الهاتف
الهاتف[1]
د. محمد علي الرباوي
رحل الأصدقاء واحد واحدا وبقيت أرقام هواتفهم بهاتفي ما استطعت محوها . إلى روح الشاعر والعلامة فريد الأنصاري وإلى أرواح الأصدقاء الذين رحلوا قبله
u
مَا زَالَتْ يَا رَبَّاوِي أَقْدَامُكَ فِي هَذَا الْغِـيسِ تَسُوخُ.كَأَنِّي بِكَ لاَ تُبْـصِرُ فِي هَذَا الْحَيَّ الْمَسْكُونِ بِأَنْفَاسِ الصَّحْرَا فَرَساً مُسْرَجَةً تَلْتَهِمُ الأَرْضَ حَوَافِرُهَا ﭐلسَّبْعَةُ.تـَدْنُو مِنْ هَذَا الْبَابِ الْمُغْلَقِ. يَفْتَحُهُ مَنْ جُمِعَتْ كُلُّ حَقَائِبِهِ وَأعَدَّ قَلِيلاً مِنْ زَادِ الرِّحْلَـةِ. مَاذَا أَعْـدَدْتَ أَيَا أَنْتَ وَ أَنْتَ تُطِلُّ عَلَى الْفَلَوَاتِ السِّتِّينَ لِرحْلَتِكَ الْمُرْتَقَبَهْ
مَاذَا أَعْدَدْتَ أَيَا أَنْتْ؟
مَاذَا أَعْدَدْتْ؟
v
يَاصَاحِبِيَ الأَمْرَانِي.. أُوصِيكَ، إِذَا مَـسَّتْ قَدَمَايَ رِكَابَيْ هَذِي الْفَرَسِ الشَّهْبَاءِ فَدَثِّرْنِي بِقَصِيدَةِ دَمْعٍ تَغْسِلُنِي وتُطَهِّرُنِي مِنْ صَحْرَائِي
w
أنْتَ بِهَذِي الْمَقْهَى، فِي هَذَا الصُّبْـحِ الشَّارِدِ، يَشْـرَبُ عُمْرَكَ هَذَا الْكُرْسِـيُّ الْمُغْبَرُّ، وَهَذِي الطَّاوِلةُ ﭐلْمُبْتَلَّةُ بِالشَّجَنِ الْغَامِقِ.يَقْطِفُ فِنْجَانُ القَهْوَةِ مِنْ هَذَا العُمْرِ ﭐلْمَعْدُودِ النَّرْجِسَ وَالسَّوْسَنَ، تَنْشُرُ عَيْنَيْكَ بَعِيداً عَنْ هَيْكَلِكَ ﭐلعَظْمِي، تَرْتَطِمُ العَيْنَانِ بِجِلْبَابٍ،قَلِقاً يَدْخُلُ.أَوْ جِلْبَابٍ، مُكْتَئِباً يَخْرُجُ. أَوْ جِلْبَابٍ يَقعُـدُ قُـدَّامَكَ مُخْتَبِِئاً فِي كَلِمَاتٍ غَابَاتٍ مُتَقَاطِعَةٍ. يَسْترْجِعُ قَلبُكَ بَعْضَ جَدَاوِلِِهِ ﭐلْبَيْضَاءِ فَتَخْضَـرُّ الأَشْجَارُ وَيَحْضُرُ عَبْدُ اللَّهِ" عَبْــدَ اللهِ ! آهَاتٌ مَرَّتْ..لَمْ أرَ وَجْهَكَ.. مَرَّتْ لَمْ أَمْسَحْ حُزْنَـكَ.. لَمْ أَسْمَعْ صَوْتَكَ".عَبْدُ اللهِ يَحْضُرُ فِي قَلْبِكَ.تَسْتَسْلِمُ لِِلشِّعْرِ ﭐلسَّارِحِ في صَدْرِكَ.تَحْضُنُ كَفُّكَ فِي أَلَمٍ أَوْ فَرَحٍ هاتِفَــكَ ﭐلْمَحْمُولَ.يُلاَعِبُ كُلَّ مَلاَمِسِهِ الْهَشَّةِ إبْهَامُـكَ.تَفْـتَحُ خَطَّ خَلِيلِكَ عَبْدِ اللهِ.تُصْغِي..تُصْغِي..كَالطِّفْلِ السَّابِحِ فِي رَيْعَانِ الْحُلْمِ إِلَى رَنَّاتِ الْهاتِفِ. تُصْغِي..تُصْغِي..مُدَّة آهٍ أَوْ آهَيْنْ
تُصْغِي..تُصْغِي..
........................
لاَ رَدّْ!..
يَنْفَتِحُ الْخَطُّ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَانِ
يَدُقُ الْقَلْبُ عَلَى خَفَقَانِ الْهَاتِفِ
تُصْغِي..
..............
لاَ رَدّْ !..
تَطْلُبُ عَبْدَ الْجَبَّارْ..
...........
لاَ رَدّْ !...
عَبْدَ الْغَفَّارْ..
.........
لاَ رَدّْ !..
كُلُّ عَبِيدِ الله
هَلْ رَكِبُوا ؟!..
هَلْ رَحَلُوا؟!
......................................
فِي رَمْشَةِ عَيْنٍ يَنْقَشِعُ النَّقْعُ فَتَخْطُرُ أَنْتَ بِبَالِ صِحَابِكَ مَنْ حَطَّكَ فِي عَيْنَهِ وَأَطْبَقَ جَفْنَيْهِ قَدْ يَتَذَكَّرُ رَسْمَكَ أَوْ اِسْمَكَ أَوْ رَقمَكَ..
فَيَرِنُّ الْهَاتِفُ
فِي زَاوِيَة مُعْتِمَةٍ مِنْ مَكْتَبَتِكْ.
سَيَرِنُّ..يَرِنُّ
يَئِنُّ.. يَئِنُّ..يَرِنُّ
يَرِنّْ..رِنْ..رِنْ..رِنْ
حَتَّى يُدْرِكَ هَذِي الرَّنَّاتِ الأَنَّاتِ
صَبَاحٌ شَارِدْ.
[1]- أناشيد على مقام الصبا