بكاء على منبر الشعر
طالب هماش
بكى شاعرُ اليأس حين
رأى السامعينَ إلى حزنهِ ناظرينْ !
رأى فقراءَ من الناسِ
يستعطفونَ القرائينَ
في صوتهِ المستغيثِ بيأسٍ طعينْ !
كأنَّ الحنينَ الغريبَ إلى الموتِ
يعمي بصيرتهم ،
ويزايلُ أعينهم في الهزالِ الحزينْ !!
رأى راهباً يتكبّدُ أوجاعهُ
في الأناجيلِ
وامرأة ًتكتمُ الريحَ في روحها ،
وتشقُّ بقلبٍ جريح
سويداء أحزانها
ورأى في الوجوه ملائكة طيبين .
يميلون ذات البكاء وذات اليمين !
رأهم فغيض َبهِ الحزنُ
حتى استفاضَ
فخاطبهم :
يا مساكين ليلي المسنّين ،
أشباه نفسي اليتيمة في العالمين !
ألا أمهلوني قليلا
لتشعلني الريحُ بالحسرات !
فراحوا ينوحونَ في رحم ِالليل
كالخاطئينْ !
أيا قارئَ الشعرِ إقرأ لنا من لدنكَ
مباك ومواويلَ
أو ما يعينُ على الموتِ
إن الغيومَ الكليمة
-حاملةَ الحزنِ -
تملأُ أوجاعنا بالأنينْ !
سمعناكَ تبكي فجئناكَ
نحملُ ناياتنا كالرعاةِ
فرتّلْ علينا بما تستطيعُ من الحزنِ
بعض مراثيك
كي نتحمّلَ هذا الشقاءْ !
فأغمضَ عينيهِ يبكي
على أجملِ الكلمات ِالتي قالها في الرثاءْ .
وأوغلَ في وحشة ِالصمت
كي يتبيّنَ مصدرَ هذا الحداء ْ .
هناك َرأى نفسه جالساً كمسيح ٍعلى قبرهِ
فتألّمَ فوق صليبِ العذاباتِِ
حتى اشتهته ُالعيونُ الحزينةُ
بالدمعاتِِ
وغصّتْ نفوس ُالبكاءْ !
هناك رأى المريمات ِ
يحدّبن َأجسادهنَّ على جثةِ الأرض
والريحُ تنسل ُمن أرحامهنَّ خيوطَ الزبدْ .
فهام َعلى حزنه وزهَدْ .
وحيَن استفاضَ به الشعرُ
وامتلأتْ نفسهُ بالغناءْ
وحدّقَ في الجالسينَ
ليتلو عليهم مزاميرهُ
لم يجدْ في الكراسي أحدْ
سوى أوجهٍ ميتةٍ ،
وتماثيل متروكة للبكاء ْ !
وفي الأفق عينٌ مقدّسةٌ
تتوسّطُ راحة َيدْ