فكيف لعمر الله تحصرنا مصر؟
23كانون22010
الطاهر إبراهيم
الطاهر إبراهيم *
إذا ضـاقـت النفس الأبية فـغـزةَ ضاقت وهي أصلا صغيرةٌ جـيـاعـاً يمرّ اليوم واليومُ لم يرَوا حـفـاةً عـراةً لـيس مأوىً يكنّهم ولـو أن كـلـبا مات جوعا لندّدت ولـكـن أطـفـالا بـغـزة أمْلَقوا وإخـوانـنـا الأعراب قصّر رِفْدُهم تـرى بـعـضَهم إن مدّ بالبذل كفّه يـراقـب أمـريكا فإن أبصرت به فـيـقـبض أصحابُ اليسار يمينَهم يـخـافـون أمـريكا وينسون ربّهم وكـم جـارَ جارٌ ما رعى حقّ جيرةٍ كـلـوا واشـربـوا إما نسيتم أحبةً لـجـأنـا إلـى الأَنفاق نحفر منْفَذا وحـتـى طريق الحفر جابوا أمامَه كـأنـي بـهـم قالوا لمليون جائعٍ سـنلبس ثوب العريِ نجترّ جوعَنا نـبـيـت بلا مأوى وفرشتنا الثرى ونـشـرب مـن مـاء تغير طعمه نـجـوع ونـعرى الدهرَ لكن بعزةٍ سـنـشـكو إلى الرحمن قسوة أهلنا تـحـاول إسـرائيل كسر شموخنا فـلـسـنـا من القوم الذين تروقهم ولا نـقـبـل العيش الذليل استكانة وفـي رفـحٍ كـم طال وقت وقوفنا فـلا رحـمت مصرٌ ولا تركت يداً "جـلاوي" أتـى عبر البحار شهامة أيـسـعـفنا "جورجٌ" وليس بيعربٍ وقد قيل في الأمثال إن سدْت لا تجرْ فـمـا بـال أخـوانٍ لـنا يخذلوننا يـقـولـون أعـطينا فلسطين حقها ولـو أنهم أعطوا الملايين لم تضع ولـو أنقصوا الأبراج برجا وأنفقوا بـلـى بعضهم يزجي الملايين إنما حـلالٌ ل"عـبـاسٍ" ومـن لفّ لفّه وقـد خـذلـونـا دولـة بعد دولة فـمـعـتـدلٍ كم قال هيا فصالحوا رضـيـنـا وقـلنا: اتركونا وشأننا فـنـحـن لها، إن كان نصر كفيتمُ صـبرنا على حصر اليهود فلم نهن | والصدرُفقد ضاق عن أجسادنا السهل والوعرُ فكيف إذا ما اشتد في أهلها والحصر طعاما وقد يمضي على ذلك الشهر؟ عـن الـناس قد آواهم البرد والحرّ جـمـاعاتُ رفقٍ بالبهيمة، والخُضْرُ ولـيـس لـهـم إلا التحسّر والقهْر بـأن يـصلَ الأيتام من مالهم خيرُ لإطـعام من قد عضه الجوع والفقر فـيـرْجـف كالعصفور بلله القطر عن البذل لا بخلاً بل الخوف والذعر ويـنـسون أن العيش من بعده القبر بـرفـدٍ كـأن القلب يعمره الصخر نـسـيـتـم بأن الجوع يتبعه الكفر يـمـرّ بـه من بعض حاجاتنا نذْر جـدارا مـن الـفولاذ فامتنع الحفر سنوصد باب الرزق عنكم فلن تقروا ونـفـترش الحصباءَ إن لزم الأمر وأمـا لـحـاف النوم فالبرد والحر فـمـا لـنا من نهر وقد جفت البئر نـمـوت ونـحيى لا يلين لنا ظهر ولـكـن سيبقى فوق هاماتنا النصر ولـكـن مـا تـبغيه يرفضه الحر لـعـاعةُ عيش طعمها الذل والقهر ولـو وٌضعت فوق السيوف لنا نحْر لـدى الـباب مقفولا وقد نفد الصبر تداويَ مصدورا وقد حشرج الصدر فـلـم يـثـنـه برٌ ولم يثنه البحر ويـخـذلـنـا "زيد" يؤازره "عمرو" فـإن ضـعاف القوم يغريهمُ الجور وقـد كـان حـقا في رقابهمُ النصر فـكـيف إذنْ والناس أوجعهم عسْر بـلايـيـنهم، بل كان منها لهم ذخر تـكـالـيـفه ما كان جوع ولا فقر لـمـلء جيوب المتخمين، ولا فخرُ حـرامٌ على الأيتام أن يهطل القطر فـكـلـهـمُ لا يـستقيم بهم أمـر ومـن مانعوا ما كان في منعهم خير نـمـوت ونـحيا لا يضركمُ الضر وإن كانت الأخرى فقد وضح العذر فـكـيف لعمر الله تحصرنا مصر؟ |
* كاتب سوري معارض يعيش في المنفى.