاة المحامي أنزور.

3 ـ المرتضى: هو الزميل الدكتور عبد الغني مرتضى، صديق وأخ غال وعزيز، عشنا سوية في الرقة لمدة أكثر من ربع قرن.

4 ـ بدوينا: هو الشاعر العملاق محمد سليمان الأحمد المعروف ببدوي الجبل. ومما حدثني عنه الدكتور العجيلي، أن حكومة الجمهورية العربية المتحدة، كانت قد صادرت جواز سفر البدوي ولم يعط َ له بديلا إلا بعد الانفصال عندما أصبح الدكتور العجيلي وزيرا للخارجية وللثقافة. ومن المعلوم أن البدوي ظل وزيرا في حكومة فارس الخوري الوطنية منذ عام1954 حتى عام 1956.. وبسبب أحداث سياسية على الساحة الوطنية والعربية، تشرد مع صفوة من إخوانه بين بيروت والآستانة وروما وفيينا وجنيف. وقد حدثنا العجيلي عن رائعة البدوي "البلبل الغريب" التي نظمها في فيينا وبث فيها حنانه لحفيده محمد، والتي مطلعها:

سل الجمر هل غالى وجن وعذبا       كفرت به حتى يشوق ويعذبا

وأثارت القصيدة الشاعر الكبير شفيق جبري، فأرسل للبدوي رائعته "بلابل دوح". ومطلعها:

سل الشام من غنى حماها فأطربا       ومن راح يسقيها الشراب المطيبا

فرد البدوي تحية جبري برائعته "حنين الغريب"، ومطلعها:

وفاء كمزن الغوطتين كريم       وحب كنعماء الشآم قديم

وشعر كآفاق السماء تبرجت    شموس على أنغامه ونجوم

يلم شفيق كوكبا بعد كوكب     ونسق منها العقد فهو نظيم

 أما القصيدة التالية فكانت أول قصيدة جادت بها القريحة في سجن عدرا وقد جاءت، هي وقصيدة راعياه القرآن والإنجيل، بعد المسيرات التي حشدها النظام ضد تقرير ميلتس. ولكن هذه القصيدة تختلف عن أختها لأنها جاءت بيانا سياسيا؛ وقد أرسلتها بواسطة إدارة السجن إلى السيد قاضي التحقيق في محكمة أمن الدولة الأستاذ حبيب نجمة، ورجوته أن يضيف ما ورد فيها من معاني إلى مجمل التهم التي كان قد وجهها لي لأنها كلها تندرج تحت، باب: حرية الرأي.

فيا شام العروبة حدثيني

حمى الله العروبة من iiعداها
فـبـعث  الرافدين يتيه iiقتلا
فـيـا  شام العروبة iiحدثيني
فـهل عززت وحدتنا iiبصدق
وهل حاسبت من عاثوا فسادا
ومـن كنز الدراهم في iiبنوك
أعـوذ بـه إذا ضلت iiعقول
سـتـحرقنا  وتقسمنا iiبطونا
فدفع  الظلم من خمسين iiعاما
وإصـلاح  يقود إلى iiالتآخي










ومـن طـغيان بعثيها حماها
وبـعث الشام بالتضليل iiتاها
إذا دارتْ هنا حربٌ رحاها ؟
وصنتينا  بعدل لا يضاهى ii؟
بدنيا الشام وامتصوا دماها ii؟
مـلاييرا  من اليور سباها ii؟
وقـادتـنا إلى حرب iiرحاها
كما  صهيون تبغي أن iiتراها
سيدفع عنها ما صنعت iiيداها
سيسحق كل من عادى iiحماها

سجن عدرا في أواخر العام 2005.