كفى عتبا
يحيى السَّماوي
رُوَيْدَك ِ ... لا الملامُ ... ولا العِتابُ
يُعادُ بِهِ إذا سُكِب َ الشرابُ
فليسَ بمُزْهِر ٍ صَخرا ً نميرٌ
وليسَ بمُعْشِبٍ رَمْلا ً سَرابُ
عَقَدْتُ على اليَبابِ طِماحَ صَحْني
فجادَ عليَّ بالسّغَبِ اليَبابُ
وجَيشْتُ الأماني دون خطو ٍ
فشاخ َ الدَّرْبُ واكتَهَلَ الإيابُ
ولمّا شكَّ بيْ جَسَدي وكادت ْ
تعَيِّرُني اللذائِذ ُ والرِّغابُ
عَزَمْتُ على المجونِِ وَرَغَّبَتني
بهِ أنثى ... ودانِيَة ٌ رِطابُ
صَرَختُ بها : ألا يا نفسُ تبّا ً
أتالي العُمر ِ فاحشة ٌ وعاب ًُ؟(1)
وكنتُ خَبَرْتُ بِدْءَ صِبا ً جنوحا ً
إلى فرَح ٍ نِهايَته ُُ اكتِئاب ُ
وجَرَّبتُ اللذاذة َ في كؤوس ٍ
تَدُورُ بها الغواني والكِعابُ(2)
وأوْتار ٍ إذا عُزِفتْ تناسّتْ
رَزانتها الأصابِعُ والرِّقاب ُ
فما طرَدَتْ همومَ الروح ِ راحٌ
ولا روّى ظميءَ هوىً رُضابُ
حَرَثتُ بأضلعي بستانَ طيْش ٍ
تَماهى فيه لي ْنفرٌ صَحاب ُ
فلمْ تنبُتْ سوى أشجار ِ وهْم ٍ
دَواليها مُخادِعَة ٌ كِذابُ
أفقتُ على قصور الحلم ِأقوتْ
فمملكتي النَدامَة ُ والخرابُ(3)
وقرَّبَ مِنْ سلاسِلِهِ عقابٌ
وباعَدَ مِنْ جَنائِنِه ِ ثوابُ
فجئتكِ مسْتميحا ً عفوَ قلب ٍ
لهُ في الحُبِّ صِدْق ٌ لا يُشابُ(4)
كفى عَتبا ً فإنَّ كثيرَ عُتبى
وطولَ ملامَة ٍ ظفرٌ ونابُ
صَبَرْتُ على قذى الأيام ألويْ
بها حيْنا ً... وتلويني الصِّعابُ
أُناطِحُ مُسْتبِدَّ الدَّهْر ِ.. حتى
تحَطمَ فوق صخرَتِهِ الشبابُ
رُوَيْدَك ما لزهرائي استحمّتْ
بنهر ظنونها وأنا الصّوابُ ؟
كلانا فيهِ من حُزن ٍ سهولٌ
وأوْدية ٌ ومن ضجَر ٍ هضابُ
فإنَّ المرءَ راع ٍ ... والأماني
ظِباءٌ ... والمقاديرَ الذئابُ
* ابيات من قصيدة طويلة بعنوان " جبل الوقار "
(1) تالي العمر : أواخره ... العاب : العيب
(2)الكعاب : جمع كاعب : المرأة شمخ نهدها وانتصب
(3)أقوت : هوت ، إندرست
(4) لا يشاب : لا يقربه الشك